CET 00:00:00 - 10/09/2009

صحافة نت

إيلاف - محمد عطيف

على طريقة الأكشن تمامًا، جاءت بداية حلقات المكاشفة مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية ضمن برنامج جيل 21 على قناة الاقتصادية، الذي سبقته ضجة مبررة من خلال بعض وسائل الإعلام المحلية، واحتل مساحة واسعة من التعليقات حينما عرض، عندما تم اعتبار الحلقات حدثًا غير مسبوق في التعاون مع الإعلام من قبل الهيئة أو "الشرطة الدينية" كما يحلو لبعضهم أن يسميها. حيث تفاجأ المشاهدون باعترافات غير متوقعة وعلى رأسها الإقرار بتسبب الهيئة نفسها في تشويه سمعتها.
 
التجمّـل الاجتماعي

وإذا كانت الصور التي تم تمريرها للنشر قبل بدء الحلقات وكذلك  المقاطع القليلة التي تم تناقلها على موقع يوتيوب الشهير، تعتبر من الدعاية الذكية، فإن الأهم كان اشتمال الحلقات على الأهمية التي يوحي بها الإعلان خصوصًا عندما تتعلق  بجهة  تعتبر ملفاتها الأكثر سخونة في الأوساط السعودية.

وبغض النظر عن وصف الاعترافات بأنها (تجمّل اجتماعي) واضح من الهيئة، إلا أن محاولات هذا الجهاز لتحسين الصورة مع الإعلام واضحة، مع وجود العديد من الآراء التي ترى أن اعتراف الهيئة بالقصور والأخطاء لا تنعكس في الحقيقة على الكثير من الفرق الميدانية في معظم مراكز الهيئة.

الإعترافات المثيرة التي وردت في الحلقات التي تم بثها حتى الآن حاولت الإجابة على أهم الأسئلة، حيث برز أعضاء هيئة العليا (أحد أرقى أحياء العاصمة السعودية)، وهم يتنقلون مع فريق البرنامج في أحد أسواق الرياض، ويجيبون على الأسئلة بكل سعة صدر، بل ويردون على أسئلة عدد من المتجولين في السوق وأكدوا على أنه لا يوجد لدى الهيئة حاليًا أي نظام يمنع الشباب من ارتياد الأسواق، وإن حدث فربما يكون "أمن السوق" هو مصدر ذلك. ويعتبر هذا التصريح أو الاعتراف هو الأول في تاريخ الهيئة الذي تخلي فيه مسؤوليتها عن منع الشباب من دخول الأسواق حيث علق أحد المتابعين وقال: "أبلغ من العمر اليوم 40 عامًا وللمرة الأولى أعرف أن الهيئة لا تمنع الشباب من دخول الأسواق أو أنها لا تملك هذا الحق".

الكاميرا تقودنا لمكتب الشيخ بندر المطيري، رئيس مركز هيئة العليا، الذي فاجأ الجميع وهو يرد على السؤال الأهم حول المتسبب في تشويه صورة الهيئة خلال تراكمات بدأت من سنين عديدة، فيرد بكل هدوء ويؤكد (نحن السبب في ذلك لأننا لم نتواصل مع المجتمع ومع الإعلام ولم نقدم الصورة الحقيقة لنا حيث أن أخطاء الجهاز هي الصورة السائدة لدى الناس وهي التي طغت)، وعندما سأله المذيع عن الحلقة الأشهر والتي صورها فريق عمل طاش ما طاش والتي منعت من العرض قبل عامين، لكنها سربت من خلال مواقع الإنترنت أكد بأنه شاهد الحلقة مرتين للاستفادة في تصحيح ومعالجة الأخطاء مع تحفظه على جزء من تفاصيل العمل الذي قدمه "الأخوين ناصر وعبدالله" على حد وصفه.

حصار الأسئلة

المؤكد أن حصار الأسئلة كان خانقًا، خصوصًا الأسئلة التي بقيت دون إجابات طوال عقود كاملة مضت، على الرغم من إصرار ممثلي الهيئة الذين رافقوا  طاقم البرنامج في الجولات على النفي لشواهد كثيرة مثل  الاشتباهات غير المبررة، ونفي المطاردات بشكل مطلق، والحرص على المناصحة كأولوية، وعدم جواز تفتيش الجوالات إلا في حالات الجريمة، كذلك دخول المطاعم ومداهمات الشباب فيها والفجوة مع الإعلام والسعي لردمها.

كما ظهرت مقاطع أخرى لرجال هيئة في أحد الأسواق تؤكد التعرض لجوانب في غاية الأهمية مثل موقف الهيئة من عمل المرأة في بيع الملابس النسائية الداخلية وعدم معارضتهم لها شرط أن تكون وفق ضوابط معينة.

إيلاف وفي اتصال هاتفي مع معد ومقدم البرنامج محمد الخميسي، أكد أن البرنامج سعى لإزالة الضبابية عن موضوع في غاية الأهمية يشغل الشارع السعودي بعد الانتقادات الكبيرة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر وسائل الإعلام، ففضلنا الإستماع منهم مباشرة، ونفي أن يكون هدف البرنامج هو الإثارة الإعلامية أو تحقيق سبق إعلامي على حساب الحقائق، مؤكدًا أن البرنامج أراد الوصول بالمشاهد لمعايشة الوضع بنفسه، وأنه شخصيًا ووفق سياسة القناة حاول تقصي كل الأسئلة الحائرة التي تشغل الأذهان حول هذا الموضوع.
 
المتفائلون يأملون

معظم التعقيبات التي جاءت على الحلقات المعروضة أيضًا  في مواقع الفيديو على الإنترنت، وما ورد فيها من اعترافات وردود لمنسوبي هيئة العليا، صبت في الغالب على التشكيك في مصداقية ردود ممثلي هيئة العليا على الأسئلة الموجهة لهم، والبعد عن واقعية الأحداث التي تم رصدها في الصحافة بوقت سابق. وفي حين تصاعدت نبرة التشكيك ظهرت بعض المطالبات الموجهة للقائمين على البرنامج بتحري الحيادية وإجبار أعضاء الهيئة على الظهور على حقيقتهم كما هم خلف الكاميرا وليس أمامها، وتركيز العدسة على الميدانيين الذين تسببوا غالبًا في معظم الأخطاء.

وعلى مدى عقود، كان المفهوم السائد لدى الشباب أن الهيئة لا تحسن التعامل  معهم، وأن مواقفها منهم متشددة في غالبها. أما أصحاب الرأي الآخر فطالبوا بأن تنتقل كاميرا البرنامج لمقابلة من ترى أنهم تضرروا من الهيئة وتعرضوا للإساءة : "نريد من الهيئة إذا كانت جادة أن تقابل أهالي الضحايا وهم كثر، ولنبدأ بالقتيل الخريصي... الذي قتل مشوها مكسور الجمجمة ساقط العين، أو ضحايا المدينة، أو حرقى تبوك، وغيرهم كثير على امتداد الوطن وفي كل مكان يتوفر فيه مركز للهيئة".

الحمين ومحاولة تغيير الصورة النمطية

ومنذ أن استلم الشيخ عبد العزيز الحمين قيادة رئاسة الهيئة وهو يسعى جاهدًا لتغيير الصورة النمطية عنها لدى المجتمع، من خلال الانفتاح الكبير على وسائل الإعلام، والاعتراف بالأخطاء كما حصل مع المواطن السعودي الذي استقبله الحمين في مكتبه وقدم له اعتذاره عمّا بدر له من قبل أعضاء في الهيئة اخطؤوا في حقه وتم إيقافهم لاحقًا عن العمل وهو ما يحسب للرئيس الجديد.

فهل ستستمر الهيئة في هذا النهج طويلاً، و تقوم بتحسين صورتها عند الناس أم أنها مجرد حملة علاقات عامة كما قال احد المتابعين؟!.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع