CET 00:00:00 - 27/08/2009

مساحة رأي

بقلم: محمد عبد الفتاح السرورى 
وصف الكاتب (مأمون فندي) حال الصحافة في مصر بأن حالها يشبه حال عزبة شلبي وعزبة شلبي لمن لا يعرف مكان عشوائي في مصر يتم فيه تفكيك السيارات المسروقة وبيعها خردة أو قطع غيار ... وكم كان الكاتب موفقا في تشبيه لحال الصحافة في مصر وبما يحدث فيها بحال عزبة شلبي وما يجرى داخلها وكم كان بليغاً في هذا الوصف
- وليسمح لي الأستاذ( مأمون فندي) و لتسمح لى العزيزة( روزاليوسف) أن أستعير هذا الوصف من الكاتب مدخلا لما نريد أن نقول وما نبغي طرحه في هذا المقام
لا يخفي على أحد أن حال الصحافة في مصر (قومية ومستقلة) أصبح لا يرضى عدوا ولا يسر حبيب فعلى الرغم من إستبشار الكثيرين من إطلاق حرية تكوين ال صحف إلا أن النتيجة فى مجملها أتت بعكس المرجو منها وإن كانت التجربة في حد ذاتها لا تخلو من إيجابيات لا ينكرها إلا مكابر
.

ولنبدأ أولاً بالأهم ثم نلج الى المهم ونقصد بالأهم هنا هو حال العاملين في مجال الصحافة المستقلة في مصر (وأتعمد هنا وصفهم بالعاملين وليس الصحفيين) لأنه من خلال تجربة مررت بها أستطيع أن أؤكد أن المشتغلين في هذه النوعية من الصحافة لا يعاملون معاملة الصحفيين لا رسمياً ولا أدبيا ولا ماديا بل والاسوأ من ذلك أنهم في بعض الاحايين يمتهنون أشد المهانة على أبواب قاعات المؤتمرات وبوابات المهرجانات في مشهد يندى له الجبين ويتحسر عليه أصحاب الغيرة على هذه المهنة الجليلة وما حدث لها.
وللتذكرة فقط أو لمن لا يعرف أن هناك البعض من المشتغلين في الصحافة المستقلة أو الخاصة يعملون دون مقابل بل أحيانا يقومون بالأنفاق من أموالهم الخاصة على بعض المهام التي يكفلون بها من جانب الادارة أو حتى المهام التي يكلفون هم أنفسهم بها حيث أنه في الغالب في مثل هذه النوعية من الصحافة لا تقوم الادارة بتكليفات محددة للعاملين فيها بل كلا وأجتهاده (وشطارته) أيضا وأقول هذا من واقع تجربة عملية حقيقية مررت بها وأحسب أن الكثيرين قد مروا بها أيضا..

وكثيرا ما كنت أطرح على نفسي سؤال ... إذا كانت مطبوعات هذه الصحافة المستقلة لها أرقام توزيع متواضع ة بل وان الكثير من الناس لا يعرف لها أسما ولا اتجاها و تعد مبيعاتها متواضعة جدا و لا يمكن بأي حال من الأحوال تغطية تكاليف العدد القادم لها خاصة مع قلة أو (إنعدام) الاعلانات داخل الاعداد الصادرة بكل ما يمثله الأعلان من أهمية فى تغطية النفقات فمن أين تأتي هذه الصحف (المطبوعات) بتكاليف وتمويل إصدارها.؟
-من المعروف أن هناك هيئات أو مؤسسات تمول بعض الصحف وهذه الهيئات معلنة ومعروفة ولكن هل من المعلن أيضا جهات تمويل كثير من الصحف التي تتصدر واجهات باعة الجرائد في مصر؟
وأذكر في هذا المقام أنه عندما حاولت الدولة إخضاع الصحف المستقلة لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات ثارت ثائرة العاملين في هذا المجال وللأمانة لقد كنت واحد من الذي أحسوا بحس (حكومي) تجاه هذا القرار ولكن هنا لا بد أيضا من طرح سؤال لماذا يخشى أويرفض العاملين والمسئولين عن هذه الصحف إخضاع ماليتها لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات ؟!
سؤال ... هل يتطوع أحد للأجابة عليه.

أما المهم في هذا الموضوع هو نوعية وطبيعة والمنهج الذي تتبعه هذه الصحافة في نطاق ممارسة عملها وهو منهج في مجملة معيوب زاد عيوب المجتمع ولم يساهم في كشف عيوبه كما هو مفترض.
ماذا يعنى أن تسود صفحات بالكامل باللغة العامية الدارجة.. ليس هذا معناه أنه يجب ان تكون مكتوبة بلغة فصحى جزلة بل على العكس لقد كانت دائما ما توصف اللغة العربية السهلة بأنها (لغة الصحافة) فأين لغة الصحافة من هذه اللغة الرديئة التي تكتب بها صفحات كاملة لبعض الصحف المستقلة بل وأحيانا ما تتصدر هذه اللغة مانشيتات صفحاتها الأولى ؟!
أما عن طبيعة الموضوعات والتدليس على القارئ بعناوين كاذبة فحدث ولا حرج والامثلة كثيرة نسوق لكم بعضا منها منعا للاطالة غير المفيدة.
مايكل جاكسون مات مسلما .. هذا ما تؤكده كثير من الصحف الخاصة في مصر بل وبلغت الجرأة بأحد المطربين أن يصرح وأن تسمح له احدى الصحف أن ينشر قوله بأنه رأى السيد (مايكل جاكسون وهو يصلى داخل المسجد) والحقيقة أن المطرب قد رأى ما رأى على شاشات الكمبيوتر والتي يعلم جميعنا طبيعته وما يمكن أن يصنع به اى شخص ما يشاء من الصور والاخبار والفبركات.
-الحديث عن الجن والعفاريت و ربط الازواج و عذرية الزوجات حديثا لا تخلو منه الكثير من الأصدارات الكريهة خاصة التي تعمل في مجال نشر الحوادث والمتابع لهذه النوعية من الإصدارات يجد أن الأمر بالفعل لا يطاق ولا يحتمل من سذاجة المنشور وكذب المطبوع ... هذا غير تكرار الحوادث ذاتها بتحرير جديد.

ونعود هنا الى نقطة التمويل من أين تأتي صحف الحوادث في مصر بالتمويل؟
أننى أزعم هنا ان هذه النوعية من الإصدارات لا تحظى بتوزيع عالي وليس لها قراء دائمون فكيف يتأتى لها الإستمرار في الصدور .. سؤال ثاني.
إن موضوع الصحافة في مصر وأزمتها المزمنة موضوع ضخم يحتاج لتفصيل أوسع مما لا يتسع له المقام الآن ولكننا فقط نريد أن نؤكد أن الجميع بما فيهم العاملين في المؤسسات القومية غير راضية عما وصل اليه حال صاحبة الجلالة من إنحدار في اللغة والممارسة والأهداف.
ونؤكد أيضا من خلال متابعاتنا ومعايشتنا للواقع أن كثير من العاملين في الصحافة يبغون لها الرفعة والأزدهار (والإحترام) على عكس ما هو متحقق الآن.
- هذا غير الإلحاح الدائم بمنشيتات مثيرة غاضبة لا تصب إلا في قناة التعصب و اللاعقلانية في التعامل مع الأمور والاحداث وبالطبع لا يجب أن ننسى هنا التعامل مع أحاديث وتصريحات الأستاذ( محمد حسنين هيكل) بأعتبارها مسلمات لا يجوز معارضتها أو الخروج عن مضامينها وإعتبارها كل ما يتفوه به (الأستاذ) حقا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفة وفي هذا الموضوع الحديث يطول.

وفي النهاية نؤكد على أمر هام لا نحن ولا أحسب أن أحدا يريد العودة للوراء وفرض اي شكل من اشكال الرقابة أو العنت على الصحافة سواء المستقلة أو القومية فهذا أمر قد تم حسمه من زمن لصالح حرية المنشور والمذاع ولكننا فقط نريد أن نكون جميعا صحفيين وقراء على مستوى هذه الحرية التي لا أظن أن لها سابقة في تاريخ صحافة مصر ... كل المطلوب هو الوصول لمستوى المسئولية التي تفرضها علينا هذه الحرية ... حتى لا تتحول الصحافة الى مرتع لكل من يريد تفكيك وبيع وتزوير أي شئ كما يحدث في (عزبة شلبى) ... وكما هو حادث الآن.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق