CET 00:00:00 - 17/03/2009

مساحة رأي

بقلم / عادل عطية
أيتها الأم الغائبة عن هذه الدنيا، والسارحة أبداً في خيالي!
في عيدك، فى يوم الأم المبارك من السماء، كان مولدك الأبدي..
ولدت من رحم الموت؛ لتعيشين الحياة الحقيقية، التي يصبو إليها كل قلب.
عانينا مخاض الفراق، وبكينا... بكاءً مصحوباً بارتياح الفرح، ونحن ننظر إلى هديتك الإلهية: الراحة من أتعابك من طعنة المرض اللعين!
فالولادة من الجسد، والولادة من الموت، تجبرنا: أن نبكي في أفراحنا.. ونفرح في آلامنا..!
غبت عنى يا أمى، فغاب عن عيني وجهك الباسم بملامحه الرقيقة الرزينة، ومعانيه الدقيقة الحنونة.
واشتاقت حواسي إلى راحة أمومتك المنتشرة من فستانك العتيق!
يا أمنية غالية يسعى إليها حلم!
أراني في المساء عندما أنطرح على فراش الفراق الخشن القاسي،

أذكر يديك اللطيفتين الناعمتين.
وفي الليل عندما تمتزج أفكاري بأبخرة الأحلام، أشعر بقدميك الصغيرتين تنقران الأرض حول سريري، وفي الصباح أفتح عيني؛
لأراكِ.. فلا أرى غير جدران غرفتى الداكنة!
ولأسمعك.. فلا أسمع سوى صوت غيرك!
أخرج إلى الحقيقة، فأرى:
الأبناء الأوفياء، يجلسون إلى أمهاتهم، يذكرونها: بابتسامة، بوردة، بكلمة، بقبلة،...
وأرى:
كل الكائنات في أحضان أمهاتها، وتحت أجنحتها تتعانق..
وأنا، أنا وحدي.. بعيد عنك، متشوق إليك يا أمي..
فأبحث عنك في الذكريات!
... ... ...

يا سيدة العطاء الخالد!
يا من عرضت ساعديك الكريمين لاحتراف العذابات الحياتية، من أجل أن يلمع في أيدينا –صباح كل عيد– قرش أبيض كقلبك!
وبالونة حمراء كعينيك المتورمتين في ليالي التدبير!
تأتين في عيدك إلى طفولتنا التي لا تزال تحبو على طريق آلام الفراق، فأرى وجهك اللطيف الثابت، يبتسم إلىّ من الأقاصي البعيدة،
ويدك المُباركة المُدربة على ممارسة العطاء، تمتد إليّ بسلّتك الملأى بالذكريات الحلوة:
يوم تعلمنا منك –نحن أولادك– كيف نكون تلاميذ ليوحنا الحبيب، الذي قال لهم وصية الوداع: المحبة، ثم المحبة، ثم المحبة...

وما أجمل المحبة بين الأخوة، التي هي من ثمرة إيمانك يا من سرت على درب لوئيس، وافنيكي!..
ويوم تعلمنا منك:
أنك في أحلك لحظات الجفاف لم تتواكلي.
ونفضت عن شفتيك ارتعاشات الشكوى.
ومسحت من على وجنتيك دميعات الأسى...
ويوم تعلمنا منك، وأنت على فراش المرض:
كيف لا يهتز إيماننا.
فحتى آخر وخزة من آلامك المضنية، كنت تؤمنين: بمعجزة الشفاء الإلهي.
وقد أراد لك الله في الموت: شفاء!
... ... ...

آه يا أم النور الذائب في أعماقنا!
يا من لم يرضها من الدنيا سوى إبتسامتنا..
إسمحي لي أن أبكي مرتين:
مرة؛ لأنه فاتنى في حياتك على الأرض، أن ألتمس الصفح، وأنت قمته: عن كل لحظة ألم سببتها لك راحتي.
عن كل ليلة سهر بجانب سريري لأغفو ملء جفوني.

وعن كل يوم سلخته من حياتك لأحيا في كنف عطفك وحنانك.
ومرة؛ لأن هديتى البسيطة، دائماً، لم تتمكنين من تسلمها في ذلك اليوم.
يا من لم تطلبي منا يوماً: طلبة واحدة لنفسك!
أطلب منك يا أم الحب وأنت بجوار شفيعتك: مريم..
أن تكوني: مونيكا – أخرى - ..
كلما أخذتني الخطية إلى عالمها المظلم.
فهذه كانت رسالتك المقدسة: أن نكون أطهاراً أنقياء مُبَرَرَين.
وهذا إيماننا: أن صلاتك هى الآن أكثر قرباً من قلب الله.
إننى أسمع صوتك –يا من لم تطلب من الدنيا ولم تجد-:
أطلبوا تجدوا...
وقد طلبت.
adelattiaeg@yagoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق

الكاتب

عادل عطية

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

مداهمة الستين!!

في مساء عيد الأم...

جاذبية الحلوى!

جديد الموقع