بقلم: سحر غريب
استفزتني إعلانات تبثها الآن جميع القنوات تحث المصريين على الذهاب لتشجيع منتخب كرة القدم للناشئين، إعلانات مستفزة جدًا لكنها تروج –عن قصد أو عن غير قصد- لطبع مصري صميم، طبع يعتمد فيه المشاهير على شهرتهم والطبقة المحظوظة اللي فوق القانون على نفوذها وسطوتها للحصول على حقوقهم سواء أكانت مشروعة أم لا.
فتظهر تلك الإعلانات اللاعب المصري الناشئ بمنتهى البراءة –براءة ذئب لا يعلم بعد أنه ذئب- وهو يدخل السينما فيطالبه الجالس بجواره أن يفسح له مكانًا، أو في أحد مطاعم الوجبات السريعة وهو ينتظر الحصول على الباقي ويتعرض للتطنيش كما يحدث مع أي مواطن مصري يحترم نفسه، أو في إعلان آخر يصور لنا لاعب يركن سيارته فيتعرض للتوبيخ من رجل أمن خاص، وفي الآخر يقول الإعلان عشان تعرفوهم روحوا وشجعوهم.
لن أتكلم هنا عن تناقض الدولة فيما تبثه من إعلانات، ففي نفس الوقت الذي تهيب فيه بالسادة بالمواطنين عدم التواجد في الأماكن المزدحمة تبث إعلانات أخرى تشجع نفس المواطنين –شوف إزاااااي- على عمار الاستادات التي تزدحم عند مداخلها ومخارجها، ولن أتكلم عن كون تلك الإعلانات ستتخذ ضد اللاعبين بعد الوصول لقمة الكرة المصرية حتى نذكرهم ببدايتهم ومن فات قديمه تاه ونذكرهم بأننا إحنا اللي عملناهم بتشجيعنا وهتافنا ولو إننا شعب فاقد الذاكرة بنعمل الخير ونرميه البحر.
هل سألنا أنفسنا عن هذا اللاعب الصغير الذي سيكبر وفي ذهنه أن الشهرة تفتح له جميع الأبواب المُغلقة، وإلى مَن ستحوّله تلك الشهرة التي تهد قيمه وأخلاقه وهي تبنى في نفس الوقت رصيده في البنوك؟
هل ستتغير نظرة البراءة في عينيه ويتحول إلى صورة مجسدة أخرى للاعب مثل إبراهيم سعيد الذي كان موهوبًا حتى نال شهرة واسعة فتحول إلى لاعب على ما تفرج وأصبح كل همه هو تقليد قصات شعر المشاهير الكبار وأصبحت كل شهرته تتمثل في هز شعره الذي يوجد فوق الكرة الصماء التي تعلو كتفيه
أو هل سيتحول هذا الوجه الطفولي البريء إلى شبيه شيكابالا اللي واخدها فتونة ويتوعد جماهير ناديه بالويل والثبور وعظائم الأمور ويرد شتيمتهم بشتيمة مثلها، ويخطط مستقبلاً لكي يحمل كيسًا من الطوب يرميه على الجمهور الذي جاء ليؤنبه لا ليشجعه.
فعلاً لازم تعرفوهم عشان ياخدوا مميزات لا يأخذها باقي المواطنين لأن جميع المصريين مكتوب عليهم البهدلة وقلة القيمة ماداموا مش مشاهير كرة قدم أو حتى كرة شراب.
هذا الإعلان معمول أساسًا حتى يتحسر باقي أفراد الشعب على حالهم الذي سيظل على ما هو عليه ولن يتغير لأنه ببساطة لا يملك مهارات تجعله لا يقف في الطابور ولا يتعرض لإهانات يتعرض لها جميع مواطني مصر دون استثناء لأن خانة الجنسية في البطاقة مكتوب فيها مصري، فمصر وبلا فخر هي البلد الوحيد الذي لا يحترم من يحمل جنسيتها، لأنه منها وعليها والحكاية في بيتها. |