CET 00:00:00 - 17/08/2009

مساحة رأي

بقلم: يوسف سيدهم
قبل أن أختتم مقال الأسبوع الماضي الذي استعرضت فيه تفاصيل معاناة «وطني» مع المجلس الأعلي للصحافة للحصول علي ترخيص إصدار نشرة «وطني-برايل» للمكفوفين، وبعد أن سجلت آخر مكاتبات المجلس التي ترد إلينا واحدة تلو الأخري تحمل طلبات متتابعة لاستيفائها، تساءلت:«...ماذا يمكن أن يكون في جعبة المجلس من طلبات جديدة؟»...والحقيقة التي ثبتت عقب نشر المقال مباشرة أن جعبة المجلس لم تفرغ بعد من الطلبات، فقد تلقينا بتاريخ 10أغسطس الجاري خطاب المجلس الذي يقول:«بالإشارة إلي الخطاب الوارد منكم بشأن إصدار صحيفة باسم"وطني- برايل"، رجاء موافاتنا بلغة إصدار الصحيفة»!!

وعقدت الدهشة ألسنتنا وانهمرت التعليقات ما بين الاستنكار والاحتجاج والسخرية، لأن المجلس الأعلي للصحافة لا يمكن أن يفوته أن المادة المطبوعة بطريقة «برايل» ليقرأها المكفوفون والمأخوذة من المادة المنشورة في جريدة «وطني» هي باللغة العربية، لكن بعد أن يتم تحويلها إلي أبجدية «برايل»التي تشتمل علي مجموعة من حروف اللغة المكونة من نقاط بارزة يقابل كل منها حرفا من حروف وتتم طباعتها بطابعات خاصة علي ورق مقوي بحيث تكون تلك النقاط بارزة مما يمكن الكفيف عندما يتحسسها بأنامله أن يتفهم الحروف والكلمات والجمل ويتعرف علي مضمون المادة التي يقرأها دون أن يبصرها.. وما يتم تطبيقه في هذا الإطار ليقرأ باللغة العربية يتم أيضا مثيله ليقرأ بالإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية وغيرها وغيرها من سائر لغات العالم.

إذن القضية ليست في استيفاء لغة إصدار «وطني-برايل» فبالرغم من أن تلك اللغة كانت واضحة ومثبتة منذ تقديم طلب الترخيص للمجلس الأعلي للصحافة عام 2005، إلا أن الباب يظل مفتوحاً لاحتمالات تقديم مصطلحات أو أسماء أو مواد بلغة أجنبية مثلما أصبح رواجاً شائعاً ومفهوماً في شتي الإصدارات الصحفية في يومنا هذا...القضية للأسف تعكس نموذج المعاناة المألوفة عند التعامل مع الأجهزة المسئولة، عندما تنزع هذه الأجهزة إلي طلب الأوراق واستيفاء البيانات فرادي -أي واحدة تلو الأخري-دون أن تكون لديها قوائم واضحة مجمعة لشتي الأوراق المطلوبة للحصول علي خدمة محددة ولا يخفي علي أحد أن النتيجة المنطقية لمسلسل طلب الأوراق بالتقسيط هي استهلاك الوقت وضياع الجهد وتسلل شبهة التعطيل والمماطلة إلي طالب الخدمة...هذا المسلك يعرفه جيداً المواطن الذي يتردد علي الأجهزة الحكومية التي تستشري فيها البيروقراطية وتستمتع بتعذيب المواطنين وتنعم بالحصانة من المساءلة، لكن في الوقت الذي توقعنا فيه أداء متطوراً من المجلس الأعلي للصحافة يتناسب مع الرسالة السامية في مجال الإعلام جاءت تجربتنا ومعاناتنا مع أوراق «وطني-برايل» للمكفوفين تثبت أن البيروقراطية عرفت طريقها وتمكنت من التسلل إلي المجلس.

قمنا بالرد علي خطاب المجلس الأعلي للصحافة في يوم وروده لنا موضحين طبيعة طريقة «برايل»التي يقرأ بواسطتها المكفوفون ومؤكدين علي اللغة العربية المستخدمة فيها....ومرة أخري أرسلنا الرد للمجلس وجلسنا ننتظر ماذا يمكن أن يكون في جعبة المجلس من طلبات جديدة!!!
إن «وطني» لن تتخلي عن رسالتها الإعلامية والوطنية وما تتضمنه من إيمان بحق الكفيف -وذوي الاحتياجات الخاصة عموما-في الدمج الطبيعي في المجتمع، والسبيل إلي ذلك إتاحة شتي الحقوق والفرص والخدمات لهم دون تفرقة بينهم وبين سائر المواطنين...ولست أعرف متي وكيف ستصل أوراق «وطني-برايل» إلي مستقرها القانوني وتكون النشرة في متناول المكفوفين لدي باعة الصحف وفوق أرفف توزيع المجلات والدوريات؟ لكني أعرف أننا سوف نصمد ونستمر في الجهاد من أجل الحصول علي هذا الحق دون كلل.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق