بقلم: أشرف عبد القادر
نحن ـكعرب ومسلمين ـ أمة مجروحة نرجسياً و نهذي،هذا الهذيان يعيّشنا في الخيال بأحلامه وأوهامه،ويبعدنا عن الواقع بآلامه وإحباطاته، ولقد اتسع جرحنا النرجسي حتى أصبح بعرض نهر السين والنيل معاً، لذلك نحن بحاجة إلى أي حدث ـ ولو تافه ـ يرضي نرجسيتنا الفردية والجمعية، ويشعرنا بالعزة والكرامة،التي نشعر بإمتهانهما ،صباح مساء،وبما أن النفس المريضة الضعيفة هي التي تطلب بالثأر والإنتقام،والنفس السوية المتزنة هي التي تعفو عند المقدرة،كان هذا هو موقف رسولنا صلي الله عليه وسلم من مشركي قريش عندما عاد منتصراً وفتح مكة،صفح عنهم ولم ينتقم منهم ، بل قال لهم "إذهبوا فأنتم الطلقاء" ،أما نحن ولضعف نفوسنا نسعد بالعمليات الانتحارية التي يقوم بها الفلسطينيون والتي تضر بقضيتهم أكثر مما تفيدها، فقط لشفاء الصدور،لأخذ الثأر العشائري الجاهلي،كما فعلت حماس ولم تتوقف عن العنف إلا بعد هزيمته الساحقة وكفر شعب غزة به...حتى اصبحت المنظمات الأكثر تطرفاً من حماس تصف حماس بأنها"حارسة حدود إسرائيل" لأنها تقتل كل من يحاول إطلاق صواريخ القسام على إسرائيل!.
ليس عبثاً أن جعل الله عقل الإنسان أعلي شيء في جسمه،بل جعل ذلك إعلاء لقيمة العقل ،وكما نعرف أن للإنسان ثلاثة أمخاخ،فهناك المخ الإنفعالي،والمخ الغريزي،وهما ما نتشارك فيهما مع الحيوانات،والمخ المعرفي الذي يتميز به الإنسان وحق له خلافة الله على الأرض،فإننا أغلقنا باب المخ المعرفي منذ القرن الثالث عشر،وهو الوحيد القادر على مساعدتنا على حل مشاكلنا الحاضرة، فأعطيناه أجازة مفتوحة منذ قرون خلت،واستعوضناه بالعقل الإنفاعالي والغريزي،وأضرب هنا مثلاً بردنا الإنفاعلي على الرسوم الكاريكاتيرية ،حيث خرجت الجماهير غاضبة من المحيط إلى الخليج منفعلة لمجرد رسوم،لأن عقلها الإنفعالي زين لها صحة ذلك،ونفخ فيه شيوخ الإرهاب مثل القرضاوي ،ولم يعملوا أمخاخهم المعرفية ،ولو فعلوا لكان لهم تصرفاً آخر غير هذا التصرف الهمجي الذي ألق بالإسلام والمسلمين أفدح الضرر..
قرأت بعض ما كتب عن الصحفي الذي رمي حذاءه في وجه الرئيس بوش، وأرسلت لي الأشعار والقصائد التي قيلت في ذلك، حتى ظننت أننا فعلنا شيئاً هاماً وسننقذ البشرية بما صنعنا، فما كل هذه القرائح التي تفتقت عقيرتها بكل هذا الكلام الموزون،لهذه الفعلة الوضيعة، وأكثر ما تعجبت منه هو من مقال للكاتب الإسلامي فهمي هويدي،الذي أشاد فيه بهذه السقطة وأراد أن يسمي عام 2008 عام الحذاء، وأن يكون هذا الصحفي النكره،رجل عام 2008، ويرجع عجبي من أنه إذا كان هذا هو موقف مثقفينا،[ لكن ما يحيرني هو السؤال الآخر:هل هويدي من المثقفين أم من الإعلاميين الموظفين عند ملالي طهران يأكل من عيشهم ويحارب بسيفهم الذي ينحر به زهرة شباب إيران]فلا عجب من موقف الدهماء الجاهلة والمجهلة؟
لي سؤال عند فارسهم المغوار الذي دخل التاريخ من حذاءه، هل كنت تتجرأ أيها النكرة على فعل ذلك لرئيس طاغية ودموي كصدام؟ هل كنت تجرأ أيها الصغير على فعل ذلك لأحد ولديه قصي أو عدي؟ الإجابة طبعاً هي : لا. لماذا؟ لأنه يعرف جراء ذلك أنه لن ، يقتل وحده فقط، بل هو وعائلته كلها،
لكن لماذا فعل ذلك مع رئيس أكبر دولة عرفها التاريخ حتى الآن؟؟
لأنه يعرف أن جميع كاميرات العالم تراه الآن وأنه باسم الحرية وحقوق الإنسان لن يقتل،وهو ما حدث بالضبط، بل أن بوش رفض أ ن يقوم بالحق المدني.
أذكر عندما كنت في زيارة للعراق منذ ثلاثة سنوات، ولبيت دعوة الأخ الكريم فخري كريم ،وإلتقينا بالرئيس جلال طالباني أن ساد الجلسة جو من المرح وشيء من الدعابة، وبعد اللقاء قال لي أحد الحاضرين، في العهد البائد، عهد الطاغية الدموي صدام كنا عندما يتكلم لا يجرأ أحد على الإلتفات حوله أو الخروج أو الدخول، ولا يتحرك أحد حتى لو لدغه ثعبان، هذا مع الطاغية، أما مع رئيس أكبر دولة ديمقراطية في العالم فإننا نرشقه بالحذاء باسم الحرية، فحريتنا حرية مشروطة ، حلال لنا حرام عليهم، وهذا راجع لنرجسيتنا التي تحدثت عنها في أول المقال، فنحن خير أمة،ولغتنا أفضل لغة،وديننا أفضل دين، وفتوتاتنا أفضل فتوات،ورماة الأخذية أفضل الرماة... يا أمة ضحكت من جهلها الأمم من "مثقفيها" اكلقرضاوي وفهمي هويدي،وهما أجهل من حذائهما...
عمل كالذي فعلة هذا الصحفي الطالب للشهرة ،التي نالها كما توقع وأكثر،كان من المفروض أن ندينه جميعاً لأنه عمل همجي بربري لا يليق بنا،وإلا ظهرنا أمام العالم كأمة في الدرك الأسفل من الانحطاط الأخلاقي وقلة الأدب والمروءة
أعرف أن كلامي هذا لن يعجب الكثيرين المجروحين نرجسياً الباحثين عن نصر ولو وهمي، ليشفوا به قلوبهم المجروحة ، أعتقد أنه بعد موقعة"الحذاء" سيطول الكلام لسنين، والله أسأل أن يساعدنا هذا الصحفي ومؤيدوه بما فعل على حل مشاكل البطالة، ومشاكلنا الإقتصادية الآخذة بأعناقنا، وأن يؤسس للمجتمع المدني، والديمقراطية، ويعطي للمرأة حقوقها ،وكذللك للأقليات حقوقها الدينية والمدنية،،وبما أننا أمة تقلب الأولويات، وأمة تمشي على رأسها لا علي رجليها، فأصبحنا نفكر بحذائنا لا بعقلنا ، واستبدلنا العقل بالحذاء... يا أمة ضحكت من جهلها الأمم مرة أخرى طيب الله ثراك يا أبا الطيب المتنبي. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|