CET 00:00:00 - 11/10/2009

من الاخر

بقلم: أماني موسى
ذكرت مصادر علمية مهلبية مصرية مؤكدة على أهمية الفنجان بحياتنا وحياة المصري على وجه الخصوص، وتتنوع فوائد الفنجان من شرب المياه الملوثة بداخله وشرب كل المشروبات بداخله وبخاصة الغازية منها وتأثيرها الغازي الذري على شاربها، وأيضًا شرب كأس مرار الحياة على جرعات يومية مؤكدة للمواطن المصري، وثبت بالأبحاث الشعبية لجمعية (الناس الرايقة) وجمعية (الهاربين من التعاسة اليومية بحثًا عن السعادة الوهمية) أن للفنجان أهمية قصوى حيث قراءة حروفه ورسوماته التي تحكي المستقبل السعيد المشرق الذي ينتظر المواطن المصري الهارب من الواقع التعيس المظلم.

وفي الفنجان هتلاقي الأحلام الصعبة بتتحقق والأماني مش بتبقى أصعب وكل بعيد وعالي يقرب، في الفنجان واقعك دايمًا هيبقى أحلى وفي نهاية الطريق فيه أمل بينور، وعشان كدة بيجري المصري وراه وبيخاف لحسن يهرب، أصل الأمل دلوقتي غالي وسعره في العالي ومن الأسواق شاحح.
لكن الفنجان مش دايمًا بيفرح وساعات بيكون جوا خطوطه هموم وبلاوي ومستقبل مُخزي وأحوال تبكي مش تفرح.
وفي يوم من الأيام البمبي اللي عايشنها فكرت أمي (مصر) أنها تجرب وتعمل زي حال ولادها المواطنين وراحت شربت فنجان مليان بالقهوة السادة عشان تشوف خطوط المستقبل وتقرا الواقع، وراحت لخالتي قارئة الفنجان بتاعة الراحل "نزار قباني" وأول ما ست الحاجة مسكت الفنجان أصابتها حالة من الصمت المليء بالدهشة مع مزيد من نظرات الاستياء والغضب.

فقطعت أمي مصر لحظات الصمت بقولها: أقري يا ختي... أنا عارفة كل الأحوال حتى لو محزنة وليست بعليا خافية!!!
فقالت ست القارئة: بصي يا مصر يا ستي وحبيبتي، حالك يا ختي مش عاجبني بقالك كم قرن من سيء لأسوأ، وولادك بقت حالتهم تكسف لا بيبدعوا ولا بينجزوا وبقوا دايمًا وسط أصحابهم من أواخرهم.
أما يا ستي عن فنجانك والأحوال الاقتصادية فهي بالفلس متحنية، وفيه أزمات اقتصادية وبطالة وكساد وركود في الأنشطة الاستثمارية.
أما عن أحوالك الاجتماعية، ففنجانك مليان بشرية وهتزيد الكتل السكانية في كل ركن وزنقور ، وأولادك اللي عايشين بالشوارع أعدادهم هتتضاعف وتزيد بصورة يومية، أما شوارعك هتبقى حالتها مزرية والزبالة والحشرات في ركن مترمية. وأحوال ولادك وبناتك هتزداد صعوبة ومأساوية. وانتشرت بين ولادك الزبيبة والجلابية وبقت الدقون طويلة والجلاليب قصيرة والعقول سمينة والقلوب غليظة وبيحكم شعبك الدقن والعمة وراحت هيبتك وزهوتك وبقيتي أضحوكة لضرتك.

وبكت القارئة وقالت: صعبتي عليا يا مصر ياللي كنتي أم الدنيا، ولكن مصر أجابت وهي حزينة ولكنها صلبة متشامخة: متخافيش عليا... طول ما فيه حياة يعني دايمًا لسة فيه أمل جديد وحلم جديد، لسة فيه حبة من ولادي بيشرفوني وبيرفعوا راسي وبيحاولوا يشيلوا عن توبي الغبار ويرجعوا لي مجدي اللي راح.
وفضلت أمي تنادي بأعلى صوتها على ولادها اللي لسة بيحبوها واللي خايفين عليها وطلبت منهم أنهم لازم يساعدوها ومن التعصب والكراهية والتأخر يخلصوها، ويرجعوها لمجدها ولعزها ولحضارتها صاحبة الـ 7 آلاف سنة. 

عادي في بلادي: تظل أمنا مصر تستغيث بأولادها وتنادي لينهضوا بها من وحل وقاع الجهل والتأخر ولكن دون مجيب، غالبًا كل الخطوط مشغولة أو الشبكة واقعة ودايمًا بتسمع إجابة (كل الخطوط مشغولة ومتحاولش الاتصال في وقت لاحق)، لتظل دومًا أحلام مصر وشعبها سجينة داخل فنجان.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق