بقلم: عادل عطية
أحسست بالخريف الزاحف على الطبيعة يحّد كل الأشياء حولي، تأملت شجرتي الرابضة في هدوء بجوار بيتي، والخريف الأصفر يعتصر جذورها، ويمتص آخر قطرة من اخضرارها!
أراها وهي تتعرى إلا من ذكرياتي، وتتحول أوراقها اليابسة إلى تراب! -جراحة كل عام–.
إنها صامدة –كعهدي بها- تستسلم في دعة وثقة لمقراض الطبيعة،
لا تئن
ولا تشتكي
ولا تبنئس
بل تنتظر في حكمة يوم النقاء في حضن المطر، فلا يبقى لغبار الكون مكانًا في كيانها، إلى أن تستريح في بيات شتوي في انتظار الربيع الواعد!
، ، ،
ويعود تفكيري إلىّ.. وأجد نفسى أنا أيضًا بين رياح خريف العمر، وأيامي تتساقط عني، وأشيخ.
تذكرت بداياتي الأولى، ورغبتى الحميمة في أن أطاول قامة الكبار!
ولم أكن أدرك في طفولتي أنه كلما زادت أيام حياتي كلما نقصت أيام عمري بالمقابل، وسوف أرحل –يومًا ما- إلى الغرب في سبات طويل.
وفي ثقة لمعت من السماء قلت لنفسي:
قد أكون كالشجرة في الخريف العاصف.
ولكني لست بشجرة!
فكل ورقة إنسانية تتساقط من عمري.
تضاف إلى عقلي وفكري علمًا وخبرة ودراية.
وتبقى جذوري ليست ممتدة في الأرض، بل في القلب -قلب من أعرفهم ويعرفونني-.
عارفًا بأن ربيع الإنسان -كل إنسان- ليس ربيعًا واحدًا، بل ربيعين:
ربيع الحياة في أولاده وأحفاده.
وربيع الأبد في الحياة السماوية. |