CET 15:51:28 - 18/10/2009

مساحة رأي

بقلم: يوسف سيدهم
كتبت في مستهل هذه الحلقات أن المشاكل والمتاعب والهموم التي يعاني منها أقباط مغاغة والعدوة بمحافظة المنيا من خلال تعاملاتهم مع الجهات الرسمية والأمنية تنتمي إلي أكثر من مجال:الكنائس، الجمعيات القبطية، بناء المساكن الخاصة، وتعثر الأنشطة المجتمعية والتنموية التي يقدمونها لمجتمع المنيا.. وبعد أن استعرضت تفصيلا في الحلقتين السابقتين أوجه معاناتهم في مجال الكنائس أنتقل اليوم إلي معاناتهم في مجال الجمعيات القبطية:

>> جمعية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بقرية القايات-العدوة: قبل أن أتناول تفاصيل معاناة هذه الجمعية دعوني أوضح أمراً مرتبطاً بواقعها:هذه الجمعية تمارس نشاطها الخدمي بالإضافة إلي أنها تقيم الشعائر الدينية لأهل القرية منذ عام1971،
ولمن يتعجب من ذلك ويتساءل:ما شأن جمعية بإقامة الشعائر الدينية؟، أقول إن من بين الظواهر المرضية المسكوت عنها في حياة أقباط المناطق الريفية والنائية رفض السلطات طلباتهم المتكررة لبناء كنيسة يصلون فيها مما يترتب عليه لجوؤهم تحت ضغط الحاجة إلي إقامة الشعائر الدينية في مقار الجمعيات المرخصة لهم، ومع تسليمنا بأن ذلك يعد تجاوزا للقانون إلا أن السلطات-خاصة الأمنية منها-تسكت عن هذا التجاوز سواء لعلمها بأنهم محرومون من كنيسة يصلون فيها أو للإبقاء علي ذلك الوضع غير القانوني الذي يمكن استغلاله ضد الأقباط في أي ظروف مستقبلية تستدعي اتهامهم بالصلاة في مكان غير مرخص لذلك!!!...المهم أن مبني الجمعية الذي نتحدث عنه استمر يحتضن نشاطها علاوة علي إقامة الشعائر الدينية منذ1971 حتي عام2000عندما بلغ التداعي والتهدم بحوائطه وسقفه درجة يستحيل معها استمرار استخدامه فتم غلقه طواعية وتقدم المسئول عن الجمعية بطلب إلي محافظ المنيا في ديسمبر2003 للموافقة علي تدعيمه وإعادة بناء الجزء الذي تهدم منه، ثم تم تعزيز الطلب الأول بآخر في أبريل 2004 لكن دون أي استجابة من جانب المحافظ...وكانت المفاجأة التي تلقاها لدي ملاحقته المسئولين للسؤال عن الطلب أن أبلغوه بأن علي المطرانية أن تقوم بشراء قطعة أرض جديدة بعيدة عن مقر الجمعية لأنه تم بناء مسجد جديد في القرية علي موقع مجاور للجمعية الأمر الذي يري المسئولون أنه لا يستقيم معه وجود كنيسة!!!.. وبالرغم من احتجاجنا علي هذا المنطق المغلوط الذي يري في تجاور المسجد والكنيسة مشكلة تهدد سلام المجتمع نتساءل مستنكرين:لماذا إذاً تم الترخيص بإقامة المسجد والسلطات تعرف بأمر الكنيسة التي استمرت تباشر نشاطها زهاء ثلاثين عاماً «1971- 2000»؟، وتأتي الإجابة علي يد العارفين بالتشريعات البالية التي تفرز بين المصريين وتفرق بينهم بناء علي عقيدتهم إذ يوجد منذ عام1934 تشريع متروك في يد السلطات الأمنية اشتهر باسم «قرار الشروط العشرة» أصدره محمد العزبي باشا وكيل وزارة الداخلية المصرية آنذاك يتضمن عشرة شروط يلزم استيفاؤها قبل الموافقة علي بناء كنيسة، وتلك الشروط التي تعد عاراً ووصمة في جبين مصر وحقوق المواطنة تتضمن حظر إقامة كنيسة مجاورة لمسجد، ولكنها بغرابة شديدة لا تتضمن حظر إقامة مسجد مجاور لكنيسة.. وحالتنا اليوم هي واحدة من نتاج هذا الواقع الكئيب.

اضطرت الجمعية للرضوخ وتمكنت من شراء أرض جديدة بعيدة عن المساجد الموجودة بالقرية -وتقدمت في ديسمبر 2005 بطلب لمحافظ المنيا للموافقة علي بناء مبناها الجديد عليها، وجاء الرد بعد ستة أشهر «!!» في يونيو 2006 بأن علي الجمعية التقدم بالطلب إلي الجهة الإدارية المختصة بالوحدة المحلية، وأسرعت الجمعية بتوجيه طلبها إلي رئيس الوحدة المحلية بمركز العدوة في يوليو 2006 ولم تسفر المتابعة الدءوبة له عن أي شيء، فعادت الجمعية تخاطب محافظ المنيا مستغيثة به في يوليو2007، ولم يفعل المحافظ شيئاً.. وهنا لم تجد الجمعية بداً من التفرغ لإرسال الخطابات والشكاوي منذ ذلك التاريخ وحتي يومنا هذا إلي سائر المسئولين الإداريين والأمنيين والسياسيين ولكن دون جدوي ولا حياة لمن تنادي!!!...ويظل الأمر علي ما هو عليه، مبني الجمعية القديم مغلق لتهدمه واستحالة استخدامه، والسلطات لا توافق علي تدعيمه وتجديده لأن الصلوات تقام فيه منذ3 8 عاماً لكن استجد في الجوار مسجد لا يستقيم معه استمرار الصلوات، والموافقة علي بناء مبني جديد علي الأرض الجديدة المشتراة لم تأتي منذ 2005 حتي اليوم...ويبقي أقباط قرية القايات-مركز العدوة في حالة مؤسفة من الحرمان والذل والمهانة يتابعون موقف الأرض الجديدة التي اشتروها والمتروكة فضاء دون استغلال متحسبين أن يستيقظوا يوما ليجدوا أعمال البناء تنشط بجوارها لإقامة مسجد جديد فيكون عليهم أن يهجروا هذه الأرض أيضاً ويذهبوا للبحث عن أرض ثالثة لا يجاورها مسجد ويبدأوا من جديد رحلة تقديم الطلبات وانتظار الموافقات التي لا تأتي!!

>>> هذه الحلقة من سلسلة العقاب الجماعي للمواطنين تمثل صرخة مدوية عن واقع مريض يرقي إلي مرتبة الاضطهاد يطعن المساواة في حقوق المواطنة في الصميم ويضع علامات استفهام وتعجب أمام مضمون المادة الأولي في الدستور.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق