بقلم: زهير دعيم
( مهداة للكاتب حسين شبّر)
لا شكّ ان لفظة المحبّة من أجمل الكلمات لفظًا ومعنىً ومضمونًا.....المحبّة الصافية ، الضافية ، التي يقطر كلّ حرف فيها ومنها شهدًا ولطفًا وطول أناة.
المحبّة الغامرة ، العطرة ، المُضحيّة ، والتي تعطي من القلب ودون أن تنتظر جزاءً.
كلّما حاولت أن ارسم هذه المحبّة بالكلمات والحروف ، يقف قلمي شاردًا ، تائهًا ، و"يحرن" قائلا :
تطلب منّي يا صاحبي فوق طاقتي !! انك تطلب المستحيل .
أنّى لي أن الوّنها بالحروف والكلمات .
أنّى لي أن أحيطها وأنا المحدود.
أنّى لي أن أسبر غوْرها وأنا ما أنا وأنت ما أنت !!!
صدّقني يعجز في ذلك أمهر المبدعين وأعظم الرّسامين والنحّاتين والفنّانين.
إنّها عطرٌ الهيّ نثره الله من علاه مطرًا وحنانًا ولُطفًا وحِسًّا وفداءً.
إنّها الصليب والمصلوب المُعلّقان بين الأرض والسّماء.
إنّها المصالحة ؛ مصالحة السيّد لجبلته المُتمرّدة .
إنّها تنازُل العَظَمة.
إنّها الله......
ألم يقل كتاب الكتب : أنّ الله محبّة ، وأنّه من فرط محبته بذل وحيده لأجلنا على الصّليب ، فداءً عن كل نفس .
ويصمت قلمي و"يحرن" .
لا... لا أستطيع ، ولكنني أستطيع شيئًا آخَر ؛ محبّة أخرى يتشدّق بها الآخرون ؛ محبة جافّة كورقة الخريف ، محبة لا لون لها ولا طعم ، حروفها زيْف، ومضمونها وَهْم ، وفحواها سراب.
محبّة قُدَّت من الأنانيّة ، ومن فذلكة البشر الفارغة ، تمامًا كما سحابة الصّيف ، لا مطر فيها ولا رحمة !!!
وأترك قلمي جانبًا بعد ان فهمته : فهمت أنّ المحبة الحقيقيّة الآتية من الموعظة على الجبل غير ألف مرّة من تلك التي يتشدّق بها القوم.
فهمت أنَّ للمحبة معنيين: واحد سرمديّ وآخَر زائلٌ ...واحد أصيل وآخر مُزيّف ، واحد من فوق وآخر من أسفل .
وعشقت المحبة الأصيلة ، وتعلّقت بالوهّاجة ، وأعلنت براءتي من تلك البشرية ، المُزيّفة والتي تُجامل وتعانق عناق الدّب ، المُدّعيّة، وصرخت مع السيّد صرخته المُدوّيّة ، والتي ما زالت تملأ الأرجاء ، وستبقى كذلك حتّى يأتي على السّحاب : " أحبّوا أعداءَكم ، باركوا لاعنيكم ......"
المحبّة لا تسقط أبدًأ... |