CET 00:00:00 - 28/08/2009

مساحة رأي

بقلم: أيمن رمزي نخلة
ما معنى أن تكون حُراً فيما تَكتب؟ وكيف تَكون ذاتك فيما تُفكر فيه؟ إنني لا أسمح لأي أحد أن يعتقل أفكاري. لا أُرهب آخر للإقتناع بما أُنادي به. لا أسمح لأي شخص أن يَفرض عليّ معتقداته. أكره العنف. وأرفض فرض الإيمان بالرعب والإرهاب. تلك هي اتجاهاتي في الحياة.
عزيزي، جيد أن تكون رسالتك هي نشر أخبار سارة للحصول على الحياة الأفضل والخلاص مِن عالم الشرور، لكن الأجمل هو أن تُرحب بنشر كل شخص معتقداته في اطار احترام الإنسان الآخر كإنسان.
أؤمن أن الحوار هو التعبير عن كوني إنسان. والإنسان عندي أهم مِن المعتقدات، لأن المعتقدات وُجدت من أجل الإنسان.
إن ما نشاهده في عالمنا العربي المعاصر حيث فرض الأفكار والمعتقدات بالرعب، والإستمرار في إرهاب الآخرين المختلفين في العقيدة حتى يؤمنوا بما تؤمن به "ألهة الأديان" المتحكمين في مُقدرات الشعوب ومعتقداتها، والمعتقدين بأن ما يعرفونه هو فقط السماوي، كل هذا جعل القول بأن كلمة الدين أو الأديان السماوية فقدت قيمتها مع أفعال "ألهة الأديان"؟

إن الحيوانات المفترسة في الغابات الغير مؤستئنسة هي التي تملك اللا فكر. إنه فقط فكر القتل والدمار والخراب والسبي واغتصاب حقوق الأخرين لكي تعيش هي متفردة بدون آخر. إن ما نشاهده مِن أفعالٍ مبنيةٍ على تعاليم صريحة صنعها المؤولون للنصوص، حيث الرعب والقتل وفرض إيمانهم  بقوة السلاح، لهو أقوي دليل على أن هذه تأويلات الغباء والدعوة الصريحة للقبح، وقتل كل مظاهر الحياة الأفضل، ونشر اليأس والكآبة وفكر الموت.
مَن هو هذا "إله الدين" الإرهابي الذين يدعوا أتباعه لكي يُرهبوا عدوه وعدوهم؟
وما معنى عدو الله؟ هل ذلك الشخص الذي لا يؤمن بتفسيرات "إله الدين" هذا؟ كيف يوصيني هذا الإله بمحاربته؟ ألا يستطيع هذا الإله أن يُقنع عقلياً المختلف مع عقيدتي في قبولها؟ أم أن هذا الإله لا يَمْلُك إلا الرعب والإرهاب الذي يقود ويوصي أتباعه الإرهابيين أن يوجهوه إلى المختلفين معهم؟
مَن قال أن المختلفين معي في الفكر أو العقيدة هم أعدائي؟
ما معنى الحرية في الإيمان، بلا أي ضغوط، أو إرهاب، أو رعب؟
ماذا يعني لهذه الألهه أن أؤمن بإيمانها وبمعتقداتها مَرعوباً؟
مَن هي هذه "الألهة" التي تجلس بعيداً عن مخلوقاتها في تجبرٍ وكبرياءٍ وتعالٍ ليستمتعوا بعبادتهم مرعوبين رافضين لأي حوار مع الآخرين قد يكون أكثر قيمة وتحررا وحضارة؟ ألا يعتبروا هؤلاء المتكبرين أنانيين في فرضهم لعقائدهم بالقوة ونشرها برفع القضايا في المحاكم وارهاب المختلف فكرياً؟

أي إنسان هذا الذي لا تُعطى له فرصة للتفكير والمقارنة بين عقائد مختلفة، ويختار منها ما يستحسنه بدون الخوف مِن عصى الحاكم أو سجونه، أو تكفيره ثم قتله لأنه اختار طريقاً آخر غير طريق القطيع؟
كيف يكون الإنسان إنساناً وهو مُصّير وراء "مدعيّ ألوهية" فاسقين يفرضون عليه الفتاوى والأحكام عن طريق تعليمات المعيشة اليومية: افعل هذا مأموراً ولا تفعل ذاك مجبراً؟
لكي يحترمنا العالم الراقي الخارجي يجب إعطاء الحرية للمؤمنين بغير تعاليم "ألهة الأديان" لكي يمارسوا حياتهم الطبيعة وحصولهم على حقوق المواطنة كمواطنين طبيعيين يتمتعون بكل حقوق المواطنة. كل إنسان حُر في أن يختار إلهه الحقيقي، بعيداً عن "مدعيّ الألوهية"!!!
إنني أرى أن الله الحقيقي ذات غيب منيع لا تدركه الأبصار، ولا تحده الأسماء، ونحن الذين صنعنا صورة لإله آخر جبار لكي نعبده، وكل مَن لا يعبد الصورة التي صنعناها فهو الكافر بإيماننا هذا وهو المستحق عقابنا. لقد اصبحنا آلهة لأدياننا.

متى يترك "ألهة الأديان" الآخرين يؤمنوا كما يشأوا، دونما رعبٍ أو اضطهاد أو تمييز؟  متى نترك كل إنسان يَعبد إلهه بطريقته؟ كيف لا نجبر الآخرين على إتباع مَذهبنا وعقيدتنا مِن خلال اجبار المُختلفين معنا في العقيدة؟
إن الحل الذي تطبقه الدول الراقية المتقدمة هو فصل الدين عن الدولة. ليكن لكل فرد ديانته. ليكن كل إنسان حراً فيمن يعبده. ليكن الدين علاقة فردية شخصية بين الإنسان وإلهه. ليكن المجتمع للجميع، لا فرق بين هذا وذاك إلا بالعمل والإنتاج.
احترموا يا "ألهة الأديان" أنفسكم مِن خلال إعطاء الحرية للآخرين المختلفين معكم في الدين والعقيدة لكي يتعبدوا كيفما شاؤوا، ويكون لهم كل الحقوق في أن يكونوا مواطنين لهم كل حقوق المواطنة.

لماذا كتبت هذه المقالة؟
•بدأت فكرة هذه المقالة بعد مشاهدتي لمجموعة حلقات تليفزيونية للشيوخ المحتسبين الجُدد وهم يُرهبوا ويتوعدوا مجموعة بهائيين بملاحقتهم قضائياً. واستمرار الملاحقات القضائية على العائدين للمسيحية والعقلاء الخارجين مِن عباءة الإرهاب والحكم باسم الدين إلى حرية وعظمة الحياة الأفضل.إنني أدافع عن حق أي شخص آخر لا يؤمن بدين الجماعة ولا يسير مثل القطيع المُغيّب وراء شيوخ وفقهاء النقل مِن تراث الماضي دونما ادراك.
•وتواصل مجموعة أخرى من الشيوخ الذين رفعوا قضية ضد شاعر كتب قصيدة هنا أو هناك مثل قضية الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، والقضية المنظورة ضد الدكتورة نوال السعداوي، وغيرها من قضايا التكفير والتهجير.
•زاد الكيل بالشعور بالتمييز بل والاضطهاد عندما اختطفت مجموعة تَدعي التدين نقابة الصحفيين ومنعت مؤتمر "مصريون ضد التمييز الديني"، والسبب أن هناك سيدة بهائية سوف تتحدث خمس دقائق في المؤتمر! يا لهذا الذعر على كراسي ومعتقدات آلهة الأديان ـ كما قال بعض المتحدثين في المؤتمر ـ مِن مجرد سيدة بهائية!!!

•تعبير "ألهة الأديان" (شيوخ الإرهاب) مستوحى مِن المفكر الدكتور أحمد صبحي منصور الذي طُرد مِن أجل آرائه التنويرية التي كانت ولا تزال لها صدى واسع، ومازالت قضايا المطاردة له ولاتباعه. وإن كنت أتفق معه ومعهم في حرية التفكير وتنقية تعاليم "ألهة الأديان" مِن خزعبلات التراث العفنة وعبادة الأشخاص والتفكير الإرهابي الدامي، لكن أختلف معه في بعض الأفكار التي يطرحها. وبالرغم مِن هذا فإنني أقف مع وجوب أن يكون حراً على طول الخط هو وجماعة القرآنيين وأدافع عن ضرورة أن يكونوا آمنين في عبادتهم وحياتهم.
•لا أدافع عن أي عقيدة إلا عقيدة الحرية والإنسانية. غايتي أن يكون الإنسان حراً في علاقته الشخصية بينه وبين إلهه، حتى لو كان هذا الإله حجراً.
•عقيدتي الحرية والإنسانية لكل إنسان.
•كتبت هذه المقالة منذ شهور طويلة، لكن لم أشأ نشرها إلا بعد الهجمة الشرسة على الدكتور سيد القمني لحصوله على جائزة الدولة التقديرية، دون قراءة كتبه ومقالاته، ودون مناقشة الفكر بالفكر.
مع خالص تحياتي لكل إنسان يريد أن يعيش إنسانيته ويترك الآخرين يتنفسون إنسانيتهم.

Aimanramzy1971@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق