كشف د. مرسى فى خطابه الملىء بالأخطاء العلمية والنحوية والإملائية الذى تحدث به فى باكستان عن جهل فاضح. وكم كان الأجدر به أن يصمت بدلاً من أن يثير سخرية العالم علينا، خاصة أنه يتحدث إلى من يعرفون. فبدت مصر على يديه مسخاً مثيراً للسخرية والرثاء! والدكتور لا يعرف ما يتحدث عنه وكان أجدر به أن يأتى بمن يعرف، لكنه فضل أن يأتى أو بالدقة أن يلتزم بما أتوا إليه به، والذى أتوا به لا تُشترط فيه المعرفة وإنما الولاء للجماعة ورضاء المتحكم فى أمرها، ففشت الجهالة والجهل فى خطاب الرئيس وأصبحت فضيحتنا بجلاجلها. وتلح علىّ أبيات شعر لعباس العقاد:
فشت الجهالة واستفاض المنكر... فالحق يهمس والضلالة تجهر
والصدق يمشى فى الظلام ملثما... والزور يمشى فى النهار فيسفرُ
بئس الزمان لقد حسبت هواءه... دنساً وإن بحاره لا تُطهر
وكأن كل الطيبات يردها... فيه إلى شر الأمور مدبر
ونحن نعرف من هو المدبر، فإذا كان هذا المدبر المتجبر جاهلاً جهلاً عصامياً فلا حيلة لنا وحتى لا حيلة لـ«مرسى». لأنه لا يستطيع أن يقول لا. أبداً لا يستطيع أن يقول لا. وأتذكر:
ما قال لا إلا فى تشهده... لولا الشهادة كانت لاؤه نعم.
وأتذكر أيضاً: ويُهضم فينا الإمام الحكيم... ويكرم فينا الجهول الغبى.
كل ذلك لا يكفى غطاء للفضيحة المدوية والجهل المركب والغبى الذى ملأ الكتبة الإخوانيون به خطاب د. مرسى مثلما أورده د. يوسف زيدان فى وصفه للخطاب. فـ«البيرونى» لم يكن فيلسوفاً كما قال «مرسى»، و«ابن الهيثم» لم يعلّم الدنيا التشريح وإنما برز فى الهندسة والبصريات، و«ابن حيان» لم يؤسس علم الكيمياء وإنما نقل ما كتبه اليونان. و«البيرونى» لا علاقة له بالدورة الدموية وإنما كان «ابن النفيس».
وهكذا.. وكأنما الجهول الذى كتب الخطاب تعمد أن يفضح الرئيس. وقد حدث ذلك يوماً عندما أعد أحدهم خطاباً للنحاس فى ذكرى مولد الرسول الكريم لأن النحاس كان مريضاً.. وأتى فى الخطاب بعبارات لم تعجب النحاس لأن كاتبها تعمد ذلك فألقى به متناثراً أمام الحضور وارتجل وأبدع فقد كان يعرف. وكان خطيباً وليس مجرد قارئ لما يُكتب له.
دواؤك فيك ولا تشعر... وداؤك فيك ولا تبصر.
ويا جماعة الإخوان فضحتمونا قبل أن تفضحوا أنفسكم، «وذو العقل يشقى فى النعيم بعقله... وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم». ويا جهابذة الجماعة أرجوكم احتفظوا بجهلكم لأنفسكم ولا تفضحونا أمام العالم، فمصر التى قال عنها الشيخ رفاعة الطهطاوى إنها «أم أمم الدنيا» تستحق حكاماً أكثر منكم علماً وخلقاً وأداءً واحتراماً للآخر.. لكن البعض يعيش جهله مستمتعاً به بل متحصناً به، فما لعلم أن يتعامل مع عقول كتلك التى تفعل ما تفعلون.. وتبطش بالرافضين لكم كما تبطشون، وأكرر دون ملل قول الرسول الكريم: «لا يؤم رجل أناساً هم له كارهون».
نقلا عن المصري اليوم |