بقلم: زهير دعيم
لقد داوى الربّ يسوع الأوصاب والهموم بمرهم المحبّة ، واقتدى به الرسل والتلاميذ الأوّلون ، فجاءت سيرتهم عبقة ، عطِرة ، تعلّم منها واقتبسها علماء المجتمع والكتّاب والفلاسفة على مدى ألفين من السنين ، وستبقى نهجا ودربًا ونموذجا يقتدى ويحتذى في الصّبر والتعاون والمحبّة، وحلّ الخلافات – ونادرا ما حدثت-... حلّها بالصّلاة والصوم والتروّي والارتكاز على الحقّ الإلهي.
ترددت كثيرًا قبل أن امسك يراعي لأخطّ به ألمي ووجعي وامتعاضي ممّا يحصل ، خاصّةً وأنني لست كاثوليكي المذهب ، ولا أؤمن كثيرا بالطوائف، وإنما بالربّ يسوع مُخلّصًا وفاديًا للبشرية جمعاء.
إنّ ما حدث قبل سنة وما يحدث اليوم من صراع بين سيادة المطران الياس شقور والارشمندريت الموقّر اميل شوفاني حول مدرسة المطران ، هو امر يُؤسَف له ، وهو يوجعنا ، يؤلمنا ويقضّ مضجعنا ، ويجعلنا نتساءل :
هل هذا هو الطريق الصحيح الذي كان يريده يسوع؟
وهل علينا أن نغسل " غسيلنا القذر" – وما أظنّه كذلك – على الملأ وننشره على صنوبر بيروت؟
وهل هذا الصّراع المحتدم ، والاستعانة بالشرطة واللجوء الى العنف في مدرسة كتبت اسمها بماء الذهب هو صراع مُقدّس ؟ محتّم وضروريّ ؟ أم أنه كان بالإمكان منعه وتلافيه، وحلّه لو نهجنا في سلوكنا نهج السيّد في حكمته وتواضعه ؟ .
اما الأجدر بنا أن نكون قدوةً للمؤمنين والرعيّة ، فنترفّع عن الأرضيات الى السماويات ، إلى أورشليم السماوية ، بعيدًا عن التحدّي وحبّ الذات والمصالح والبِرّ الذاتيّ !!!
أما الأجدر بنا أن نكون نموذجًا في التصرّف اللائق ، فنجتمع ونتحاور ونتناقش ونصل الى الحلّ الأمثل الذي يعود بالفائدة على المدرسة والطلاب والاهلين، ويحفظ ماء الوجه لإنسانين كانا وما زالا نعم السفير ونعم الخادم . حقيقة لست في موقع أن أنصح وأن أرشد والراعيان صالحان يعرفان تماما الموعظة على الجبل ، ويعشقان سيرة المسيح ، ويترسّمان أثرها في كلّ لحظة، ولكن هناك فشلا ، وخلافًا تجبّر وطغى ؛ خلافًا يطلب حلاً ، يطلب رجالا يكونون ملحًا للأرض ، والراعيان ايضًا كذلك .
أليس من يسمع ؟! أليس من يهبّ من الوجهاء فيداوي الجرح ويبلسم النزيف !!
أين المُقرّبون ؟ أين الغيورون على المصلحة العامّة ومصلحة الكنيسة ؟
واين الجريء الذي يقلب موائد الصيارفة ويقول : ......كفى
غريب وعجيب أن يصل الأمر بنا الى أبواب المحكمة ، فالحلّ في الكنيسة ، واللجوء الى المحاكم الدنيوية المدنية – ولاعتبر رجعيا – هو انتقاص آخر لكرامة الكنيسة المرفوعة الرأس ابدا.
لم يفت الوقت أيّها المطران الموقّر ، ولن تخسر الملكوت ايها الارشمندريت الفاضل إن انتما جلستما بحضرة السيّد وطلبتما مشورته ..إنّه ربّ الحكمة والمشورة
أليسَ كذلك ؟!!!! |