بقلم : عـادل عطيـة
تقدم الرجل من الموظف المختص ، وأعطاه طلباً ؛ ليحصل بموجبه على بطاقة صحية بدل فاقد . ولم يكد الموظف يطلب منه التوجه إلى الخزينة ، لتسديد الرسوم المستحقة ومقدارها أربعة جنيهات ، حتى تحوّل فمه إلى بركان يقذف حمماً من السباب ، واللعنات المصحوبة بالدعاء الذي يجلب كل الامراض التي لا شفاء منها على الموظف ، وعلى زملائه ، وعلى المسئولين !
حاول الموظف الاستفسار عن سبب ثورته المفاجئة ، فاجابه الرجل : جئت توّاً من قسم الشرطة ، وقد دفعت هناك مبلغاً وقدره ثمانية جنيهات ؛ رسوماً لعمل محضر الفقد ، وها أنت ذا تطلب مني أربعة جنيهات ، وتحمّلني فوق قدرتي المادية ، فرد عليه الموظف : ان قسم الشرطة أخذ منك ثمانية جنيهات مقابل ورقة ، ولا تريد أن تدفع أربعة جنيهات مقابل بطاقة ، هناك لم تجرؤ على رفع صوتك ، ولكنك تفعل ذلك هنا .. عجبي !
ألتمعت هذه الواقعة في ذاكرتي ، عندما قرأت أحدث حادثة إنسانية مروعة في تاريخ الحرية والكرامة في بلادنا العربية : فقد قامت مجموعة أمنية مغربية بإختطاف الطفلة الصحراوية القاصر : انكية الحواصي ، الناشطة في مجال حقوق الإنسان ، والتلميذة في الإعدادية في مدينة العيون ، وعصبت عينها ، ونقلتها إلى خارج المجال الحضري ، وهناك بدأ مسلسل من التعذيب الجسدي والنفسي على حد سواء ، فتم نزع ملابسها حيث أصبحت عارية ، وبعد ساعات طويلة من التحقيق والتعذيب ، أكدوا لها بعدها أنه في المرة المقبلة ، ستتم تصفيتها جسدياً ، وأن الفيديو الذي تم تصويره لها والذي تظهر فيه عارية ، سوف يتم نشره عبر الانترنيت ، وتركوها هكذا في الظلام دون رحمة أو شفقة لحالها ، لتنتقل بعدها سيراً على الاقدام عارية من ملابسها إلى أحد منازل الصحراويين القريبة منها ؛ ليتم نقلها إلى مدينتها !
وتساءلت : أين صوت الشيوخ ، الذين يتشدقون بانهم حرّاس العقيدة ، وطالما أصموا اذننا بتكفيراتهم ، وفتاويهم ، وأين قضاياهم التي يرفعونها ضد من يظنون انهم اساءوا إلى الدين ؟!
أليس ماتفعلة زبانية السلطات الامنية من تجاوزات شريرة ، اساءة إلى الاسلام ، بحكم انتمائهم الديني ؟!
وهل هناك اساءة إلى الدين أعظم من الاساءة إلى الله ، عندما نعتبر اللوحة التي يرسمها الفنان ، أثمن بكثيرمن اللوحة التي ابدعها الله في صورة إنسان ؟!
،...،...،...
ان الذين يخافون الصراخ في وجه الاقوياء ، من الخزي والعار عليهم أن يصرخوا في وجه الضعفاء !
adelattiaeg@!yahoo.com |