بقلم: عبد المنعم عبد العظيم
بدأت فكرة الطيران اول مابدات بمحاكاة الإنسان للطيور والتي ولدت لديه إحساسا بأنه مقيد على سطح الأرض، ولعل تاريخ الطيران يذكر بعض المغامرين في العصور الإسلامية أمثال عباس بن فرناس الذى عاش فى الاندلس عام 887 م والذى قفز من أعلى جبل او مئذنة مستعينا في ذلك بأجنحة ثبتت حول ساعديه، معتقدا أن أجنحة الطيور هي سبب رفعها في الهواء.
وبالرغم من الحوادث المؤسفة التي انتهت بها تلك المحاولات إلا أنها كانت خطوة في طريق التقدم في مجال الطيران
حتى نهاية القرن الثامن عشر لم يكن قد تحقق أي تقدم يذكر في فن الطيران سوى الجهد الذي قام به ليوناردو دافينشي حيث صمم نوعا من الباراشوت عبارة عن خيمة من الكتان على شكل هرم مدعيا أن في مقدور الإنسان أن يهبط بها من أي إرتفاع شاهق دون أن يصاب بأذى
وقد تمت أولى التجارب الناجحة في 18 أغسطس عام 1709م على نموذج للبالون كوسيلة للطيران، حيث قام مارتولو ميودي جوسماد بعرض بالون مملوء بالهواء الحار الذي يسخن بواسطة مادة شمعية تشتعل في صفيحة معلقة في البالون وارتفع البالون إلى اثنى عشر قدما
صنع كايلي طائرته الأولى عام 1804م التي كانت نموذج منزلقا مثل الطائرة الشراعية اعتبرها كثير من المؤرخين الطائرة الأولى في التاريخ، أثبتت تجارب الطيران قدرتها على الطيران مما دفع كايلي إلى بناء طائرة كبيرة الحجم لا تحمل إنسانا مساحة أجنحتها حوال عشرين مترا مربعا، وحاول كايلي إضافة محرك لطائرته الشراعية إلا أن المحرك البخاري الذي كان شائع الإستخدام في ذلك الوقت كان ثقيلا جدا لا يمكن استخدامه في الطيران
حاول هينسون أحد كبار المعجبين بكايلي تصميم مركبة هوائية بخارية ضخمة ولكن واجهته ذات العقبة التي واجهت كايلي من قبل ألا وهي وزن المحرك البخاري
وعاود المحاولة واستعان بمهندس يدعى جون وبنى الرجلان نموذجا طوله ستة أمتار للمركبة البخارية وزواداه بمحرك بخاري صغير خفيف الوزن نسبيا وطار النموذج بشكل أو بآخر في أحد الإختبارات عام 1848م فكان هذا الإختبار أول محاولة لإستخدام الدفع الميكانيكي في الطائرة
أخرج الفونس بينو رائد الطيران التالي لهينسون أول تصميم لطائرة لها استقرار ذاتي وطارت طائرته المسماة بلانوفور البالغ طولها نصف متر التي استمدت القدرة من شريط من المطاط يدير مروحة في ذيلها بنجاح أمام المشاهدين عام 1871م
وأهتم بينو بعد ذلك بالطائرات الحاملة للبشر فصمم طائرة برمائية من طراز بالغ التقدم لها كثير من صفات الطائرات الحديثة مثل المروحة التي في المقدمة وإرتفاع الجناحين إلى الأعلى وموجه واحد للتحكم في عملية الطيران كلها وقدر بينو سرعة طائرته بمائة كيلومتر في الساعة لو أنه حصل على الدعم المالي لكنه لم يحصل عليه ولم تصنع الطائرة
ولم يعلم بينو عند مماته بأنه أسهم إسهاما غير مباشر في مستقبل الطيران، فقد أشترى شخص يدعى ميلتون رايت أحد نماذج بينو التي تستمد قدرتها من شريط المطاط وأعطاه لولديه ولبور وأورفيل
ومن هذه اللعبة الصغيرة التي دارت في مخيلة الغلامين بدأ التفكير في نماذج أكبر حيث صمم الأخوان رايت محركا خاصا بهما يزن 82 كيلوجرام ويولد 13 حصانا وبنيت أول طائرة مزودة بمحرك في صيف 1903م وكانت مزدوجة الأجنحة طول باعها 12 مترا وبلغ وزنها 275 كيلوجرام وكانت مروحتها تدور بواسطة عجلات مسننة من النوع المستعمل في الدراجات وتتصل بمحور المحرك بواسطة سلاسل حديدية وكانت تتكىء عند إطلاقها على مركبة صغيرة ذات عجلات
وقام ولبور في 14 ديسمبر 1903م بالمحاولة الأولى وتحركت الطائرة على قضبان الإنطلاق وأرتفعت فترة قصيرة ثم انخفضت سرعتها عن سرعة الطيران وسقطت على الشاطىء الرملي، وأعترف ولبور الذي لم يصب بأذى بأنه هو الملوم وليست الطائرة، ولم تصب الطائرة سوى بأضرار طفيفة وكانت معده لتجربة طيران أخرى بعد ذلك بثلاثة أيام وكان هذا دور أورفيل حيث تركت الطائرة المركبة التي تستند إليها بعد أن جرت مسافة قصيرة على القضبان وترنحت مسافة 36.5 مترا فوق الرمال وقال أورفيل أن هذا الطيران لم يدم سوى 12 ثانية، إلا انه كان على الرغم من ذلك أول طيران في تاريخ العالم رفعت فيه طائرة تحمل رجلا نفسها في الهواء معتمدة على قدرتها الذاتية
ولقد مرت الطائرات بتطورات كبيرة وكثيرة في السنين التي تلت التجارب واستطاعت طائرة الأخوان رايت أن تصل سرعتها إلى 50 كيلومتر في الساعة بينما تزيد سرعة الطائرات الحربية عن 3200 كم في الساعة والطائرات التجارية عن 1000 كم في الساعة والكونكورد تتجاوز الألفين كم في الساعة
هذه هى قصة الطيران التى تتداولها الموسوعات التاريخية ولكن التاريخ القديم له مع الطيران قصة اخرى بدات قبل هذا التاريخ بالاف السنين يقولون ان اهل اطلانتيس القارة المفقودة صنعوا مركبات طائرة سموها فيومانس واستخدموها فى الحروب وقبل غرق قارتهم العظيمة هرب بعض حكمائهم عليها طائرين الى مصر وفى الاساطير اليونانية حكاية عن مخترع عبقرى اسمه ديدالوس ولد فى اثينا وذهب الى كريت ولما راى ملكها اختراعاته حقد عليه وسجنه مع ايكاروس ابنه ولكن ديدالوس صنع لنفسه ولابنه اجنحة من الشمع والريش وانطلقا فى الجو هاربين من الجزيرة ووصل ديدالوس سالما الى سيشل اما ابنه فقد اقترب كثيرا من الشمس وانصهر الشمع وتبعثر الريش فسقط فى البحر وغرق
في حوالي 400 قبل الميلاد، صمم العالم الرياضي والفلكي والفيلسوف ورجل الدولة الإغريقي أرخيتاس، مايسمى بأقدم آلة طيران وقد بناها على شكل طائر وادعى بأنه قد طار بها لمسافة 200 متر. تلك الآلة التي اسماها بالحمامة (باليونانية: "بريستيرا")، قد تكون علقت بحبل أو أنبوب عند تحليقها.
كما عرفت المناطيد الهوائية بالصين منذ أقدم الأزمان وكانت تسمى بفانوس كونغ منغ، ويعزى هذا الإختراع إلى ضابط صيني (180-234م) ولقبه الفخري هو كونغ منغ، وقال إن سبب استخدامه لذلك هو ادخال الرعب على قوات العدووكانت
تلك المصابيح الزيتية توضع بداخل أكياس ورقية كبيرة، وتلك الأكياس تسبح فى الهواء بسبب الشعلة التي تسخن الهواء.. لذلك فان العدو يصاب بالرعب من المصابيح الطائرة ويعتبرها أنها قوى إلهية أتت لتنقذهم.
وإن كانت تلك الآلات الطائرة المحتوية على شعلة قد تم الكتابة عنها منذ القدم إلا أنه حسب ماقاله العالم جوزيف نيدهام، فإن المناطيد الهوائية كانت معروفة بالصين منذ القرن الثالث قبل الميلاد.
وفى القرن الخامس قبل الميلاد اخترع الصيني لوبان الطائر الخشبي، والذي قد يكون أشبه بطائرة ورقية كبيرة أو قد يكون أول طائرة شراعية.
وخلال حكم أسرة يوان (ق 13) وتحت حكم الملوك مثل قوبلاي خان فإن المصابيح المستطيلة أصبحت لها شعبية خلال الإحتفالات، حيث كانت تجذب الجماهير لمشاهدتها. لهذا انتشر هذا التصميم خلال حكم المغول عبر طريق الحرير إلى اواسط آسيا ثم إلى الشرق الأوسط. وهناك إضاءة طائرة شبيهة وذات مصابيح مستطيلة بحمالات تستخدم بكثرة في الاحتفالات التبتية، واحتفالات ديوالي الهندية. ولكن لم يثبت بالدليل أن تلك المصابيح قد استخدمها الإنسان للطيران.
اقلب اوراقى ابحث عن دور الحضارة المصرية فى تاريخ الطيران ويبدو ان البحث يدور بى فى دائرة مغلقة رغم ان هناك مئات من النقوش والتماثيل المجنحة على احجار المعابد وفى المقابر منها قرص الشمس المجنح وكذلك النماذج الجميلة النقوش على واجهات جدران الحجرات الخشبية الموشاة بالذهب التى وجدت بمقبرة توت عنخ امون
وكذلك تماثيل ونقوش الارباب المجنحة ايزيس ونفتيس ومن اروع النماذج تمثال نفرتوم اى اتوم الجميل الموجود بالمتحف المصرى والمصنوع من البرونز وهو احد ارباب منف وابن الرب بتاح ونرى له ست اجنحة منبسطة وقد ضم قبضتية ومن يراه يخيل اليه انه يهم بالطيران ويرجع تاريخه الى عام 600 ق م مما يؤكد ان فكرة الطيران قديمة لدى المصريين القدماء
اما الصقر حورس فله الاف النقوش والتماثيل لعل اجملها تمثال ( حورس رع ) ابن اوزوريس ونراه متوجا بقرص الشمس ناشرا جناحيه فى حركة طيران
وبالمتحف المصرى نماذج رائعة للصقور والنسور مصنوعة من صفائح البرونز ومطلية بالذهب وهناك ايضا جعارين مجنحة تسترعى الانتباه مصنوغة من احجار نصف كريمة
وفى عام 1972 اقيم اقيم معرض للطيران بمدخل المتحف المصرى استمر لمدة ثلاث شهور ضم تماثيل الصقور والجعارين والمفاجاة انه ضم نموذجا لاول طائرة شراعية صنعها الفراعنة قبل ان يعرف العالم كله قكرة الطيران هذا النموذج المفاجئة موجود بالمتحف المصرى
يقول الدكتور حشمت مسيحة مدير عام مصلحة الاثار ايامها :
تبعا للتقاليد الدينية فان نصوص اهرام سقارة (2400 ق م) توضح ان قدماء المصريين اعتقدوا ان المركب الصباحى للاله رع كانت تحمله عائمات السماء لنقله الى حورس الملك المتوفى الذى يسكن فى الافق كذلك سينقل حورس الى الاله رع بالافق بعائمات السماء
والكلمة المعبرة عن الطيران هنا هى عائمات السماء ومازلنا نستخدم هذا التعبير فى العصر الحديث وفى جميع اللغات فنقول ملاحى الطائرة وملاحى الفضاء ونقول سبح ملاح الفضاء فلا خلاف ولا جدال فى ان فكرة امتطاء ظهور مركبات الفضاء انحدرت الينا من قدماء المصريين
نموذج الطائرة المصرية وجد قى حفائر سقارة وعصره يرجع الى 300-150ق م وسمى بالعصر المتاخر او عصر العلوم اى اواخر الاسرات سمى بالمتاخر لان مصر تاخرت عن العصور السابقة ايام الفراعنة العظام وسمى عصر العلوم لظهور عديد من العلماء امثال هيرو السكندرى 150 ق م الذى عاش فى الاسكنرية وهو مهندس ورياضى سبق جيمس وات فى استخدام قوة بالبخار وصنع اول اله بخارية تعمل بنظرية الضغط الصاروخى والات تعمل بالهواء المضغوط وكذلك لتحريك اجنحة نموذج لطائر
وفى عصر العلوم ايضا مخترع اسمه ارخيثاس صنع شكلا لحمامة من الخشب وطار فى الجو بالهواء المضغوط وقد ذكر هذا العالم بورجو فى كتابه الفنون التكنولوجية للقدماء مترجما عن النصوص القديمة
نعود الى نموذج الطائرة المصرية القديمة وهو مصنوع من الخشب والراجح انه خشب الجميز وليس عليه نقوش او زخارف
الجناح مصنوع من قطعة واحدة من الخشب طوله من اقصى طرفيه 18 سنتيمتر واسمك جزء فيه هو الذى يعلو الجسم ثمانية مليمترات ويرق كلما اتجهنا نحو طرفبه وله زاوية زوجية او زاوية ميل وهى غير متساوية تماما على الناحيتين وهذه الزاوية سالبة حيث يتجه طرف الجناح الى اسفل وقد شكل مصمم هذا النموذج جناحه تشكيلا انسيابيا ومقطعة انسيابيا وناعما مثل اجنحة الطائرات الحديثة
الجسم مصنوع بعناية كبيرة من نفس خشب الجناح وشكله عموما انسيابى مقدمته تشبه راس طائر وهى هرمية الشكل عليها رسم عين واحدة ويزداد الجسم فى السمك اسفل الجناح ويكون مقطعه كمثريا ثم يتناقص سمكه بعد ذلك كلما اتجهنا نحو الذيل ويكون مقطعه بيضاويا، وعلى ظهر الجسم انخفاض مستطيل طوله ثلاثة سنتمترات يبيت فيه الجناح بحيث يصبح سطحه على مستوى سطح الجسم، الذيل مستطيل ارتفاعه سنتيمترين وسمكه اربع مليمترات وهو فى وضع قائم ولايوجد على الجسم اى زخارف او رسم ريش ماعدا العين وخطين باللون الاحمر الباهت جدا على الصدر عند مستوى الجناح وطوله من المقدمة حتى نهاية النوذج اربعة عشر سنتيمتر ويزن النوذج 14و29 جرام
وقد قام حشمت مسيحة بعمل نموذج مماثل من خشب الباسا وقذفه باليد فسبح فى الهواء وقد طرحت التجربة على بساط البحث ونشرت عنها جريدة التايمز اللندنية فى 18 مايو 1972 وتبعها العديد من المجلات والجرائد العلمية فى اوربا وامريكا واوربا واستراليا الى جانب الصحافة المصرية وعند زيارة رواد الفضاء لمصر تطلعوا الى النموذج فى دهشة وذهول وقرروا انه نموذج طائرة
وكما اسلفنا ان هذا النموذج يرجع الى العصر المتاخر 300-150 ق م ومع هذا النموذج وجدت قطعة قماش مذهبة مكتوب عليها اسم با-دى- امون اى عطية امون ويبدوا انه مبتكرها
وقد قامت عدة جهات علمية بدراسة هذا النموذج ومنها هيئة استقصاء لمجهول الامريكية وقالوا انها نموذج لطائرة شراعية يمكنها التحليق بسرعة خمسين كيلوا فى الساعة وباقل جهد
وعليه فان المصرى القديم سبق العالم كله فى التفكيرفى صنع الة طائرة يسبح بها فى السماء ومازال علماء المصريات يبحثون فى صحراء سقارة عن طائرة شراعية مصرية تحت الرمال وبهذا فان تاريخ الطيران يرجع الى 2300 عام وليس مائة عام
Monemazim2007@yahoo.com |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|