بقلم: د. رأفت فهيم جندى
حضر لعيادتى كمريض فى التسعينات، وعرفت منه أنه من طالبى اللجوء، وكان قبطيا ومن محافظة المنيا، كانت شكواه الأساسية هى الصداع، وبعد إجراء كافة الفحوص عليه لم يوجد سبب عضوي لهذا الصداع، فوصفت له دواء مضاد للأكتئاب. ايد طبيب الأمراض العصبية وايضا طبيب الأمراض النفسية اللذان استشرتهما نفس التشخيص. كان لا بد لى قبلها من السؤال عن تفصيل حياته ومنها اسباب طلبه اللجوء لكندا بالرغم انى لست معتادا أن اسأل المريض طالب اللجوء عن حيثياته إلا إذا قال من نفسه أو طلب مساعدتى له فى هذا الأمر.
تصادف أنه كان معى خطاب من "باربرا مكدوجل" وزيرة الخارجية الكندية فى حكومة "بريان مالرونى" لحزب المحافظين وبهذا الخطاب مناقشة لها مع عمرو موسى وزير الخارجية المصرى وقتها وفيها تسأله عن عدم عمل الحكومة المصرية اى شئ لرفع الإضطهاد عن الأقباط، ووعدها عمرو موسى برفع ما قالته للحكومة المصرية، أعطيته صورة من هذا الخطاب لكى يعطيه لمحاميه الذى يتولى متابعة أمر لجوءه.
كان يعمل مدرسا فى إحدى المدارس الثانوية بمحافظة المنيا فى اوائل التسعينات، دخل فى نقاش دينى فى غرفة المدرسين مع أحد زملاءه المدرسين المسلمين، فقال له المدرس المسلم أن الأناجيل التى بين أياديكم الآن محرفة، ولكن الأصلية مكتوب بها نبؤة عن نبى الأسلام. فرد عليه هذا المدرس القبطى بأن السيد المسيح قال فى الأناجيل أنه "سيأتى بعدى أنبياء كذبة كثيرون". عندما سمع المدرس المسلم هذا الكلام قام على الفور وضربه بقبضة يده على أنفه، وقال له اتقول على نبينا أنه كاذب، ثم نادى باقى المدرسين الذين حال ماسمعوا زميلهم يقول لهم انه يقول على النبى أنه كاذب حتى أنهالوا بدورهم عليه بالضرب بالأيدى والأرجل وسط وابل من السباب، وكانوا يركلونه بأرجلهم وهو ساقط على الأرض وسطهم حتى اغمى عليه، وكان ينزف من انفه بغزارة. افاق من إغماءه وهو فى سيارة الأسعاف ذاهب للمستشفى.
ادخلوه المستشفى بإشتباه ارتجاج بالمخ وكسر فى الحاجز الأنفى، حضر اليه البوليس وهو فى المستشفى لكى يُعلمه بأنه مقبوض عليه وسيقدم للمحكمة بتهمة إذدراء الأديان. خرج من المستشفى بعدها بيوم ولكن بصحبة البوليس وتم استجوابه فى قسم البوليس ووضعوا له مواد كاوية على ظهره ورأيت آثار الندبات والسواد التى تركتها هذه المواد على جلد ظهره. طلب البوليس منه أن يوقع بالتنازل عن حادثة ضربه مقابل أن لا يقدم للمحكمة، وقالوا له أن الضرب فى القانون المصرى هى جنحة مادام علاجه لم يستمر اكثر من 21 يوم وعقوبتها الغرامة ولكن عقوبة جنايته ستكون السجن لبضعة سنوات، فوقع ورقة تنازل عن حادثة ضربه واخلى سبيله.
أحضر له معاون المدرسة بعدها ببضعة ايام خطاب فصل من المدرسة ،وأخذ البعض يتحرش به فى الشوارع، فلم يستطع أن يكمل حياته هناك وخرج من مصر وأتى لكندا لكى يقدم طلب لجوء، ولكنى لم أسأله عن تفاصيل خروجه وكيفية حضوره لكندا لكى يقدم طلب لجوء.
|
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|