CET 00:00:00 - 28/08/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدي جورج
يعيب الأستاذ عبد الباري عطوان على الأقباط عموماُ وعلى أقباط المهجر خصوصاً ويقول أنهم طائفيين ومطالبهم طائفية وذلك في مقالته بجريدة القدس العربي 19/8/2009  بعنوان "اوباما وامتحان الرئيس مبارك". ونفس هذا الاتهام يوجهه كثيرين للأقباط متهمينهم بنفس التهمة وقائلين أنهم لا يتظاهرون الا من اجل مصالحهم فقط وأنهم بذلك يفضلون أنفسهم عن باقي الشعب المصري.

ولتعدد هذه الاتهامات فاننى سأحاول تفنيدها فى عدة نقاط :
ـ  يتحجج الكثيرين بمقولة أن المعاناة فى مصر عامة فالمصريين جميعا يعانون من الظلم والفساد والقهر الذي يعيشون فيه ولذا لا يحب على الأقباط أن يتظاهروا من اجل مصالحهم ومطالبهم فقط . وانا أقول لهؤلاء ان هذه مقولة حق يراد بها باطل فحقيقة ان المصريين كلهم يعانون ولكن لا يستطيع احد ان ينكر ان معاناة الأقباط مزدوجة فهم يعانون ككل المصريين ويعانون أيضا كأقباط تنتهك حقوقهم الدينية والثقافية كل يوم من السلطات الحاكمة ومن المواطن المسلم العادي  وهذا المسلم العادي المملوء بالغضب نتيجة ممارسات النظام لم يجد وسيلة ينفس بها عن غضبه الا فى جاره القبطي الأضعف منه وقد تركت السلطات هذا الأمر بل وشجعته فى بعض الأحيان حتى لا يوجه المواطنين جميعا غضبهم الى وجهته الصحيحة ضد النظام وهكذا أصبح القبطي كالواقع بين المطرقة والسندان .
ـ ان المصريين عموما ومنهم الأقباط لم يعودوا مسيسين كما كان الحال سابقا فمنذ فترات طويلة  لم يخرج المصريين للتظاهر من اجل مطالب عامة ومشتركة. واغلب الحركات الاحتجاجية التي خرجت  للشارع فى السنوات الأخيرة كانت اجل مطالب فئوية كمظاهرات المحامين والصحفيين  وموظفي الضرائب العقارية وإضراب سائقي النقل العام  والعمال و كل مطالب هؤلاء فئوية وليست عامة والأقباط يشاركون فيها أيضا طالما هم  متواجدين في هذه المصالح . اما عن خروج بعض النخب فى تظاهرات تطالب بالإصلاح السياسي كحركة كفاية وغيرها فاننى أقول لك ان الأقباط كانوا  مشاركين فيها أيضا  .
ـ  ان  الاسلمة لجميع مناحى الحياة وعزل المسيحيين فى الآونة الأخيرة  هي التي أبعدت المسيحيين عن العمل السياسي فهم لم يهمشوا او يبعدوا أنفسهم فلا يوجد عاقل على استعداد ان يبعد نفسه ويهمشها . وأنت يا أستاذ عبد الباري عطوان تذكر كيف كون  جورج حبش المسيحي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكيف كون نايف حواتمة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وكيف انضم اليها المناضلين من المسلمين والمسيحيين دون النظر لدين المؤسس وهذا الأمر كان يحدث لدينا فى مصر فقد كان من الممكن ان تجد المسيحي أو اليهودي أو اللادينى فى منصب حزبي هام وتجد الجميع يقبل هذا لكفاءة الشخص  كما فعلها مكرم عبيد وكون حزب الكتلة الوفدية وكما كون جوزيف روزنتال وحسني العرابي وأنطون مارون الحزب الشيوعي المصري وكما كان امين عام حزب الوفد مسيحي فى اغلب فترات حزب الوفد منذ نشأته وللان .

 بينما الآن انظر أستاذ عبد الباري أين هو موقع المسيحيين فى النضال الفلسطيني فى ظل سيطرة حماس والمنظمات الإسلامية الأخرى كجند الله وجيش الإسلام  والجهاد  وغيرها  على النضال الفلسطيني هكذا أصبح حالنا فى مصر فقد أصبح توجه معظم الأحزاب توجه اسلامى وحتى الأحزاب اليسارية والليبرالية التى كان الأقباط يجدون فيها أنفسهم ويحققون فيها ذواتهم جمدت او همشت وأضعفت .
ـ رغم كل ما سبق فأن أول مطلب من مطالب الأقباط فى جميع مؤتمراتهم التى عقدت خارج مصر وأولها مؤتمر زيورخ بسويسرا 2004  كان المطالبة بتحقيق المواطنة الكاملة والمساواة التامة بين أبناء مصر جميعاً أقباطا ومسلمين وأظن أن هذا الطلب ليس بطائفي فكل الدساتير والأعراف تعطى الحق لأي مواطن فى  أن يطالب بمساواته ببني جلدته  .
ويأتي تحت هذا المطلب حقهم في بناء كنائسهم مثل حق المسلمين في بناء مساجدهم وحقهم في الحصول على الوظائف العمومية نسبة لكفاءتهم وحقهم في ممارسة عقائدهم بحرية وحقهم في البث الإعلامي ورفع خانة الديانة من بطاقة الهوية وغيرها من الحقوق الاخرى .

ـ أما عن التظاهرات القبطية ورفعها لمطالب قد يصنفها البعض بأنها طائفية فأسمح لي اشرح لك الأمر : إذا تعرض سكان قرية من القرى لحرق منازلهم بسبب قيامهم ببناء كنيسة أو قاعة للصلاة في قرية محرومة من الكنائس فهل سيخرجون  بلافتات تطالب بالديمقراطية ورفع الغلاء وتحسين ظروف المعيشة أم سيرفعوا لافتات تطالب بحمايتهم وحقهم في العبادة أو انك لا تعرف أن الحاجة للأمن وللأمان تأتى مباشرة بعد الحاجة للمأكل والمشرب فلن تستطيع تكوين إنسان سليم إذا كان جائع او خائف ,
وإذا خطفت فتاه من أهلها فهل سيخرج أهلها متظاهرين من اجل المطالبة بحقوق الإنسان في الشيشان وحق الفلسطينيين في وطن لهم أم سيطالبوا بإرجاع فتاتهم المخطوفة ؟!!

ـ هذا هو حال الأقباط ومن وضعهم في هذه الحال هو الدولة المتراخية عن حمايتهم فأصبح شغلهم الشاغل وهمهم الأساسي  هو توفير الأمن والأمان لهم ولذويهم فإذا كان هم المصري العادي شغله الشاغل هو الجري وراء لقمة العيش ليل نهار ولا وقت لديه للانشغال بالعمل السياسي او المطالبة بحقوقه. فان هم القبطي أصبح همين كلاهما أصعب من الأخر فالأول هو توفير الأمن والأمان والثانى هو توفير لقمة العيش.
ـ  سيدي هل هو حلال على المسلمين التظاهر احتجاجا على اهانة مقدساتهم  وحرام على الأقباط فعل ذلك ؟  فلماذا لم تتهم طلاب جامعة الأزهر بالطائفية عندما تظاهروا احتجاجا على رواية "وليمة لأعشاب البحر" ؟ ولماذا لم تتهم  المسلمون بالطائفية عندما  تظاهروا أثناء ازمة الرسوم المسيئة  ؟  وعندما يتظاهر الفلسطينيين عند منعهم من الصلاة فى الأقصى  لا تتهمهم بالطائفية  بينما عندما يتظاهر الأقباط لغلق كنائسهم ومنعهم من الصلاة فيها تتهمهم بالطائفية .

ـ أخيرا سيدي نأتي للملف الأخطر وهو ملف التوريث فكثيرين من المعارضين  فى مصر وفى خارج مصر يتهمون الأقباط بأنهم خارجين عن أجماع الأمة ومع التوريث لصفقة بينهم وبين النظام .
ودعني هنا أوضح لك شئ هام الا وهو ان النظام يستخدم سياسة العصا والجزرة فى هذا الملف ولكن مع من يفعل النظام هذا الأمر ؟ النظام يفعل هذا مع  بعض القوى القادرة على تعطيل او أعاقة التوريث  في مصر كالإخوان او الجيش  مثلا بينما مع الأقباط لا توجد  غير العصا بينما  الجزرة لا وجود لها على الإطلاق  لان النظام لا يخاف من الأقباط  ولا يعمل لهم حساب  .
قطار التوريث ياسيدى ليس قطار قشاش( هو القطار الذي يتوقف عند جميع المحطات حتى لو كانت قرى صغيرة) كى يقف عند محطة الأقباط . بل هو قطار سياحي كقطار مصر أسوان السياحي وهو خرج من محطته الابتدائية بالقاهرة في طريقه إلى أسوان وهو فى رحلته تلك لا يتوقف الا فى الأقصر أكراما لخاطر السياح الأجانب كما يفعل نظامنا الذي لايهمه الا التوقف عند المحطة الأمريكية ليأخذ رضاها على ملف التوريث ثم ينطلق الى وجهته النهائية غير عابئ باى شئ .
سيدي لا تظلموا الأقباط فى ملف التوريث ولا تحملوهم فوق طاقتهم فهم مغلوبون على أمرهم فى أشياء كثيرة جدا ومنها هذا الملف . والنظام يقول لكل من يعارض ملف التوريث فلتنظروا الى رأس الذئب الطائر متمثلا فى ما حدث لكل من أيمن نور زعيم حزب الغد سابقا ونعمان جمعة زعيم حزب الوفد سابقا عندما ترشحا ضد مبارك فى انتخابات الرئاسة 2005  قبل ان تفكروا فى معارضة التوريث . 

Magdigeorge2005@hotmail.com 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق