CET 00:00:00 - 08/08/2009

مساحة رأي

بقلم : عـادل عطيـة
في قرننا هذا ، حيث نعيش ونعاصر آخر ما انتجه الابداع العقلي ، يطلع جيل يَهجْم على الحياة كالسَكْران ، يريد أن أن يحتل عقلك وفكرك ؛ ليعود بك إلى أزمنة الجهل ، وارتكابات محاكم التفتيش سيئة الذكر، والتي تضرب كمثل سائر على ذروة التعصب ، والقسوة التي لا رحمة فيها ، والاضطهاد الذي لا هوادة فيه !

 أزمتهم ، أزمة وجود جوهرية ، تكمن في المسافة الفاصلة بين الحياة والموت ، بين الانطلاق والقيد ، وخطورتها تنطلق من تصورهم الخاطيء في أنفسهم ، وإعتقادهم المزيّف بأنهم يمتلكون طبيعة فَوْبشرية ، وبالتالي فهم فوق الضعف البشري وأخطائه ، مع أن خطئهم وخطيئتهم العظمى ، والتي لو يدركون ، تضعهم في أقرب مرمى لنيران تكفيراتهم ، ظنهم الآثم في أن الله بقدرته وعظمته يخشى من العلم والعلماء ، ومن المنكرين والملحدين ، وأن كلماته الموحى بها ، أضعف مـن أن تواجـه حروف كاتـب ، وخيال شاعر ، وألوان رسـام ، وكادوا أن يقولوا لله : اسـترح في سمائك ونحن سـنقوم بعملك على الأرض ، وننصرك على القوم الكافرين !

 ان غالبية الذين يتخذون من الدين ستاراً ، ومن الفضيلة وسيلة وحجة يهاجمون بها غيرهم من الناس ، هم رجال الدين الذين يؤمنون بعصمتهم الإلهية ، ولكن التاريخ يعيد نفسه فيـهم وبهم ويُدينهم :

 ألم يتضايق قادة اليهود المتعبدون المتدينون المدققون  من تعاليم السيد المسيح ، و صاروا يحنقون جداً عليه ويصادرونه على أمور كثيرة ، وهم يراقبونه طالبين أن يصطادوا شيئاً من فمه لكي يشتكوا عليه  ، واستطاعوا في النهاية ، بالرشوة ، والتشجيع على الشهادة الزور لاثبات ادانته ، أن يدقوا المسمار الأول في مأساة صلبه ؛ لأنه أكد على حقيقة أن الناموس وضع لخير الإنسان وصلاحه ، لا أن يكون الإنسان عبداً له ؟! ..

وألم يأمر كلفن ، بإحراق سيرفتوس العالم ، بالمخالفة للتعاليم المسيحية ؟!..
 وألم يقل الاصوليون أن العالم الإيطالي جاليليو ، كاذب كافر ملحد فاجر لا يعرف الله ، وهو أيضاً لا يعرف الكتب المقدسة ، ويجب أن يموت ؛ لأنه أكد على الحقيقة العلمية ، التي نؤمن بها الآن ، والتي تقول : أن الأرض تدور والشمس ثابتة ؟!..

وألم يصبح الفيلسوف جيوردانو بريتو ، مثلاً يضرب على الاستشهاد في سبيل الحقيقة وحرية الفكر، ومنارة مشعة على مدار التاريخ الأوربي ، بعد أن أنتصر عصر التنوير على عصر الظلام ، وضيق الأفق ؟!..
 وألم تصدر جبهة علماء الازهر بيانات التكفير ضد : فرج فودة ، ونجيب محفوظ ، وسيد القمني ، وغيرهم ؛ لنكتشف بعد ذلك انهم  لم يقرأوا ما ادانوه في كتاباتهم ، ولم يسبروا غور أفكارهم ؟!..

ستبقى الحسبة ، وسيبقى المحتسبون ، وستبقى محاكماتهم موقدة ولن تنطفيء أوارها أبداً ، حتي يكفوا عن كبريائهم وإستعلائهم ، ويقروا ويعترفوا ، بأن نظرتهم إلى النصوص الدينية جامدة متزمتة ، أما عند مُفكرينا ، والمستنيرون منا ، فهي روحية متحركة ؛ لانها تُعبّر عن الله الذي يتكلم ، ويعمل ، ولـه رسائل متجـددة في كل جيل ، وفي كل موقف ! ...
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق

الكاتب

عادل عطية

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

يا إمرأة ..

الهزيمة الحلوة!

ليس كمثله بغض !

جيل التكفير !

زبانية الجامعة !

جديد الموقع