|  بقلم: زهير دعيمفي كلّ صباح ، وفي الطّريق الضيّق النازل على خدّ إحدى حارات الناصرة ، تمرّ فتاة جميلة كقلب الفجر ، تمرّ والخَفَر يملأ مُحيّاها ، والطّهارة تفيض من كيانها ، تحمل على رأسها المتلفّع بمنديل ليلكيّ،  جرةً صغيرة ، لتملأها من العين .
 مشهد جميل أضحى جزءًا من المدينة الغافية على جبال الجليل.
 ومرّت الأيام ، ومرّ من تلك الحارّة ملاك الربّ جبرائيل ، يحمل رسالة للفتاة الأطهر والأجمل ؛ ابنة إبراهيم؛ مريم ، فقد اختارها السيّد  لتكون أمّه في الجسد، ولتكون آية ًللبشر وليكون المُخلّص والفادي ، فرضخت لإرادة الله دون اعتراض ، على الرغم من العار الذي قد يلحق بها ، فقد تُعرّض خطوبتها وزواجها للفسخ من قبل يوسف النجّار.
 وسمعت المسكونة منذ تلك اللحيظات أجمل ترنيمة فاه بها البشر؛ ترنيمة تردّد صداها الأجيال والجبال والوديان مئات السنين:
 " تُعظِّم نفسي الربّ وتبتهج روحي بالله مخلّصي "
 مريم الاسم الذي يحمل بين طيّاته القداسة والطهارة والبراءة والجمال والطّيبة والإحساس المُرهف والذوق السّامي.
 
 مريم ؛ اختيار السماء للأمّ المثاليّة .
 مريم عنوان التواضع ورمز العطاء والتحمُّل ، التي تفطّر قلبها حزنًا على وحيدها – يسوع – وهو على خشبة الصّليب ، لنفرح نحن ونبتهج.
 مريم اللاجئة الأولى في التاريخ ، النازلة هربًا من ظلم هيرودس إلى ارض مصر والنيل والكرنك ،  "من  مصر دعوت ابني "
 مريم التاريخ المجيد الذي سُطِّر بماء الذهب على صفحات وشوارع وطرقات الجليل صعودا الى أورشليم وجبل الزيتون والهيكل طاعةُ للناموس والشريعة .
 مريم الأم المتباهية والتي وجدت فتاها يسوع وهو يجادل الشيوخ في الهيكل ويفحمهم ،فقد  احترق قلبها عليه ، بعد ان عادت مسيرة ثلاثة ايام مع يوسف النجّار باحثة مُفتّشة ، فلامته للمرّة الأولى والأخيرة ، وقلبها يخفق حنانًا وتحنانًا : " يا بُنيّ لماذا فعلت بنا هكذا ، هوذا أبوك وأنا كنّا نطلبك مُعذَّبيْن "....ولم يتأخر الإعلان الإلهي ، إعلان السماء : " لماذا كنتما تطلباني ، ألم تعلما أنّه ينبغي أنْ أكون في ما لأبي "
 مريم التي حفظت هذه الأمور ، وأموراً أخرى كثيرة في قلبها .
 مريم التي قالت في عرس قانا الجليل للناس هناك وللبشرية كلّها وما زالت تقول :
 " مهما قال لكم فافعلوه "
 مريم المُعذّبة ، الأم الحزينة عند صليب الجلجثة ، تُفرِّح اليوم الدنيا وتتباهى بابنها ، ابن الإله وابن الإنسان ، وتصرخ بهمس :
 " إنّه الشفيع الوحيد بين الله والناس.
 
 " إنّه الطريق والحقّ والحياة ".
 إنّه المُخلِّص والدّيّان ، به كان كلّ شيء ، وبدونه لم يكن شيء ممّا كان.
 أمنّا مريم الأجيال كلّها تُطوّبك ، وتزهو بكِ ، وتُرنِّم  معك : تعظّم نفسي الربّ...
 مريم أمّ البشرية أنتِ في كياننا وذاكرتنا ووجداننا حُلمًا جميلاً، وواقعًا أجمل وحقيقة تشِّع نورًا.
 مريم أمّ الدنيا ، أنت القصيدة التي اختارتها السماء لتغنّي بها الأرض والأمجاد ، وتُلوّن التاريخ ، وتُبهر العميان ، وتفتح آذان الصّم .
 مريم ....يكفيك فخرًا أنّكِ أمّ يسوع.
 مريم ، أمّ النور ، نُحبّكِ ونُحبّك وسنبقى نحبّك  الى الأبد
 | 
                    
                    
                        | المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع | 
					
                        | شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك 
							أنقر هنا | 
					
                        | أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر 
							أنقر هنا | 
                
                                
                
                
            
                         
            