CET 00:00:00 - 02/10/2009

مساحة رأي

بقلم: عبدالمنعم عبدالعظيم
كان سانتى ابنا للفرعون المصرى سنوزيرس من العصر الوسيط يعيش حالة اكتئاب دائم فهو لم يذق للسعادة طعما, كان يؤرق حياته ان زوجه الاميرة (ماهى) الجميلة لم تستطيع انجاب الابن الذى تمناه مما زاد فى احساسة بالتعاسة كان يدلف الى المعبد ويناجى الالهة ان تمنحه الخلف الذى يملىء وحدته وذات يوم سمع فى منامه هاتفا يناديه يابن فرعون لاتحزن ستضع امراتك (ماهى) الجميلة طفلا سمه سنوزريس ولتهنىء مصر بالخوارق التى ستكون على يديه لكل الناس ولعله كان على موعد مع القدر اذ تحققت النبوءة بعد عدة اسابيع فقد وضعت زوجه ابنا لم يكد يخرج للدنيا ويرى النور حتى سجد يصلى وكان وهو فى السادسة من عمره يشترك مع الكهنة فى قراءة كتاب الحكمة ويدهشهم فهمه لنصوصة التى وضعت قبل مولده بالاف السنين وذات صباح بينما كان سانتى يغتسل على سطح بيته شق سكون الليل عويل يرتفع فى الطريق واطل سانتى فاذا جنازة رهيبة لواحد من اغنياء المدينة يشيعه موكب حافل رهيب الى مقابر المدينة منف وتمضى لحظات فاذا بميت اخر فى الطريق ملفوف فى خرق بالية يشيعه بضعة افراد من اولاده بدون موكب ولا ضجيج ولا صراخ ونحيب

فهتف سانتى رافعا يديه الى السماء : يااوزوريس ياسيد الامنت ( الدار الاخرة ) العظيم القدرة فى العالم الاخر اكتب لى دخول دار الاموات فى موكب فى عظمة وجلال موكب هذا الغنى ولاتحرمنى من شجو الموسيقى وندب النداببن التى حرمت منها جنازة هذا الفقير نظر اليه ولده سنوزيس طويلا ثم خاطبه: يا ابتى لكم اتمنى ان تموت ميته هذا الفقبر لا ميته هذا الغنى تالم سانتى من خطاب الابن وظل يعاتبه ويعنفه ويقول له انه جاحد لايريد الخير لابيه ولكن الابن قال لابيه : اذا اردت اريك مصير كل منهما فى الاخرة وامسك سنوزيس بيد ابيه واخذ يرتل تعاويذ بدت غريبة على الاب ثم انطلق به الى جبل منف حيث هبطا الى فجوة ضيقة بين الصخور وما كادا يهبطا اليها حتى وجدا نفسيهما فى قاعة قادتهما الى اخرى اكثر اتساعا ثم الى ثالثة اكبر من قاعة فرعون نفسه وهنا شهد سانتى جمع مزدحم من البشر فيهم الفقير والغنى الوضيع والرفيع الجميل والقبيح ثم عاد الصبى يقود اباه ويجتاز به الباب الى القاعة الرابعة وهناك شهد قوما مولين على ظهورهم حمير تاكل ... وقوما اخرين يمدون ايديهم الى الطعام المعلق فوق الظهور فلا يستطيعون اليه سبيلا اذ تقف دونهم حفر يحفرها قوم اخرون تتسع وتتسع وتحول بينهم وبين الزاد ثم اجتازا بابا الى قاعة خامسة وشهد سانتى باب القاعة يرتكز على عينى رجل راح يستغيث ويصرخ ومن خلفه ناس يبكون يلحون فى طلب الدخول فلا يسمح لهم ابدا وكان لابد لهما ان يدخلا القاعة فاذا بهما يدوسان على الرجل المنبطح تحت الباب وكان هذا جزء من العقاب الذى قدر له اذ يدوسه كل الاموات الذين يجتازون قاعات العذاب الى مكان السعداء

ثم كانت القاعة السادسة حيث شهد سانتى محكمة الموتى منعقدة برئاسة القاضى الاكبر اوزوريس سيد الامنت (الدار الاخرة ) متربعا على عرش من ذهب وفوق راسه تاج الجنوب الابيض المرصع من جانبيه بريشتى نعام والى جوار اوزويس يتربع انوبيس وتوت وحولهما من شمال ويمين اثنان واربعون قاضيا تكتمل بهم هيئة المحكمة وفى وسط القاعة ميزان توزن فيه الحسنات والسيئات يستجوب انوبيس الميت ويدون توت اجابته فمن رجحت حسناته وقلت سيئاته قاده الالهة المحيطون باوزوريس الى جنة الاموات الصالحين حيث يتمتع بالسعادة الخالدة اما من رجحت سيئاته وقلت حسناته فانه يسلم الى كلبة سيد امنت المفترسة المستلقية تحت قدميه مستعدة لان تمزق بانيابها الشرسة العصاة وتفرس سامنتى فى الهة العقاب فاذا به يلمح رجل نبيل الطلعة يرتدى ثوبا من الكتان الفاخر يقف الى جوار ازوريس وسال سانتى ابنه عمن يكون هذا الرجل الذى حظى بهذه المعية وتلك المكانة العالية فاجابه ابنه الحكيم هذا هو الرجل الفقير الذى رايه مكفنا بالخرق والاسمال البالية ومحمولا بلا موكب الى جبانة منف انه نفسه الذى اثار اشمئزازك وتمنيت الا تموت ميتته لقد حل امام محكمة الموتى فرجحت حسناته على سيئاته انه تعذب كثيرا فى الارض ليسعد طويلا فى الابدية ولكى تتم سعادته خلع عنه اوزوريس اسماله البالية وكفنه الممزق والبسه كفن الغنى الذى رايته مشيعا فى حفاوة وموكب مهيب الى مقبرة منف هذا الرجل نفسه هو الذى دست عليه عند دخولك القاعة وكان محور الباب مرتكزا على عينيه اليمنى يضربها كلما فتح الباب او اغلق فحوكم الغنى الطاغية قرجحت سيئاته على حسناته وحكم علية بالعقاب الصارم بعد ان تلقفته كلبة سيد الامنت (الدار الاخرة) المفترسة تلك التى ترى فمها فاغرا كأتون ومخالبها حادة كالسكاكين وراسها مدبب كتمساح وجسمها بشعا كتنين .

هكذا يابتى اننى تمنيت لك فى الارض ميتة الفقير لاميتة الغنى لاننى كنت اعلم مصير كل منهما فى الاخرة وقال الابن كنت اعلم الكثير مما مما سيحدث بعد ذلك وحرصت على ان لاتشهده بعينيك حتى لايزداد الامر هولا لديك ففى اعماق الجحيم هناك الزبانية الذين ينشغلون دائما بتعذيب الارواح الشريرة فيتولى بعضهم تحطيم عظام المذنبين ويتولى البعض سلخ لحم المذنبين عن عظامهم وهناك من يعذب الضالين بضربهم بالرماح ثم يتولون فرم لحومهم وشيها بعد تمزيقها بالكلاليب وغير هؤلاء يوجد حملة السيوف والسهام لطعن الاجساد بعد تعذيبها بمساحيق نارية حارقة كما يوجد من يغرسون المحكوم عليهم فى الاتون المشتعل ومن يقذفونهم بقوة على الصخور وهناك من تكون مهمتهم ارغام الارواح على الجلوس على الخوازيق قال سانتى لابنه الحكيم لقد رايت يابنى فى الامنت ما اوحشنى فهل تستطيع ان تخبرنى عن هؤلاء الذين رايناهم مولين وعلى ظهورهم تاكل الحمير وعن هؤلاء الذين لا يملكون سبيلا الى الزاد بسبب الحفر لتى تزداد وتتسع تحت اقدامهم اجاب سنوزيس اجل ياابتى الاولون هم ابناء هذه الارض الذين لعنتهم الالهة ويعملون ليل نهار ليضمنوا بقاءهم دون ان يهتموا بمن حولهم فتتحول نسائهم الى حمير نهمة تنهب اموالهم وتاكل على ظهورهم اما الذين يمدون ايديهم عبثا الى الطعام فهؤلاء من استاثروا بخيرات وما شبعوا فعوقبوا بالحرمان وماكاد سنوزيس ينتهى من شرح ماخفى على ابيه حتى شده بيده ليعود الى مجلس فرعون حيث راح سانتى يحكى له عما شاهده فى الامنت (الدار الاخرة ) واطل باحثا عن ابنه الحكيم الذى تلاشى فجاة ولم يقفوا له على اثر كانه كان يحمل رسالة السماء للناس وبلغها ومضى وهتا انتاب الجميع صمت رهيب فلم يكن بوسع احد الكلام .

ربما كان هذا جزء من الاساطير التى امتلىء بها التاريخ الفرعونى ولكنها ولا شك رؤية للعالم الاخر فى كنانة الله مصرلاتختلف كثيرا عن الرؤى اللاهوتية و لاينكر منكر ان مصر كانت مهد ادريس النبى عليه السلام وزارها ابا الانبياء ابراهيم غليه السلام وفيها عاش ومات يوسف الصديق عليه السلام وولد ومات موسى عليه السلام واحتضنت عيسى عليه السلام طفلا وصهرت الى سيد الخلق محمد صلوات الله عليه وسلامه ربما هذه الروى انتقلت من هؤلاء الى وجدان الشعب المصرى وربما سبقت هذه الرؤى رؤى الاسراء والمعراج وكوميديا شامبليون ورسالة غقران ابى العلاء المعرى وجحيم دانتى ولكنها جزء من تاريخنا المجيد .

عبدالمنعم عبدالعظيم الاقصر -- مصـر

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق