مشاهد مصرية

بقلم: أماني موسى
- المشهد الأول:
يأتي صباح يوم جديد، يستيقظ الجميع، يتعاركون على تلبية نداء الطبيعة، يستعد الأولاد للذهاب لمدارسهم وبدء رحلة الغباء، يستعد الأب للذهاب لشغله وبدء رحلة الكفاح، تستعد الأم للتنظيف والطبيخ والشراء وكل ما يحتاجه البيت واللي فيه، وبينما الجميع يستعد لأداء مهامه يتهرب الجميع أيضًا من مهمة طابور العيش، فإذ بالأم تدلل ابنها ليتبرع بإمضاء الموافقة على إحضار العيش ولكن دون جدوى، فتذهب لابنتها تستجدي عطفها علّها توافق ولكن دون جدوى أيضًا. لم يتبقى أمام الأم سوى رب الأسرة مثال التضحية فتذهب إليه تطلب منه التبرع بشراء العيش تارة بالترغيب وتارة أخرى بالتهديد والوعيد بحرمانه من الطعام!!
ينظر الأب شذرًا لزوجته متمتمًا في سره ببعض العبارات الغير مفهومة ثم يجمع أولاده ويقبل كلاً منهم ويكتب وصيته وينزل وحده لمواجهة مصيره مع الرغيف والطابور!!

- المشهد الثاني:
ينزل المواطن لعمله فيركب مترو الأنفاق أو الأتوبيس وبينما هو سارح بهمومه ومشاكل يومه تهبط عليه السماء بعشرات الحالات المأساوية التي تثير الحزن من حروق ومرض وقطع أطراف وفقر مدقع وأولاد شوارع ليشعر بعدها أن الحياة سودا ويذهب للكورنيش متفكرًا بالتخلص من هذه الحياة!!

- المشهد الثالث:
يفتح المواطن التلفزيون ليحصل على بعض التسلية وبينما هو يتابع الإعلانات الممزوجة بفواصل صغيرة من الأفلام والمسلسلات يجد إعلان دائم ومستديم حول الاهتمام بالسكك الحديد والمليارات المصروفة للعناية بها لتوفير الراحة للمواطن البائس. ويفرح المواطن بذلك الاهتمام من قِبل المسئولين لراحته وتطوير السكك الحديد، وبينما هو يقلب القنوات (لأنه حفظ الإعلان عن ظهر قلب وكبد وطحال) يجد صور مفجعة لحادث تصادم قطارين وارتفاع عدد الضحايا!!

- المشهد الرابع:
تنتشر مظاهر الفضيلة والورع بالشارع المصري ليلاً نهارًا ويحصل الشعب المصري على أعلى نسبة تدين بين شعوب المنطقة العربية وعلى الجانب الآخر تنتشر التحرشات والسرقة والفساد, فهذه نقرة وتلك نقرة!!

- المشهد الخامس:
يتطاحن الشعب في مناطق مختلفة من البلاد تحت دافع ديني وتحدث خسائر مادية ومعنوية وأيضًا في الأرواح، وتشتعل النيران في النفوس لتستمر دوائر الانتقام اللا متناهية, ولا يزال المشهد مستمر ليظهر المسئول ويقول بالفم المليان الأمر تحت السيطرة والوضع مستتب، ودائمًا وأبدًا تظل الحوادث الطائفية تنهش في جسد الوطن وتظل تصريحات المسئولين كله تمام!!
وهذا تتعدد المشاهد وتتكرر دونما انتهاء!!