بقلم: سحر غريب
أشفق على أطفالي الصغار لأنهم مجبرون على تحمل هفواتي التربوية، فأنا أعترف بدون حاجة إلى تعذيب أني أم مُقصرة في حقوق أبناءها، فهكذا تربيت وهكذا تعلمت وهكذا ورثت أصول التربية الغير سليمة عن أسلافي وجدودي، فأنا تارة أستخدم الصوت العالي معهم وتارة أخرى أستخدم العصا لمن عصا.
وأحيانًا ينالني اليأس وأجد في يدي فردة شبشب ألوح بها في الهواء مهددة كل من يقف في طريقي بالعقاب الرادع الذي يساوي بين الطفل والحشرات الزاحفة الغير مرغوب فيها وينتقص من آدميته التي كفلها له الدستور وحقوق الإنسان.
حتى جاءتني ابنة عمتي المهاجرة إلى كندا فأخذت تحكي لي عن كونها كانت مثلي في رعونتها مع أطفالها وعدم صبرها عليهم، حتى عرفت مدرسة أبنها بأن طفلها يتعرض للأذى البدني على يد والديه وهنا قامت المدرسة على الفور بإبلاغ السلطات المختصة وحذروا الأم من مغبة هذا السلوك، وبأنها لو استمرت فإن الطفل سيسحب من رعايتها الغير أمينة، ولم يكتفوا بالتحذير الأجوف بل مدوا قريبتي بدكتورة نفسانية أو معلمة حياة لكي تقوم سلوك الأم وتعلمها أصول التربية الحديثة حتى تكون جديرة بتحمل مسئولية تربية أبناءها.
فالطفل في الخارج يا سادة ثروة يجب الحفاظ عليها فهو المستقبل الواعد الصاعد الذي يحتاج إلى رعاية والذي على يديه يقوم الغد المشرق.
أما هنا في مصر بلد حضارة الأموات بلد التاريخ والمومياوات فتربية الأبناء آخر ما يتم التفكير فيه، فالأطفال هنا عُملة مرطرطة في السوق لا تجد من ينتشلها من ضياعها، وأجدني أتقهقر كلما رغبت في المناداة بتربيتنا قبل أن نحصل على رخصة تربية الأبناء، فالبلد التي لا تحترم آدمية مواطنيها لن تربي داخلهم سوى القهر والظلم الذي سيتم غرسه تلقائيًا داخل نفوس بريئة صغيرة لا حول لها ولا قوة. |