أعلن الرئيس الأمريكي "باراك حسين أوباما" منذ أيام أن المهمة القتالية للجيش الأمريكي ستنتهي بنهاية 2010 وسيعقبها انسحاب كامل لقواته في بحر سنة 2011 على أن يعوض هذا الانسحاب بتواجد أكبر للقوات الأمريكية في أفغانستان بغية القضاء نهائياً على الطالبان، أكيد أن الإيرانيين سيلتقطون الإشارة جيداً وسيعمل أبو لؤلؤة المجوسي على التفاوض بندية مع العم سام ولو من وراء حجاب في محاولة منه للربح والحصول على المكتسبات، قبل هذا أعلن أوباما عن استعداده الكامل لمد يده لإيران إن هي تخلت عن طموحاتها النووية ومدت له يد العون للخروج من المستنقع العراقي، وقطعت دعمها لدمشق وحزب الله وحماس..
فهل هي تباشير التطبيع بين طهران وواشنطن؟؟ أم أن العملية مجرد مناورة من طرف أوباما لإبعاد الجيش الأمريكي من على مشارف الخليج الفارسي والمتواجد على مرمى حجر من النيران الإيرانية لتتبعها فيما بعد ضربة قاصمة بواسطة السلاح الجوي والصواريخ البعيدة المدى المحمولة على البوارج الأمريكية والتي ستتواجد بالبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي؟؟
تواجد عسكري أمريكي كبير بأفغانستان سيشدد الخناق أكثر على الطالبان العدو اللدود لملالي إيران التي كادت أن تدخل معهم في مواجهات عسكرية على خلفية اغتيال الدبلوماسيين الإيرانيين (عناصر في الجهاز المخابرات) (...) في مدينة مزار الشريف سنة 1998، وتفادت طهران الفخ إذ كانت المواجهة ستحدث نزيفاً لها على حدودها الشرقية الشيء الذي كان سيرهق ميزانية الدولة وسيشغلها عن الواجهة الغربية ذات الأهمية القصوى وسيكبدها بالتالي خسائر في العتاد والأرواح نظراً لتفوق مقاتلي طالبان في حرب العصابات وتجربتهم الطويلة في معارك الجبال والكهوف وإيمانهم كذلك بمبدأ الموت الذي يضمن للطالباني مناكح وأنهاراً من الشراب مختلف ألوانه في جنان الله الفيحاء بعد الاستشهاد.
لكن ما وقع بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001 من تدخل أميركي بأفغانستان والإطاحة بالطالبان كان بمثابة هدية لا تقدر بثمن للنظام الإيراني من السماء تماما كما كانت الإطاحة بصدام سنة 2003 عطاء ومنة من الله ليتشفى ملالي قم في صدام بعد الإطاحة به والقبض عليه ونحره ليلة عيد الأضحى(...)، ولولا إيران لما تمكن الأمريكيون من غزو العراق ولولا إيران لما أعدم صدام، وصدام يستحق أكثر من الشنق لما ارتكبه من جرائم في حق الإنسان...
نحن إذاً على بعد سنتين من انسحاب أخر جندي أمريكي من العراق وهي كما (يراها البعض) مدة جد كافية لإيجاد توافق وتراضي بين العم سام وأبي لؤلؤة المجوسي لاقتسام المصالح بالخليج الفارسي، فكل طرف سيتنازل للطرف الآخر وسيكون هناك مقابل لأي تنازل، فإيران ستضم أجزاء من جنوب العراق برضا السواد الأعظم من شيعة الجنوب وبتزكية مراجعهم ليضع الملالي بصفة رسمية أيديهم على العتبات الشريفة بالنجف وكربلاء والكوفة والبصرة بغية تأهيل السياحة الدينية هناك التي ستنافس مواسم الحج والعمرة عماد ثراء واستمرار حكم آل سعود.
كما أن طهران لا يمكنها أن تتخلى أبداً عن البحرين رغم أن بعض القرى الإيرانية تكبرها مساحة ( 600 كلم مربع) ولا فائدة اقتصادية منها، نعم لن تتخلى طهران عن البحرين حتى ولو أقسم المرشد الروحي على خامنئي بالأئمة الأطهار وآل البيت الأبرار.
فالقضية قضية شرف ورد اعتبار، حتى لو تعلق الأمر بصخرة صغيرة لا تزيد مساحتها عن عشرة أمتار، وعلى هامش التوافق الأمريكي الإيراني (إن حصل) والذي سيمكن طهران من فوائد جمة ستكون الفرصة مواتية وذهبية لإسرائيل لتوجيه ضربة قاضية للنظام السوري واجتثاث البعث وإلقاء القبض على زعيم حزب الله كجزء من الثمن تماماً كما حدث مع سوريا الأسد سنة 1990 عندما غظت واشنطن الطرف عن ملاحقة الزعيم الماروني اللبناني "ميشيل عون" وتم طرده من طرف السوريين ليفر نحو فرنسا مقابل تأييد دمشق للتحالف الدولي ضد العراق ومشاركة كتيبة سورية في حرب تحرير الكويت...
صحيح أن الآلة العسكرية الأمريكية بإمكانها إحداث دمار هائل لا يمكن تصور نتائجه لدى الجانب الإيراني بواسطة الطيران والصواريخ البعيدة المدى المحمولة على ظهر البوارج الحربية والتي ستتواجد بعيداً عن الخليج الفارسي أي بالبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي وبإمكان واشنطن كذلك إسقاط النظام وتقديم قادته لمنصات الإعدام، لكن في المقابل فأن جميع الجنود الأمريكيين ((حالياً)) المتواجدين بالعراق والكويت وباقي إمارات الخليج على مرمى حجر من النيران الإيرانية كما لن تتردد إيران في ضرب منشآت اقتصادية بكل بلدان الخليج وطبعاً ستصل صواريخ إيران تل أبيب وحيفا وعكا وأيلات وأسدود وهي صواريخ تتسم بالدقة والقدرة التدميرية الكبيرة.
عساسي عبد الحميد – المغرب
Assassi_64@hotmail.com |