بقلم: أدولف موسى
أريد التحدث في مقالتي هذه عن إمكانية وجود مجتمع إنسانى ما –لا أريد تحديد هويته– قد فقد هويته الإنسانية عن طريق رفض الحضارة التي نعيش فيها وقرر أن يعود إلى قرون التخلف بمحض إرادته. وكما أكرر في كل مقالة لي وأعيد التكرار دائمًا، إني لا أريد يومًا من الأيام أن أدخل في مناقشة عن صحة او عدم صحة أي عقيدة سماوية أو أخرى ما يدعي البعض أنها سماوية أو حتى إن كانت عقيدة آتيه من الجحيم إن التحدث عن شيء مجهول الهوية لا يهمني على الإطلاق، فليؤمن كل إنسان بما يريد ولكن إن أراد أحدًا بإيمانه -حتى وإن كان إيمانًا عظيمًا- أن يجبرني على اتباع هذا الإيمان فهذا يعني فقط أنه لا يمتلك قدرة الإقناع ويُفَضِل اتباع مبدأ العنف لعقم ذهنه الفكري، وهذا يعني بالتبعية أن هذا الذي يؤمن به شيء جاهل ليس له أي حُجَّه أو أي مصداقية إقناع تتماشى مع العقل البشرى. إذًا -في نظري- يَحْكُم هذا الإيمان على نفسه بالفشل قبل أن يعرض تعاليمه على أي إنسان له عقل.
أفظع من ذلك عندما نجد إيمانًا ما يدعي على نفسه أنه أيمانًا سماويًا ولكنه يحث تابعيه على استعمال طرق غير حضارية التي تصل إلى درجة استعمال العنف، القتل، قطع الألسن، التعذيب حتى الوصول لقطع الرقاب فقط لإجبار الآخرين من الناس على إتباعه!
وسؤالى هو: هل هناك في عالمنا الحالي مجتمع ما بهذه الخاصيه؟ فأترك كل قارئ يجيب بنفسه على هذا السؤال.
وما يُكْمِل التخلف بالبشاعة هو إمكانية وجود سلوك تابعي هذا المدعو إيمان سماوي والذي يُظْهِروا دائمًا للآخرين أنهم ليسو إلا قطيع من الجهلة وإلا لن يختاروا أن يسلكوا هذا الطريق بهذه الطريقة الغوغائية والغير حضارية التي يوضحون بها لكل من احتك بهم أنهم ليسو أكثر من غوغاء مملوؤن بالكراهية للحياة وميولهم غير محدودة للعنف الذي لا يصلح إلا للتخريب فقط. أهم بسلوكهم هذا أيضًا وفقط عندما يفتحوا الفم لعرض فكر عقيدتهم يرفض كل إنسان ذو حضارة أن يسمع لهم ويرفض أيضًا كل ما تحث عليه هذه العقيدة من البداية لأنه لا يريد أخذ شيء يُدَعي أنه أخلاقي مِن مَن إرهابي ليس له أخلاق.
سمعت من أناسًا كثيرين من تابعي هذه العقيدة التي افترضها لا يزالون يعيشون في بلادهم والبعض الآخر ترك هذه البلاد بعد أن دمرها سلوكهم وذهب إلى بلاد أخرى فيها الحضارة ليسممونها كما سمموا بلادهم، إنهم يتحدثوا على أنهم قد نجحوا في أن يبثوا الرعب في العالم كله. والغريب أن هؤلاء عندما يقولوا هذا يقولونه بطريقة الفخر وكأنهم قد وصلوا إلى المريخ ولكن ليس عن طريق سفينة فضاء بل راكبين على ما اخترعته لهم عقيدتهم. أي نوع من الفخر يمكن أن يكون بهذا الغباء؟
وأنا أسأل كل من له عقل سؤالاً واحدًا: هل يمكن لأي إنسان له حضارة أو كما يدعي على نفسه أنه من أفضل الخلق ويتبع أشرف عقيدة أن يفتخر بنفسه ككونه إرهابي تخاف منه كل البشريه؟ إنني حتى عندما أريد أن أدَّعي على نفسي أنني من الأعلَون -كما يدعي لهم إيمانهم- لا بد أن يكون لي عمل ملموس ومنظور أفتخر به وأثبت به للعالم كله صحة ما أدعيه.
فلنسأل هؤلاء الذين يدعون أنهم أشرف وأحسن أمّة على ما وَصَلوا إليه من حضارة أو أي شيئًا آخر يعطي لهم حق الافتخار؟ على ماذا يحتكمون؟ من أين تأتي لهم لقمة العيش؟ ماذا ينتجون بجانب الأعداد الرهيبة من أطفال الشوارع والبؤس في بلادهم التي خاصمت الحضارة إلى الأبد؟ كيف يفيدون الإنسانية؟ ما هو محور إيمانهم وعلى ماذا يرتكز؟
لو أردت أنا شخصيًا أن أجيب على هذه الأسئلة إجابة بمصداقيه أقول بكل بساطه أنه ليس لهم شيئًا واحدًا له خاصية إفادة البشرية يستطيع أي إنسان ذو حضاره أن يفتخر به، إنهم لا يحتكمون على شيء حضاري أو مادي واحد. حتى منهم البلاد التي تَحْتَكِم على الثروة الآتية عن طريق انتفاع البلاد المتحضرة لثرواتهم الطبيعية، بدون احتياج البلاد المتحضرة لهذه المواد الخام لن يكون لها قيمة، إذا وجدت البلاد المتحضرة بديل لهذه المواد الخام واستغنوا عن ما هو آتٍ من هذه البلاد لرجعوا إلى حضارة ما قبل التاريخ. بصراحة إنهم لا يحتكمون على شيء إلا على الإرهاب الذي افترس عقلياتهم، هذا إن كان لهم عقل!
دعونا نرى ماذا يُحْدِثه الإرهاب بالعالم كله قبل كل لقاء سياسي عالمي، دورة رياضية عالمية أو أي شيء عالمى آخر؟ يقع هذا البلد الذي يقوم بتنظيم هذه الدورة أو اللقاء تحت رعب لا نهائي من الإرهاب الذي يمكن أن يأتي من هؤلاء الغوغاء.
1- تبدأ الترتيبات الأمنية الرهيبة والتي يمكن الاستغناء عنها وتكلف كلٌ من هذه البلدان مبالغ طائلة.
2- مطالبة مساعدة دولية من كل بلد له خبرة في مقاومة هذا النوع من الإرهاب.
3- الرعب والفزع الآتي من كل حقير يدَّعي أنه إرهابى حتى لو كان هذا الشيء شخص تافه يقع تحت مرض عقدة نقص ويريد فقط أن يشعر أن له وزن حتى لو كان عن طريق ادعاء الإرهاب. إن أي شخصية متخلفة مِن مَن يتبعون هذه العقيده لا يحتاج إلا أن يرسل رسالة إرهاب "هبلة" مثله وكل البلد التي تُجهز لهذا العمل العالمي سوف تُصاب بالرعب.
هل هذا شيء يمكن أن يكون سبب فخر لأي إنسان عاقل؟ هل يستطيع أحدًا أن يفرح بهذا التخلف؟ بعد ذلك يأتي السؤال الأكثر تخلف من هؤلاء صاحبي النفوس البائسة والإرهابية: "لماذا يكرهنا العالم كله؟ لماذا يحارب العالم الحر كله عقيدتنا؟ لماذا لا يريد أحدًا أن يرحب بنا في بلاده؟". فليحاول كل من هؤلاء البؤساء ضعاف النفوس أن يجد الرد على هذا السؤال بنفسه.
دعونا نسأل هذا السؤال: ماذا يكون رد فعل دول العالم المتحضر عندما يحدث أي حادث إرهابي تخريبي في العالم؟ يبدأ خبراء الإرهاب في هذه الدول في البحث عن: الأسباب؟ هوية من قام بهذه العملية الإرهابية؟ أي مبدأ يتبع هذا الإرهابي؟ لكن الأهم، ماذا يريد هذا الإرهابي الوصول إليه عن طريق ما قام به؟ في السنوات الماضية عرف العالم نوعية جديدة من الإرهاب، الإرهاب الغير محدود. هذه النوعيه من الإرهاب موجهة ضد كل البشرية. نعم إن هناك نوعيات إرهاب أخرى وهي كمثال "البسك" في أسبانيا، "التاميل" في سيريلانكا، "الكاثوليك والبروتستانت" في شمال أيرلندا وآخرين. الفرق بين هؤلاء والإرهاب الآتي من المخربين الجدد عن طريق هذه العقيدة التي فرضتها، هو أن كل إرهاب من ذكرتهم له موطنه المحدد والذي لا يخرج عنه، لكن الإرهاب القائم تحت اسم العقيدة التي فرضتها ليس له حدود. فهو يحدث في الغرب ولكن لا يتوقف هناك بل أن الشرق نفسه وحتى الذي يعتنق نفس الفكر لن يسلم منهم. عندما نريد تحديد نوعية الأراضي أو الحضارات التي حُدِدت لعمليات الإرهاب تحت راية هذا الفكر نجد أنه من المستحيل إيجاد أي بقعة على الأرض يمكن أن تكون آمنه من هذا إرهابه.
يجتمع بعد ذلك خبراء الإرهاب في العالم على الحقيقة المرة والواقع الذي وصلوا إليه وهو ان منبع هذا الإرهاب آتٍ من الذين يعتنقون هذه العقيدة. يأتي بعد ذلك الاستنتاج الذي يصلوا إليه، أنه من المؤكد أن هذه العقيدة هي المنبع الذي يعطي لهؤلاء حق الإرهاب. والمصيبة الكبرى تأتي بعد ذلك لتأكيد هذه النظرية.
تعالوا بنا نتابع ما يفتون به هؤلاء جهابزة وعباقرة وعلماء هذه العقيدة. كل من هب ودب تستضيفه إحدى القنوات الفضائية البائسة، يفتي فيها فيما لا يفهمه ويؤكد للعالم كله أن نظريتهم عن هذه العقيدة كمحرض أكبر للإرهاب نظرية صحيحة وموثقة من علماءهم! إن أرادت شعوب هذه العقيدة نصيحة، فليتخلص من هؤلاء عباقرة الزمان ويقطع ألسنتهم التي لا تصب إلا سموم.
هنا نصل لأكبر حقيقة وهي هدفي الرئيسي في كتابة هذه الكلمات. لا نلقي الذنب على من يحاول ردع الإرهاب عن بلده وعن العالم ويحاول مقاومة شر من فتح له باب الضيافة بالخطأ الذي بدوره استغل هذا الكرم ليخرب في بلد من مد له يد المساعده. عندما نريد البحث عن الفاعل والمجرم الحقيقى لا بد لنا أن ننسى ماقيل "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" لأننا لا نستطيع أن نجبر العالم كله بقبول هذا المنطق الغريب والغير سوي. هل يستطيع أي من تابعى هذه العقيده التى افترضتها أن يقبل هذا المنطق إذا حاولت أي بلد تطبيقه عليه؟ إن منطق "نحن الأعلون" لا يستطيع عاقلاً الأخذ به. فقط الأغبياء الذين لهم قدرة التمسك به وتطبيقه طوال أنهم يجدوا ممن في نظر هولاء الأعلون أقل منهم ولكن هؤلاء الأقل يطعمونهم بكل محبة، المحبة التي لا يستطيع أن يفهم معناها أي أحمق غبي يتبع قوانين الهمجية، البلاد المتحضره تمتلك كثيرًا ممن يدَّعوا الحنية على الجائعين من هؤلاء المتخلفين، يساعدوهم بكل قوتهم وهم لا يعلمون أنهم يغذوا من يكرههم ويريد هلاكهم اليوم قبل الغد. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|