CET 00:00:00 - 15/08/2009

مساحة رأي

بقلم: د. ماجد عزت اسرائيل
رائدالإصلاح الطبي في مصر (1882-1974م)

وُلد نجيب ميخائيل محفوظ في الخامس من شهر يناير سنة 1882م بمدينة المنصورة (محافظة الدقهلية) في أسرة كريمة، حيث كان والده ميخائيل محفوظ من رجال الأعمال (تجارة القطن) وأسندت إليه الجاليات الأجنبية المتعددة والمنتشرة في مدينة المنصورة رعاية شئونها الإدارية والمالية لشهرته بالدقة والنزاهة والأمانة، ولقد توفى والده وكان صغير السن وأصبحت حياته سلسلة من النضال والكفاح والمتاعب، ولا سيما من الناحية المالية.
التحق الطفل نجيب بمدرسة الأمريكان بمدينة المنصورة، وبعد وفاة والدته انتقل إلى القاهرة والتحق بمدرسة التوفيقية، وكانت الدراسة خمس سنوات للحصول على البكالوريا (الثانوية العامة حاليًا) استطاع بذكائه أن يحصل عليها في ثلاث سنوات فقط، وكان ترتيبه الأول باستحقاق، بعدها التحق بمدرسة الطب (كلية الطب) سنة 1898م وكان عمره 16 سنة، ولاقى ظروف قاسية وصعبه بسبب نقص الأساتذة وهيئات التدريس، وكان عدد الطلبة عشر طلاب، وفي السنة الثالثة من الدراسة بالطب وبالتحديد عام 1902م تفشى وباء الكوليرا فكان هذا الحادث حجر الزاويه في بناء مستقبله، إذ اشترك بكل همه وطنية في مكافحة الوباء ووفق في اكتشاف البئر الملوثة التي طالت أمد الكفاح في قرية (موشا) بمديرية أسيوط بعد أن عجز آخرين عن إكتشافها، وفي سنة (1903-1904م) أنهى سنة الإمتياز بمحافظة السويس، وفى سنة 1905م عمل كطبيب تخدير لمدة عامين اكتشف خلالها خبرات ومعلومات كانت خير معين له فيما بعد.

على أيه حال، بدأ محفوظ العمل الحر بإنشاء العيادة الخارجية في حي وطني (باب البحر) وتخصص في أمراض النساء والولادة، وكان العمل بها مجانًا لمدة ستة شهور وكانت المتوافدات في بأدئ الأمر من طبقة الخدم (الطبقة الدنيا) الاتي نقلن أنباء النجاح في علاجهن إلى الأسر التي يخدمهنا، وعلى مر الأيام أخذت العيادة تستقبل المريضات من الأسر الميسورة (الطبقة العليا).
كما ساهم الدكتور نجيب محفوظ في تأسيس "المستشفى القبطي بالقاهرة 1926م"، التي كانت خالية من المستشفيات الأهلية، على حين كانت هناك مستشفيات أجنبية منه الفرنسي والإيطالي واليوناني والألماني والنمساوي، فلجأ محفوظ ومعه "إبراهيم فهمي المنياوي" و"إسكندر فهمي جرجاوي" إلى الجمعية الخيرية القبطية وكان يرأسها "جرجس أنطون"، ووافق على الطلب المقدم بشأن إنشاء المستشفى القبطي سنة1926م ولا تزال تعمل حتى يومنا هذا، وسميت بهذا الاسم نسبتةً إلى الجمعية التي أنشأته، وفيها أنشأ قسم للولادة لا يزال يحمل اسم صاحبنا حتى اليوم.

وفي عمله الخارجي رافقه النجاح والشهرة وأصبح الطبيب المختار في حالات الولادة العسرة (القيصرية) أو حالات العقم عند النساء، كما عُرفت مكانته الطبية الرفيعة في توليد السيدات العريقات، وقد كان طبيبًا للقصر الملكي، وقام بعملية توليد "الملكه نازلي" (ملكة مصر في ذلك الوقت) يوم 11 فبراير 1920م، وولدت "فاروق" الذي أصبح فيما بعد ملك مصر (1936-1952م)، وأيضًا وُلد على يديه وسميَّ على اسمه الأديب الروائي "نجيب محفوظ" صاحب جائزة نوبل (1911-2006 م).

أما حياته الإجتماعية فتزوج الدكتور نجيب محفوظ في سنة 1911م من "فايقة محفوظ" وهي سليلة أسرة مشهورة، فجدها الأعلى هو "المعلم رزق" من كبار الأقباط في عهد حكم المماليك، وأنجبت له "سامي وروحية"، ولكن توفى الإثنان في حياته، حيث توفى سامى في حادث "ترام" وهو في طريقه إلى مقر تدريب الشباب للدفاع عن الوطن ضد المستعمر الأجنبى عام 1933م، وبعدها فقد ابنته الأخرى وهي في ريعان شبابها، وساندته زوجته على تجاوز المحنه، ولكن سرعان ما فقد زوجته فايقة سنة 1952م، بعد أن ساهمت في تأسيس جمعية (صديقات الكتاب المقدس) التي أسست المدارس للبنين والبنات لمن عجز أهلهم عن العنايه بهم في أحياء منشية الصدر وحدائق القبة والوايلى وغيرها.

وحصل نجيب محفوظ في أثناء حياته العملية على ماجستير الجراحة من كلية الطب جامعة القاهرة عام 1930م، ثم دبلوم الكلية البريطانية للأطباء الباطنيين 1932م، وبعدها زمالة الكلية الملكية البريطانية للولادة وأمراض النساء عام 1937م، ثم زمالة أكاديمية الطب بالولايات المتحدة الأمريكية (جامعة نيويورك)، ثم الزمالة الفخرية لكلية الجراحين الملكية بإنجلتر عام 1943م، وبعدها الزمالة الفخرية للجمعية الملكية الطبية البريطانية، ثم الزمالة الفخرية للجمعية الملكية لأطباء النساء والولادة بأدنبرة 1947م.

ومن الجدير بالذكر أنه في أحد المرات عند زيارته لبريطانيا لمنحة الزمالة البريطانية عام 1943م اجتمع مع "تشرشل" أحد أبطال الحرب العالمية الثانية (1939-19445م)، وفي سنة 1947م تقابل مع السير "ألكسندر فلمنج Sir Alexander Fleming" مكتشف البنسلين.

ولجهوده العلمية والوطنية كرمته الدولة؛ فحصل على نيشان المعارف من الطبقة الأولى عام 1938م، وعلى جائزة الجمعية المصرية لتاريخ العلوم سنة 1940م ثم جائزة الدولة عام 1951م، وجائزة الدولة التقديرية للعلوم سنة 1960م من "الرئيس الراحل جمال عبد الناصر" (1954-1970م).
ومن مظاهر التقدير الأدبي؛ فقد منحه الملك " فؤاد" نيشان 1919م ثم رتبة البكاوية من الدرجة الثانية 1925م ثم رتبة البكاوية من الدرجة الأولى 1930م، ثم نال رتبة "الباشوية" عام 1937م، واشتهر في مصر والعالم باسم الدكتور نجيب محفوظ باشا.
ومن مؤلفاته بالعربية والإنجليزية؛ مبادئ أمراض النساء 1958م، وأمراض النساء العلمية، فن الولادة 1958م، الثقافة الطبية والطب عند العرب، وتاريخ التعليم الطبي في مصر، والموسوعة العلمية في أمراض النساء والولادة (ثلاث اجزاء 1350 صفحة من القطع الكبير) وأطلس متحف محفوظ ويتضمن اختباراته العلمية في الولادة وأمراض النساء واستغرق تأليفة خمس سنوات، بالإضافة إلى كتب ومذكرات لمدرسة التمريض، ومحاضرات في كلية الدراسات العليا لأمراض النساء والولادة بانجلترا، فضلاً عن ثلاثة وثلاثون بحثًا في الطب وخاصة في جراحة أمراض النساء والولادة.

وتوفى الدكتور نجيب محفوظ باشا في سنة 25يوليو 1974م، عن عمر يناهز الأثنين وتسعين عامًا، بعد حياة مليئه بالكفاح والنجاح.

الملاحق:


الدكتور نجيب محفوظ باشا

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق