CET 00:00:00 - 26/10/2009

مساحة رأي

بقلم: يوسف سيدهم
مازلت أتناول ملف معاناة أقباط مغاغة والعدوة بمحافظة المنيا مع السلطات الرسمية والأمنية، وأستعرض اليوم مجال معاناتهم مع بناء مساكنهم الخاصة، ويتساءل البعض: وماذا يمكن أن يعانوا منه في مجال بناء مساكنهم؟...وتأتي الإجابة في كونهم أقباطاً يصلون في كنائس، وبما أنهم محرومون من بناء كنيسة ويذوقون العذاب في سبيل الحصول علي الموافقات التي لا تأتي أبداً لبناء أو تدعيم كنيسة،
فهم متهمون من قبل السلطات بأن أي بناء يشرعون في بنائه مهما كانت طبيعته سوف يقومون بتحويله إلي كنيسة، وبالتالي فواجب السلطات أن تبادر بالتدخل في الوقت المناسب وهدم ذلك البناء للحيلولة دون تحويله إلي كنيسة!!
السلطات الرسمية والأمنية تعلم تمام العلم باحتياج الأقباط الملح إلي مكان يصلون فيه، وبدلاً من تلبية طلباتهم في هذا الخصوص تتمتع بإذلالهم وتستمتع بتعطيل الأوراق وتسويف وتمييع الأمور وتتركهم سنوات طويلة يلهثون وراء الحصول علي الموافقات دون جدوي، ثم وهي تعرف مدي احتياجهم لمكان للصلاة تبدأ في مطاردتهم في كل مكان تشتبه في أنهم سوف يصلون فيه، ولا تجد سوي مساكنهم فتندفع لهدمها قبل أن يصلوا فيها ويقوموا بتحويلها إلي كنائس!!...وعبثاً يحاول الأقباط تبرئة أنفسهم من تهمة الصلاة في المنزل ومن جريمة تحويل المنزل إلي كنيسة، فالسلطات حسمت أمرها ولا مفر سوي الهدم!!

>> المواطن «خميس فايز ناشد» من قرية القايات -مركز العدوة يمتلك مساحة ستة عشر قيراطاً محاطة بسور ومبني عليها منزلان وماكينة طحين، وهذه المساحة ليست أرضاًَ زراعية طبقاً للمثبت بالدفاتر الرسمية علاوة علي تجاورها لقطع أراض مملوكة للغير مقام عليها منازل. شرع خميس في إقامة منزل من طابقين علي قطعة الأرض ملكه، وبدأ في الحفر لتنفيذ الأساس في أول أغسطس الماضي، وما إن علمت السلطات بذلك حتي حضر إلي الموقع في 16 أغسطس كل من مدير الجمعية الزراعية ورئيس قسم حماية الأراضي ورجال المجلس القروي ومعهم رجال مباحث أمن الدولة وبصحبتهم معدات الهدم!! وأرجو ملاحظة أن كل هذه الحملة من المسئولين ومعدات الهدم تحركت مستنفرة للفتك بمحاولة بناء منزل لمواطن في قرية لم يسبق أن سمع بها أحد!!! إلي هذا الحد العجيب تقف السلطات متربصة بأي شيء يخص المواطنين الأقباط!!!. المهم أن الحملة قامت بإرهاب المالك وتولت التفتيش علي الرسم الهندسي الذي يوضح أن المبني الجاري إقامته منزل مقسم إلي حجرات وخدمات، فما كان منها إلا أن أخذت تعهداً علي المالك بأنه منزل وليس كنيسة وغادرت الموقع بعد أن أخذت صورة من الرسم الهندسي.

مهلاً...فالقصة لم تنته بعد، ويبدو أن السلطات وجدت أن كل ما تم تنفيذه عند مداهمتها الموقع كان الحفر لصب الأساس، وإيقاف ذلك لا يشفي غليلها، فتظاهرت بأخذ التعهد علي المالك بعدم ارتكاب جريمة تحويل منزله إلي كنيسة وغادرت المكان تاركة إياه يشرع في تنفيذ الأساسات ومن بعدها الدور الأرضي كاملاً وفوقه يقوم بتنفيذ أعمدة الدور الأول، وبعدما أقام الشدات الخشبية تمهيداً لصب سقف الدور الأول، ثم فوجئ مساء يوم 16 سبتمبر الماضي الساعة الثانية عشرة في منتصف الليل باستدعائه من قبل معاون المباحث إلي قسم الشرطة حيث تم حجزه إلي مساء اليوم التالي حين تم إخلاء سبيله دون تحرير أي محاضر له ودون أن تنسب له أي مخالفة أو تهمة، ومضي إلي حال سبيله عائداً إلي منزله متعجباً من مسلك قسم الشرطة معه، لكن عجبه لم يدم طويلاً، فلدي وصوله إلي منزله هاله ما رآه....المنزل الذي كان يبنيه تمت تسويته بالأرض، وعلم من أفراد أسرته أنه بعد استدعائه لقسم الشرطة-الذي كان مدبراً لإبعاده عن الموقع-جاءت حملة مظفرة مكونة من رئيس مركز ومدينة العدوة ورئيس الوحدة المحلية بقرية الشيخ مسعود ونائب مأمور مركز العدوة ورئيس المباحث ومندوب مباحث أمن الدولة ومعهم معدات الهدم حيث قاموا بهدم المنزل الجاري بناؤه كاملاً حتي منسوب سطح الأرض!!

وبالسؤال عن سبب كل ذلك تم إبلاغه بالتهمة الموجهة إليه وهي أنه يسعي لإقامة كنيسة وليس منزلاً...وعقدت الدهشة لسانه...السلطات اتهمته بهذه التهمة مسبقاً وداهمت الأرض أثناء إجراء الحفر للأساس وتأكدت من أن الرسم يخص منزلاً وليس كنيسة وأخذت عليه التعهد اللازم بذلك، تم تركته ينفق زهاء ربع مليون جنيه في تنفيذ الأساسات والدور الأرضي ونصف الدور الأول لتعود بعد ذلك خلسة لتهدمه من خلال خطة عسكرية عبقرية لإبعاده عن المنزل واعتقاله في قسم الشرطة ريثما يتسني لها إنجاز عملية الهدم وإرهاب أسرته قبل أن تتفضل بإخلاء سبيله!!!
أنا لست أقص عليكم قصة عصابة إجرامية تعتدي علي المواطنين الأبرياء العزل وتنصب من نفسها خصماً وحكماً وتغتصب صولجان القانون في يدها، لأنني في تلك الحالة كنت سوف أطلب من الضحايا الإسراع بإبلاغ الشرطة لحمايتهم...لكنني أسرد وقائع مثبتة لما تقترفه السلطة الرسمية والأمنية في حق أولئك الضحايا وكيف تمعن في التربص والإيقاع بهم دون أن يكون للقضاء أو للأساليب القانونية أي دور في ذلك...وإذ أسوق تفاصيل مأساة المواطن «خميس فايز ناشد» مع منزله هذا أقول إنها ليست حالة وحيدة أو فريدة في هذه الناحية، بل هناك حالات أخري أضمها إلي الملف الذي فتحته منذ شهر مضي والذي يضعنا أمام حالات صارخة من العقاب الجماعي للمواطنين وما يمثله ذلك لهم وللضمير الإنساني من اضطهاد.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق