CET 11:19:31 - 08/10/2009

مساحة رأي

بقلم: القس رفعت فكري سعيد
بدعوة من دار الثقافة التابعة للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية ذهبت يوم الجمعة الماضي 2 أكتوبر 2009 لدار الأوبرا المصرية لحضور حفل افتتاح فيلم دمشق تتكلم (بولس الرسول) الذي أنتجته مؤسسة المحبة للإنتاج الفني, وحضر الحفل الكثير من المثقفين ورجال الفكر المصريين, بالإضافة لعدد من الشخصيات السورية والعربية, وكان ضمن الحضور مخرج العمل خالد الخالد وكاتبة السيناريو ميساء سلوم .
وكان جوهر التفكير والسبب الرئيسي لإطلاق هذا الفيلم الفيلم الدرامي الوثائقي السوري, المقولة التي كثيراً مايرددها الرئيس السوري بشار الأسد" إن كانت فلسطين مهد السيد المسيح فإن سورية هي مهد الرسالة المسيحية" .
وفيلم دمشق تتكلم يحكي قصة ذلك الرجل اليهودي المتعصب والمتطرف دينياً والمضطهد المستبد شاول الطرسوسي والذي ظهر له السيد المسيح بطريقة معجزية وهو في طريقه إلى دمشق العاصمة السورية أقدم مدينة مأهولة في التاريخ وتحديداً في "تل كوكب"  ليضطهد المسيحيين ويقتلهم ويسفك دماءهم هناك, فإذا به يلقي سيفه جانباً ويدخل دمشق شخصاً جديداً مختلفاً, يدعو للحب والتسامح والسلام, وينبذ التعصب والكراهية ورفض الآخر .
والرائع في الفيلم هو تصوير الأحداث في ذات الأماكن التي حدثت فيها سواء في دمشق أو خارجها بدراما وتقنيات عالية جداً,  وأيضاً مزجه بين الأصالة والمعاصرة فبينما صُورت المشاهد في نفس المواقع التي جرت فيها الأحداث نجد مشاهد الفيلم تلقي الضوء على هذه الأماكن كما هي الآن في وضعها الراهن, فبينما يصور لنا الفيلم دمشق القديمة وكيف جرت فيها أحداث التاريخ, نجد الكاميرا وهي تنقل لنا صور الكنائس الجميلة والجديدة التي بُنيت في ذات الأماكن التي مر بها شاول الطرسرسي.
ويبدأ الفيلم بموافقة شاول الطرسوسي على رجم استفانوس أول شهيد في المسيحية ففي سفر أعمال الرسل 6 : 8-14 يقول الكتاب المقدس "وكانَ إستفانُوسُ مُمتلِئًا مِنَ النِّعمَةِ والقُدرَةِ، فأخَذَ يَصنَعُ العَجائِبَ والآياتِ العَظيمةَ بَينَ الشَّعبِ. فقامَ بَعضُ أعضاءِ المَجمَعِ المَعروفِ بِمَجمَعِ العَبـيدِ المُحَرَّرِينَ، ويَهودٌ مِنْ قِيرينَ والإسكَندرِيّةِ، وسِواهُم مِنْ كيليكيةَ وآسيةَ، وأخَذوا يُجادِلونَ إستِفانوسَ، ولكِنَ الرُّوحَ أعطى إستِفانوسَ مِنَ الحِكمةِ ما جعَلَهُم عاجِزينَ عَنْ مُقاوَمَتِهِ، فَرَشَوا بَعضَ النـاسِ ليَقولوا: «سَمِعنا هذا الرَّجُلَ يُجَدِّفُ على موسى وعلى الله! «فهَيَّجوا الشَّعبَ والشُّيوخَ ومُعَلِّمي الشَّريعةِ. ثُمَ باغَتُوهُ وخَطفُوهُ وجاؤوا بِه إلى المَجلِسِ. وأحضَروا شهودَ زورٍ يَقولونَ: «هذا الرَّجُلُ لا يكُفُّ عَنْ شَتْمِ الهَيكَلِ المُقَدَّسِ والشَّريعةِ. ونَحنُ سَمِعناهُ يَقولُ: سيَهدِمُ يَسوعُ النـاصريُّ هذا المكانَ ويُغيِّرُ التقاليدَ التي ورِثناها عَنْ موسى!"
ومن نفس السفر في أصحاح  7 : 54 - 60    فلمَّا سَمِعَ أعضاءُ المجلِسِ كلامَ إستِفانوسَ مَلأَ الغيظُ قُلوبَهُم وصَرَفوا علَيهِ بأسنانِهِم. فنَظَرَ إلى السَّماءِ، وهوَ مُمتلئٌ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ، فرَأى مَجدَ الله ويَسوعَ واقِفًا عَنْ يَمينِ الله. فقالَ: «أرى السَّماءَ مَفتوحَةً واَبنَ الإنسانِ واقِفًا عَنْ يَمينِ الله! «فصاحوا بأعلى أصواتِهِم، وسَدُّوا آذانَهُم، وهَجَمُوا علَيهِ كُلُّهُم دَفعةً واحِدةً، فأخرَجوهُ مِنَ المدينةِ ليَرجمُوه. وخلَعَ الشُّهودُ ثيابَهُم ووَضَعوها أمانَةً عِندَ قَدَمي فَتًى اَسْمُهُ شاوُلُ. وأخَذوا يَرجُمونَ إستِفانوسَ وهوَ يَدعو، فَيقولُ: «أيُّها الرَّبُّ يَسوعُ، تَقبَّلْ رُوحي! «وسَجَدَ وصاحَ بأعلى صوتِهِ: «يا رَبُّ، لا تَحسُبْ علَيهِم هذِهِ الخطيئَةَ! « قالَ هذا وماتَ", وعن موقف شاول من هذا الجرم يقول سفر أعمال الرسل 8 :1   وكانَ شاوُلُ مُوافِقًا على قَتلِ إستِفانوسَ. وبَدأَت كَنيسةُ أُورُشليمَ تُعاني اَضْطهادًا شديدًا، فَتَشَتَّتَ المُؤمنونَ كُلُّهُم، ما عَدا الرُّسُلَ، في نواحي اليَهوديَّةِ والسَّامِرَةِ.
وبسبب حقد شاول وكراهيته الشديدة للمسيحيين لم يكتف بقتل استفانوس بل طلب السفر إلى دمشق, يقول سفر أعمال الرسل  9 : 1- 19  أمَّا شاولُ، فكانَ يَنفُثُ صَدرُهُ تَهديدًا وتَقتيلاً لِتلاميذِ الرَّبِّ. فذهَبَ إلى رَئيسِ الكَهنَةِ وطلَبَ مِنهُ رسائِلَ إلى مجامِـعِ دِمَشقَ، ليَعتَقِلَ الرِّجالَ والنِّساءَ الذينَ يَجدُهُم هُناكَ على مَذهَبِ الرَّبِّ ويَجيءَ بِهِم إلى أُورُشليمَ.وبَينَما هوَ يَقتَرِبُ مِنْ دِمَشقَ، سَطَعَ حَولَهُ بغتةً نُورٌ مِنَ السَّماءِ، فوقَعَ إلى الأرضِ، وسَمِعَ صَوتًا يَقولُ لَه: «شاوُلُ، شاوُلُ، لِماذا تَضطَهِدُني؟« فقالَ شاوُلُ: «مَنْ أنتَ، يا ربُّ؟« فأجابَهُ الصوتُ: «أنا يَسوعُ الذي أنتَ تَضْطَهِدُهُ. [صَعْبٌ علَيكَ أنْ تُقاوِمَني«.فقالَ وهوَ مُرتَعِبٌ خائِفِ: «يا ربُّ، ماذا تُريدُ أن أعمَلَ؟« فقالَ لَه الرَّبُّ:] «قُمْ واَدخُلِ المدينةَ، وهُناكَ يُقالُ لَكَ ما يَجبُ أنْ تَعمَلَ«.وأمَّا رِفاقُ شاوُلَ فوَقَفوا حائِرينَ يَسمَعونَ الصَّوتَ ولا يُشاهِدونَ أحدًا. فنهَضَ شاوُلُ عَنِ الأرضِ وفتَحَ عَينَيهِ وهوَ لا يُبصِرُ شيئًا. فقادوهُ بِـيَدِهِ إلى دِمَشقَ. فبَقِيَ ثلاثةَ أيّامِ مكفوفَ البَصَرِ لا يأكُلُ ولا يَشرَبُ.وكانَ في دِمَشقَ تِلميذٌ اَسمُهُ حَنانيَّا. فناداهُ الرَّبُّ في الرُؤيا: «يا حَنانيَّا! « أجابَهُ: «نعم، يا ربُّ! «فقالَ لَه الرَّبُّ: «قُمِ اَذهَبْ إلى الشـارِعِ المَعروفِ بالمستَقيمِ، _ وهو سوق مدحت باشا حالياً - واَسألْ في بَيتِ يَهوذا عَنْ رَجُلٍ مِنْ طَرسوسَ اَسمُهُ شاوُلُ. وهوَ الآنَ يُصلِّي، فيَرى في الرُؤيا رَجُلاً اَسمُهُ حنانيَّا يَدخُلُ ويَضَعُ يَدَيهِ علَيهِ فيُبصرُ«.فأجابَهُ حنانيَّا: «يا ربُّ، أخبَرَني كثيرٌ مِنَ النـاسِ كم أساءَ هذا الرَّجُلُ إلى قِدِّيسيكَ في أُورُشليمَ. وهوَ هُنا الآنَ ولَه سُلْطَةِ مِنْ رُؤساءِ الكَهنَةِ أنْ يَعتَقِلَ كُلَ مَنْ يَدعو باَسمِكَ«.فقالَ لَه الرَّبُّ: «إذهَبْ، لأنِّي اَختَرتُهُ رَسولاً لي يَحمِلُ اَسمي إلى الأُمَمِ والمُلوكِ وبَني إِسرائيلَ. وسأُريهِ كم يَجبُ أنْ يَتَحَمَّلَ مِنَ الآلامِ في سبيلِ اَسمي«.فذهَبَ حنانيَّا ودخَلَ البَيتَ ووضَعَ يَدَيهِ على شاوُلَ وقالَ: «يا أخي شاوُلُ، أرسَلَني إلَيكَ الرَّبُّ يَسوعُ الذي ظهَرَ لَكَ وأنتَ في الطَّريقِ التي جِئتَ مِنها، حتى يَعودَ البَصَرُ إلَيكَ وتَمتلئ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ«فتَساقَطَ مِنْ عَينَيهِ ما يُشبِهُ القُشُورَ، وعادَ البَصَرُ إلَيهِ، فقامَ وتَعَمَّدَ. ثُمَ أكَلَ، فعادَت إلَيهِ قِواهُ.

ومن ذلك اليوم  أصبح بولس من أعظم المبشرين بالمسيحية سواء في دمشق أو خارجها , فبعد أن نشأ متعصباً لعقيدته وديانته إلى حد اضطهاد من يخالفونه فيها غير السيد المسيح حياته وهو في طريقه إلى دمشق , فمن علياء سمائها أشرق عليه نور الحق لينزع عصابة عينيه وليشرق في بصيرة روحه وليضئ ظلمة قلبه وليصبح أعظم سفير للسيد المسيح مر على تاريخ البشرية وعلى مدى الأجيال .وينتهي فيلم دمشق تتكلم بكلمات شاول الإرهابي - عفوا - أقصد الرسول بولس التي كتبها لكنيسة كورنثوس أصحاح 13 : 1- 8 "لَو تَكَلَّمتُ بِلُغاتِ الناسِ والملائِكَةِ، ولا مَحبَّةَ عِندي، فما أنا إلاّ نُحاسٌ يَطِنُّ أو صَنْجٌ يَرِنُّ.ولَو وهَبَني الله النُبوَّةَ وكُنتُ عارِفًا كُلَ سِرٍّ وكُلَ عِلمِ، وليَ الإيمانُ الكامِلُ أنقُلُ بِه الجِبالَ، ولا مَحبَّةَ عِندي، فما أنا بِشَيءٍ.ولَو فَرَّقْتُ جميعَ أموالي وسَلَّمْتُ جَسَدي حتى أفتَخِرَ، ولا مَحبَّةَ عِندي، فما يَنفَعُني شيءٌ.المَحبَّةُ تَصبِرُ وتَرفُقُ، المَحبَّةُ لاتَعرِفُ الحَسَدَ ولا التَفاخُرَ ولا الكِبرِياءَ.المَحبَّةُ لا تُسيءُ التَّصَرُّفَ، ولا تَطلُبُ مَنفعَتَها، ولا تَحتَدُّ ولا تَظُنُّ السّوءَ. المَحبَّةُ لا تَفرَحُ بِالظُّلمِ، بَلْ تَفرَحُ بالحَقِّ. المَحبَّةُ تَصفَحُ عَنْ كُلِّ شيءٍ، وتُصَدِّقُ كُلَ شيءٍ، وتَرجو كُلَ شيءٍ، وتَصبِرُ على كُلِّ شيءٍ.المَحبَّةُ لا تَزولُ أبَدًا".
إن دمشق لازالت تتكلم ولازالت تعلن وتصرخ بأعلى صوت إن أعتى الإرهابيين يمكن أن يتغير ويصبح داعياً للحب والسلام , فهل من مُصدق ؟!!

القس رفعت فكري سعيد
راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف – شبرا
refaatfikry@hotmail.com

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١٠ تعليق