• مقاطعة زيارة وزير خارجية أمريكا من قبل المعارضة موقف إيجابي رفضاً لسياساتها تجاه مصر، على ألا نلتحف بهلاوس تنسب الرفض لمبدأ "رفض التدخل الخارجي"، فقد صار عالمنا قرية واحدة متداخلة المصالح، فرغم عظمة الشعب الأمريكي إلا أن إدارته السياسية الآن عبارة عن حفنة من الأغبياء، لكن قولنا هذا لابد وأن يترافق معه اعترافنا أن الإدارة الأمريكية تعمل بالمثل العامي المصري: "إن كانت بلد بتعبد ثور حش وارميله"، وأن علينا أن نقدم لها ثور "الحرية والكرامة الإنسانية" بديلاً شعبياً "للدجل والظلامية" التي تضطر هي الآن لمساندتها، فنحن من أتينا بأجهل الخلق وأسوأهم ليحكمونا، فتضطر أمريكا والعالم الغربي أن يرقصوا على أنغامنا رعاية لما يحسبونه مصالحهم، ومن حقنا نحن فقط بعد ضرب خدودنا بما تستحق، أن نلوم القوى العالمية التي توافقت مع خيارنا البائس، فثيمة "العدو الذي يتربص بنا" هي اللعنة التي تصاب بها العقول فتدمنها ولا تستطيع بعد أن تتصور الدنيا بدونها، هي لكي تقف لابد من عدو يريدها أن تجلس، ولكي تجلس تحتاج لعدو يريدها أن تقف، أيضاً إذا أرادت "الإخراج" فلابد أن يكون هذا نكاية في عدو يدبر مؤامرات ليصيبها "بالإمساك"، صارت شعوبنا من طول إدمانها لمقولات العروبة والإسلام السياسي العدائية تجاه كل آخر لا تستطيع غير الحياة على الشاطيء المقابل لعدو مفترض، ولا معنى للحياة لديها بغير هذا العدو.
• لا تتعجلوا ولا تقلقوا يا سادة، فسوف تحصلون على رئيس أفضل فور استحقاقكم لما هو ومن هو أفضل، هذه الأصوات التي تتعالى الآن لتنادي العسكر للعودة لحكم البلاد ربما لا تدرك أقصى ما يمكن أن يترتب على هذا إن حدث، فأقصى ما يستطيعه العسكر هو إعادة الثعابين والفئران لجحورها، لتنمو وتتوحش أكثر مما هي عليه الآن!!. . لا يخيفني حكم العسكر في ذاته، فالدولة المستبدة البوليسية قد انقرضت من العالم، لكنني أخاف من عودة الظلاميين إلى الجحور على أيديهم، ليحكموا سيطرتهم على الشارع كما كانوا، ما هو أشد خطراً من أخونة المؤسسات، فالبلد قد تأخونت بالفعل في عصري مبارك والسادات، وإن سيطر العسكر على البلاد سيجدون أنفسهم أداة ذليلة في يد الظلاميين كما كان مبارك. . لا يصح إلا الصحيح مهما كان مكلفاً وبعيد الأمد، أن يسقطهم الشعب الذي أوصلهم لكراسي الحكم، لكن البعض كالطفل المدلل يرتكب الجريمة في حق نفسه ثم يسرع لوالديه لإنقاذه، وهذا ما يفعله الذين يستنجدون بالعسكر الآن لإنقاذهم من الإخوان.
• الآن يختلف السلفيون مع الإخوان على عدالة تقسيم كعكة الوطن، وتختلف جبهة الإنقاذ معهم على عدم إدخال الإخوان لهم في عملية التقسيم من الأساس وانفرادهم بالكعكة، ونختلف نحن مع الجميع لأننا نريد مصر علمانية قلباً وقالباً، رافضين لامتداد الشرائع الدينية من علاقة الإنسان بربه كما ينبغي أن تكون إلى هيمنة الفكر الديني على سائر مناحي الحياة في عصر تنهض فيه الأمم بالعلم الذي "يرفع بيتاً لا عماد له"، وليس بالجهل الذي "يهدم بيت العز والشرف". . العلمانية بكل بساطة أن ترى الحياة وكل علاقاتها بمنهج علمي، ومفارقة الغيبيات التي تصلح للعالم الأخروي وللعلاقة الخاصة بين الإنسان وربه. . العلمانية تعني أن تعبد ربك كما تشاء، ولنتفق معاً لتحقيق مصالحنا المتبادلة وترتيب حياتنا وفقاً للمناهج العلمية. . الآن ليذهب الشعب المصري بما هو فيه الآن إلى المدى الذي يشاء، وعندما يكون مستعداً للعلمانية فليطلبها!!
ستبدأ نهاية الظلاميين المأساوية يوم يستخدمون ميليشياتهم لضرب الشعب المصري، حتى الآن وباسم شرعية صناديق الاقتراع تجرجرنا جماعة الإخوان في مسيرة ضرب الشرعية وانتهاك سيادة القانون والقضاء وتدمير مؤسسات الدولة، ومقاطعة الانتخابات هي انسحاب من هذه المسيرة، وليستمر الإخوان فيها ما شاءوا، حتى يعاين الشعب المصري الحقائق، ويقرر مصيرهم بنفسه. . أعترف أن المناداة بالمقاطعة لأي أمر خاصة الانتخابات "شكلها وحش"، لكن هذا لا يعني أنها ليست الموقف الصحيح، ولا ينبغي للرغبة في التجمل أن تجعلنا نرتكب أخطاء تبدو جميلة الشكل.
• أريد أن أفهم بعيداً عن المتاجرة ودون لدد في العداء للقائمين على الأمور، ما المشكلة في مشروع تأجير الأماكن السياحية المصرية، بمعني تأجير إدارتها مع تطويرها ولأجل محدد وبشروط محددة نظير مبالغ معينة من خلال مزاد علني، ولشركات متخصصة تخضع لرقابة جهات محلية ودولية حفاظاً على الآثار؟. . كل ما علينا فحص ومراجعة شروط مثل هذا التعاقد، لأن هذا المنهج هو الأفضل والأكثر فعالية من حيث التطوير والعائد المادي. . هنا نكرر ما سبق وقلناه، أن علينا الاحتراس حتى لا تختلط توقعاتنا بفشل الإخوان الحتمي في إدارة البلاد مع منحى يقاومهم ويعارضهم ويقوم بتجريسهم حتى لو اتخذوا خطوات صحيحة باتجاه الإصلاح الاقتصادي. . بعض العقلانية والإخلاص للوطن يا سادة يا كرام!!. . الإخوان مدمرون للاقتصاد المصري نتيجة الجهل الفاضح، فيما اليساريون مدمرون له من حيث المبدأ نتيجة الأيديولوجيا التي يعتنقونها، فالاشتراكية الناصرية زرعت الصراصير في الجماجم المصرية، ليأتي التأسلم السياسي ليجدها خاوية تنتظر من يحشوها بالخزعبلات!!. . الشعب الذي مازال يرقص على أنغام الناصرية والاشتراكية من الصعب تصور أنه يمكن أن يبرأ يوماً من خداع الإخوان وشعاراتهم، ومع ذلك لا مهرب لنا من الأمل في الشفاء من هذا وذاك.
• ربما تنفرد النظم السياسية المصرية قبل وبعد الثورة باستخدام مصطلحات وعناوين جميلة تحوي بداخلها ويقصد بها محتويات هي الأكثر قبحاً وبشاعة، مثل "ميثاق شرف صحفي" و"المجلس القومي لحقوق الإنسان" و"لجان تقصي الحقائق" في الجرائم الطائفية. . بل ربما أغلب ما نفعله ونقوله يتم تحت أعلام ملونة جميلة، لكنها كشواهد القبور تدل على جثث متعفنة وعظام مهترئة.
• حكاية أن الأصوات التي يحصل عليها الإخوان تكون نتيجة توزيعهم زيت وسكر على الغلابة هي أكذوبة صدقناها لأنها مريحة لنا، واستمرارنا في ترديدها يقطع الأمل في معالجة حقيقية للوضع بالشارع المصري. . هي النزعة الدينية الأصيلة في الشعب المصري، وغياب البديل الحقيقي القادر على العبور بالناس إلى بر الأمان والتقدم، فلنبحث إذن كيف نعالج هذا بموضوعية. . يخيل إلي أيضاً أن علينا أن ننتظر حتى تصل حكاية الإخوان وفشلهم إلى أهالينا في الصعيد. . المشوار طويل حتى هناك!!
• رغم الاختلاف الجذري في المحتوى بين "الآبائية" كاصطلاح كنسي أرثوذكسي، وبين "السلفية" كاصطلاح إسلامي، إلا أن المنهج واحد وهو مرجعية الماضي، ومحاولة قسر الحاضر للعودة إليه، ومعاداة التطور باعتباره انحرافاً أو ابتداعاً شيطانياً. . لو كان "الآباء" و"السلف الصالح" "آبائيين" و"سلفيين" في زمانهم، لظلوا على جهالة أجدادهم، ومن المخزي أننا عندما نطالع الآن منجزات "الآباء" و"السلف الصالح" الفكرية ونقيمها وفقاً لظروف ومعايير زمانها أن نجد الكثير منها على مستوى عال من الرقي، وبعضها يتسم بالثورية والراديكالية التي تدفع للأمام حضارياً، فيما نجد من يدعون الآن اتباع الأجداد أياً كان مصطلح تسميتهم ذوي عقول مغلقة ومعارف ضحلة أو حتى منعدمة.
موقف أساقفة الكنيسة القبطية من الإخوان والسلفيين ليس مجرد نفاق رخيص وحسب، لكنه أيضاً اتفاق فيما يضمرونه من هيمنة على هذا الشعب. . هل يقدم الأنبا تاوضروس على إعادة الأنبا موسى والأنبا بولا للدير لنأمن شر لسانهم المنفلت سياسياً، وذلك حرصاً على وقار الكنيسة وصالح الأقباط والمصريين جميعاً؟!!. . السادة أصحاب القداسة والنيافة الرهبان الذين صلينا عليهم صلاة الموتى لكي يتفرغوا لعبادة الله في البراري وشقوق الأرض، وعادوا ليتحكموا في تفاصيل حياتنا: لقد أصبحتم كروتاً محروقة، ونفاقكم للإخوان سيخرجكم من قلوب الأقباط إلى مزبلة الوطن والتاريخ. . مجرد تساؤل: لماذا يطلق الكهنة الأقباط لحاهم، ويرتدون هذه الملابس السوداء الفضفاضة والعمامة المنتفخة، هل هي وسيلة لكي يبدوا مختلفين عن سائر الناس، وكأنهم كائنات سماوية مقدسة، أم هو مجرد التخلف عن مسايرة العصر؟!! |