بقلم: د. رأفت فهيم جندى
التقيت بفيصل حول فنجان قهوة ودار هذا الحوار بيننا.
فيصل: هل قرأت رواية عزازيل للمؤلف يوسف زيدان؟
قلت: بالطبع، لقد اشادت الصحافة والاعلام المصرى والعربى بالرواية و المؤلف
فيصل: ما معنى كلمة عزازيل؟
قلت: زيدان عنى بها الشيطان وهذه أول أخطاءه، لأن الكلمة عبرية وتعنى عزل، ولقد وردت فى سفر اللاويين اصحاح 16 حيث يقدم الكاهن تيس "ذكر ماعز" كذبيحة خطيئة للرب وتيس آخر يطلقه للعزل (عزازيل) فى البرية. وهذه الأمور لم تكن رموزها واضحة جلية تماما فى العهد القديم ولكن بعد المسيح فهمنا انها ترمز لعزل الخطية عن المؤمن بعد قبوله ذبيحة المسيح. فكلمة عزازيل تعنى "عزل" ولا تعنى ابدا الشيطان.
فيصل: لماذا غضب الأقباط من رواية عزازيل؟
قلت: الكاتب اطلق عليها انها رواية، ولكنه ايضا يقول انها ترجمة لمخطوطات باللغة السريانية، وجدت لراهب قبطى اسمه "هيما" وقام يوسف زيدان بترجمتها لللغة العربية. وصحة هذه المخطوطات مشكوك فيها لأسباب عديدة، وايضا كان الغرض منها الأفتراء لتشويه تاريخ الكنيسة القبطية.
فيصل: ما هى شكوكك فى صحة هذه المخطوطات؟
قلت: سأعطى لك بعض الأمثلة، لقد ابرز زيدان أن البابا كيرلس عمود الدين غير فاهم لبعض من كلمات السيد المسيح "ما جئت لألقى سلاما على الأرض بل سيفا" وهو اللاهوتى المحنك بأعتراف العالم المسيحى كله. بل أظهر البابا كيرلس بمنظر الرجل الدموى الذى لا يفهم رسالة المسيح مطلقا وهذا لا يدعيه حتى المخالفين له. واعتبر زيدان قتل الفيلسوفه الوثنية "هيباتيا" كان بتحريض من البابا كيرلس. دعنى اقول لك يا فيصل بأن زيدان استوحى منظر البابا كيرلس فى هذه الرواية من رؤيته لبعض من الائمة المسلمين الذين يأمرون بقتل الكفار وتثكيل امهاتهم وترميل زوجاتهم.
ومن الأخطاء الآخرى لزيدان أنه جعل رئيس دير من الرهبان يسمح لوجود مغنية شابه تعيش فى الدير وهذا غير مسموح به فى الاديرة بتاتا. وايضا بالرغم من معرفة الكاتب الجيدة للأمور اللاهوتية ولكنه وقع فى أخطاء ممارسات كنسية فلا يوجد خطأ فى زواج سيدة آمنت بالمسيح وطلقها زوجها الغير مسيحى فهى فى هذه الحالة لا تعتبر مطلقة ولا يسرى عليها حكم عدم الزواج من المطلقة، وهذه كانت نقطة جوهرية فى رواية زيدان. كذلك الكاتب استرسل فى الكتابة على لسان راهب سقط فى امور جنسية لا يكتبها شخص عادى ذو اخلاق فما بالك براهب يقول انه سقط بل ويكتبها بكل تفاصيلها وكأنه يدعو نفسه للسقوط مرة آخرى بهذه الكتابات بالرغم من انه كان يكتبها بعد فوات التجربة بسنين طويلة كما يدعى الكاتب. واضف لهذه الأخطاء أن الكاتب اخطأ فى فهم عقيدة نسطور بل وضع على لسان نسطور ما سقط فيه بعدها اتباع نسطور وليس نسطور نفسه.
فيصل: لست افهم تماما كل ما تقوله، ولكن دعنى اسألك ما الذى تفهمه انت من عبارة السيد المسيح "ما جئت لألقى سلاما بل سيفا"؟
قلت: السيف سيكون ضد من آمن بالمسيح وليس لكى يستخدمه المسيحى، لأن المسيح قال لبطرس "اغمد سيفك يا بطرس لأن من أخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ"، ويقول المسيح ايضا "احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم..." والمسيح قال كذلك "من أراد أن يكون لى تلميذا عليه أن يحمل صليبه ويتبعنى"، أى عليه أن يتحمل المشاق والإضطهادات والتى تصل للقتل، السيف الذى يتكلم عنه المسيح هنا هو قتل الغير مؤمن للمؤمن.
فيصل: دعنى أوافقك بأن رواية عزازيل خيالية كما قلت، لماذا تغضبون وانتم دائما من أنصار حرية الرأى؟
قلت: اولا عندما كتب "دان براون" روايته شفرة دافنشى قال أن الرواية خيالية ولكن يوسف زيدان يدعى انها ترجمة امينة لمخطوطة باللغة السريانية. ثانيا نحن نغضب فى عدم المعاملة بالمثل، فلقد رد كاتب مجهول سمى نفسه الأب يوتا على رواية زيدان برواية آخرى سماها "عزازيل فى مكة" وكل اجهزة الأمن المصرى الآن تبحث عن الكاتب بل قبضوا على المدون هانى نظير لمجرد الأشتباه انه الأب يوتا. عدم المعاملة بالمثل ايضا تجعل المتهجمين على الكتاب المقدس يكتبون فى الصحف المصرية ويتحدثون فى التلفزيون المصرى بدون ان يعطوا فرصة للمسيحيين للدفاع بينما القمص زكريا بطرس يطلبون قتله لأنه ينتقد نقدا موضوعيا وهو خارج مصر بالرغم من انه يعطى المسلمين الفرصة بان يحاججوه.
فيصل: هل تعرف بأن بعض الأقباط يطلبون التظاهر ضد المانيا لأستقبال يوسف زيدان؟
قلت: أنا لا انتقد المانيا فى دعوة يوسف زيدان لأنهم يؤمنون بحرية الرأى، وهم ايضا من الممكن ان يدعون سلمان رشدى مؤلف كتاب "آيات شيطانية" والذى رصد له الخمينى 6 مليون دولار لقتله وهلل لذلك معظم الكتاب المسلمون وبهذا أباح المسلمون دمه.
دعنى اسألك يا فيصل، بالرغم من غضبنا من فيلم شفرة دافنشى ورواية عزازيل الخيالية هل سمعت عن البابا شنودة أو بابا روما أو بطريرك الروم الارثوذكس او غيرهم يفتى بقتل براون او زيدان؟
قال فيصل وهو ينهض: فى الحقيقة أنا لم اسمع بهذا.
قلت وانا انهض ايضا: لقد اعجبنى الأسلوب الأدبى فى رواية عزازيل ومن حق زيدان أن يكتب ما يراه ولكن ليس من حقه أن يدعى انها ترجمة امينة لمخطوطة لراهب قبطى. على اى الأحوال هو ابرز نقطة مهمة لمن يحب أن يراها.
سأل فيصل وهو واقف: ما هى؟
قلت: الكثير مما قاله زيدان على لسان نسطور هو ما تقوله الكتب الأسلامية وذلك لأن الراهب "بحيرا" كان معروفا عنه انه من اتباع نسطور والذين ازادوا على بدعة نسطور.
فيصل: هل ذكر زيدان الراهب "بحيرا" فى الرواية؟
قلت: لا، لأن الراهب "بحيرا" أتى بعد هذه الحقبة.
افترقنا على أن نلتقى |