CET 00:00:00 - 08/10/2009

مساحة رأي

بقلم: أدولف موسى
أريد هنا أن أتطرق مجالاً لم يتكلم فيه الكثير، أريد هنا محاولة الرد على سؤال قد حير الكثير ممن تحدثت معهم وحيرني أنا أيضًا، هل من الممكن للسياسة وكسب المال أن تتماشى مع هذه العناصر التالية: الأخلاق، القيم، الدروشة، العقيدة -أيًا كان نوعها-؟.
 كلنا نعلم أن السياسة وكسب المال لا يستطيعوا أن يسيروا بالوهم ولكنهم لا بد أن يُحكموا ويتغيروا مع تغيرات احتياجات الشعوب وتقدمها الحضاري. فهم لا بد لهم أن يسيروا في اتجاه الواقع والخيال ليس له تأثير عليهم إلا في حالة أن هناك بعض خبراء النصب قد تخصصوا فى بيع الخيال للنصب على بعض فئات ضعيفة النفوس لتربح منها ماديًا. أيضًا في هذه الحالة يعد كسب المال كواقع ينتج عن حيلة مرسومة بواقعية وهي معرفة نقط ضعف هؤلاء ضعفاء النفوس للربح من وراء جهلهم وهذا ليس خيالاً.

لكننا عندما نأتي إلى هذه اللوغاريتمات المسماة بالمبادئ والقيم والأخلاق والعقيدة فسوف نجد أن هذه مصطلحات تختلف أشكالها من مجتمع إلى آخر، ولكي نكون منصفين في آرائنا لا بد أن نسلم بأمر واقع وهو أن هذه الأشياء نسبية وغير ثابتة التعريف، أيضًا لكي يكون لأي إنسان مصداقية لا بد له أن لا ينقد جزء معين من المجتمعات ويترك الآخرين كأن كل ما يفعلون هؤلاء الآخرين شيء رائع ولا غبار عليه.
أريد أن أتكلم أيضًا عن نظم الغرب، هل هي كما يدعون كثيرًا من المصفقين لها نظم كاملة التحضر وبارعة أم تحتوي هي أيضًا على أشياء سلبية؟
سوف أبدأ بالشرق ولن أنسى الغرب هذه المرة الذي سوف يأخذ نصيبه فيما بعد.
 
رغم أنني نشأت في الشرق ومنه أخذت جذور فكري وخبرتي في الحياة إلا أنني قد قررت دخول الشرق مرة أخرى ولكن هذه المرة عن طريق أخذ دور الباحث. فمعنى هذا أنه سوف يكون دخولاً ذهنيًا وفكريًا.
 فلنحاول سويًا عرض بعض الحقائق التي تحدث هناك ونحاول معرفة مدى تماشيها وتماسكها ببعضها.
فلنترك الآن التحدث عن ما يتماشى مع الواقع -وهو كما ذكرت من قبل السياسة وكسب المال- لما بعد ولنحاول البحث في الأشياء التي أسميناها بالأشياء النسبية أو الغير ثابتة التعريف.

أول ما أريد أن أتحدث عنه هو إيضاح مفهوم الشيء المسمى بالأخلاق لنعرف هويته والمفهوم المراد منه. هل لمفهوم الأخلاق ثوابت تستطيع أن تُطبق على الجميع وفي كل المجتمعات؟ إن كان كذلك، فمن أين نأتي بهذه الثوابت التي يسمونها بعض الناس بالمسلّمات والتي أيضًا في كثير من الأحوال -بالأخص في الشرق- ليس لأحد حق طرحها للنقاش؟
لو كانت حجة عدم السماح بالنقاش أو البحث هي أن معلومات هذه المسلّمات آتية من كتاب ما قيل أنه جاء من السماء، فمن أين نتأكد من صحة هذا الادعاء أو مصداقيته؟ هل رأى أحدًا كتابًا قد سقط من السماء؟ هل لأن هناك من ادعى عليه هكذا لا بد أن يكون شيء مسلّم به؟ هل يُعطَى للعقل البشري الحق في دراسته وتحديد مصداقيته؟ من المعروف أيضًا أن كل فكر يمنع تابعيه البحث فيه أو حق نقده للفهم لا بد أن يكون فكرًا وليد الظلمة ويخاف إظهار حقيقته للناس لأن به عِللٌ (وربنا أمر بالستر). فمن يتبع هذا الفكر -حتى إن كان هذا الفكر صالح- بدون تفكير قد حكم على نفسه بموافقته على الغباء والجهل.
 
كما قلت من قبل أنني عندما دخلت مصر كباحث شاهدت بعض الأشياء التي تحدث وتؤكد لى لن هناك انفصام في شخصية هذا المجتمع الذي من المستحيل فهمه. تعالوا بنا نحلل بعض الأشياء التي يدعي الشرق أنها تمثل المبادئ الأخلاقية. لكم بعض ما شاهدت:
 
1- شاب يسير مع شابة في الطريق وهم فقط يتحدثون، يأتي إنسان آخر يقول على نفسه أنه ابن الحتة التي تسكن فيها الفتاة! وهو في الواقع ما يسمى بـ"الصايع"، هذا الصايع ليس له محل من الإعراب ولا في المجتمع على الإطلاق، يتصدى هذا الصايع للشاب الذي يمشي مع الفتاة تحت ادعاء أنه يريد حماية بنت حتته! حدثت مشادة قد وصلت إلى استعمال العنف الجسدي، عندما سألت عما يحدث قالوا لي أن هذا من أخلاق ابن الحتة -أي الصايع- الذى يريد حماية بنت حتته وهذا من أخلاقياته الرائعة!

2- شاب وشابة اتفقوا أن يعيشوا سويًا في منزل واحد لمدة أسبوعين، كتبوا بينهم ورقه! دخل عليهم شرطة الآداب في حالة معاشرة زوجية، أخرج الشاب هذه الورقة فتأسف لهم ضابط الشرطة وخرج وهو يقول لهم "آسف للإزعاج.. كملوا فهذا يتماشى مع الأخلاق لأن ماتقوموا به شرعي! بعد أسبوعين مزّق الشاب والشابة الورقة وذهب كل منهم لحاله ولمغامرة أخلاقيه مشَّرعة جديدة. فقط ورقة تستطيع أن تحل مشاكل الدعارة في بلد كلها أخلاقيات وقيم ومبادئ!
3- رجل تزوج امرأة وأنجب منها أطفالاً، جاء يومًا من الأيام قال هذا الزوج لزوجته أنه يريد أن يتزوج مرة أخرى، عندما اعترضت الزوجة قال لها الزوج أن هذا شرع الله وهذا حقه أن يتزوج حتى ثلاثة آخرين! وفعل هذا أيضًا وتزوج تدريجيًا بثلاثة آخرين ليكون مجموع نساءه أربعة. كانت مسابقه قد نشأت بين هؤلاء النساء على من ينجب أكثر، فكانت كل واحدة مثمرة وأنجبت كل واحدة أربعة أطفال. الاصل كان رجلاً وأربعة نساء والآن أصبحت أسره تتكون من 21 شخصًا! بعد قليل قرر الرجل أن يفصل الاثنين الأولين من زوجاته من الخدمة لأنهم اصبحوا كبارًا في السن وقرر أن يعوضهم باثنين آخرين! لكن ماذا يفعل بأطفال هؤلاء المفصولات من الخدمة؟ يلقوا مع أمهاتهم في الشوارع! ليس لهم مأوى أو مأكل. الأم تتزوج من جديد تحت بند أنها تريد أن تُسّتر والأطفال أصبحوا أطفال شوارع! عندما سألت هذا الرجل عن ما فعل قال لي: أنه نفذ حقه الشرعي! معنى هذا بلُغة الشرق أن هذا الذي حدث يتماشى كاملاً مع مكارم الأخلاق! عجبت لك يا زمن!

4- جاء رجلاً من بلاد أصل الشرع إلى مصر بعد أن طلق أحد زوجاته الأربعه هناك، تقدم إلى رجل آخر يطلب الزواج من ابنته التي تمتلك من العمر عدد قليل من السنوات! لأنه رجل غني وافق الأب وفرحت الفتاة الصغيرة لأنها لم تفهم شيئًا عن ما ورِطَت فيه ولأنها قد حصلت على هدايا كثيره كانت لا تحلم بامتلاكها يومًا من الأيام. أصبح للرجل العجوز أربعة "بقرات" على ذمته. وإذ أنه سمع أن هناك أخرى أيضًا تسع سنوات وكان أبوها يجري وراءه ليزوجها إياه لأن الرجل العجوز كان سوف يدفع فيها ثمنًا كبيرًا. كانت المشكلة كيف يستطيع الارتباط شرعيًا بهذه الطفلة؟ فجاء الحل من فقهاء ومشرعي الدين! فليشتريها من أبوها فتكون له ملك يمين وهذا يجوز! سألت المسؤلون الأفاضل عن شرعية ما حدث وهل هذا يتماشى مع الأخلاق؟ كانت الإجابه أوقح مما يتخيل أي عقل بشري أو غير بشري أيضًا: نعم .
عزيزى القارئ، أريد من أي إنسان أن يذكر لى علَّة واحده فيما كتبت ويحكم بنفسه عن أخلاقية أو عدم أخلاقية ما كُتِب. سوف أوالي مقالتي في الجزئين القادمين.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق