بقلم: زهير دعيم
أمّاه؛ عيدك عُرسٌ في السّماء وفي الأرض، يملأ الدُّنيا شذىً وخَفَقاناً وتحناناً.
عيدُكِ فرحٌ تُصفِّق له القلوب، وتسجد في محرابه النفوس، فأنت جزء من الإيمان، ونُتفة من عِشقٍ أزليّ، وباقة من أحاسيس غمرت الوجود.
كم أتوق إليكِ، إلى حنانك وغضبكِ وصلاتك وهمساتكِ وقلقكِ.
أذكركِ وأنتِ تتحمّلين شقاوتي الطفولية على مضض حيناً، وببسمة حيناً آخر، وبغضبٍ مجبولٍ بالمحبة مرّات.
أذكركِ وأنتِ تُبلسمين جراحاتي وآهاتي بالصّلاة والدُّعاء.
أذكركِ وأنت تطردين همومي، فأنام مطمئناً، فهناك قلب يخفق بحُبّي، وروح تناجي روحي، وملاك من بشر يُسدّد خطواتي.
ما أحلاكِ على شُرفة الصّباح وأنت ترفعين يديْكِ الطاهرتين نحو السّماء وتهمسين: "احفظهم يا ربّ، احفظهم من الشرِّ وشبه الشرّ".
ما أروعكِ وأنت تروحين وتجيئين، وقدماك لا تعرفان الكلل، تخدمين الصغير والكبير، والبسمة ملء محيّاكِ، تسهرين والحديث الطّليّ يُعسِّل حياتنا، ويدفّئ شتاءَنا!!
أنتِ الرّبيع يا أمّاه.... أنتِ الأمل المعقود فوق قنطرة الوجود.
أنتِ الحُبُّ الآتي من فوق..
"هذه أمُّكَ"، قالها السيّد وهو مُعلّق بين الأرض والسماء.
ومنذ ذلك الوقت والبشرية تُفكّر كيف تردّ لكِ الجميل، كيف تُسدّد لكِ بعض إحساناتك... ولا أظنّها نجحت، ولا أظنّها ستنجح!!
أمّاه!!!
أراكِ في كلّ أمٍّ تحمل رضيعها وتهدهده، وتناغيه، وتُناجيه...
أراك في كلّ فتاة صغيرة تطمح أن تعانق حروفَكِ المقدّسة.
أراكِ في كلّ نسمة عطرة تهبّ في يوم حارّ.
أراك في كلّ غيمةٍ تنهمر خيراً فوق تلالنا.
أراكِ في كلّ يدٍ مباركةٍ تُمسِّد شعر المهموم والحزين، فَتَهِب تعزيةً، وتمنح سلاماً.
أراكِ في كلّ زقزقةٍ وسقسقةٍ وعطرٍ يفوح.
أراك في كلّ أمّةٍ وشعبٍ وقبيلة.
أراكِ... في الضمائر والقلوب والوجدان.
أراكِ في آذارَ وفي تشرين.
أراك في وجوه البشر الحالمين، والشجر المُثقَل بالثّمار، والعُشب المُكلّل بالنّدى.
أمّاه؛لأجلك ولأجل ذكراك العطرة، أحمل في فؤادي هوىً لكلّ أمثالك، وكلكن سواء.
فمن هنا من أغلى بقعة تحت السّماء، أزفُّ لكلّ أمّ إضمامة محبة، وباقة تقدير، وأغنية تقول:
أنتِ ملكة حياتنا!!!
أنتِ تتربّعين أبداً على عروش القلوب!!!
ولأجلكِ وُلدت مقولة.. كلّ عام وأنتِ حبيبتي. |