بقلم: أماني موسى
الحملة الشرسة التي تعرض لها المفكر سيد القمني بالفترة الأخيرة والتي يقودها ضده خفافيش الظلام من حملة لواء الدين أو حملة لواء الفكر -والفكر والدين بعيد عن كلاً منهم- هي حملات معتادة بعالمنا العربي ضد كل صاحب فكر أو إبداع، فتجد أقلام البعض ممن يدعون الفكر والعلم تتراشق في وجه المفكر والمبدع كالسهام المملوءة غلاً حقدًا و التشكيك بمؤهلاته وشهاداته العلمية، وعلى الجانب الآخر تجد أصحاب العمامات يتبارون في سباق للمشاركة بحملات التكفير واستباحة الدم والروح وكأنهم نصبوا أنفسهم آلهة وبالطبع لا يتبع تلك الآلهة سوى مجموعة من الصنم والغنم التي لا فكر لها ولا عمل ولا أمل.
والغريب أننا لم نر أيًا من أؤلئك من أصحاب الهمم يقودون حملات للتوعية بمخاطر العنف أو مواجهة البطالة أو الزواج العرفي أو الحد من ختان الإناث أو ضرورة محو الأمية وغيرها من الأمور التي أصبح مجتمعنا في حاجة شديدة إليها!!
وهذا وضع طبيعي في مجتمعات كمجتمعاتنا التي لا يعي شعوبها أي شيء من تطورات العالم حولهم سوى دخول الحمام بالرجل اليمنى أم اليسرى؟، أو هل يصح أكل كذا أوشرب كذا للمؤمن أم لا؟
شعوب تتفكر في الأزمات العالمية بشيء من التفاهة والسفاهة، فبينما الشعوب من حولنا تتسارع في الفكر والبحث لإنتاج أمصال للوقاية من أنفلونزا الخنازير ومواجهة أمراض العصر والصعود للقمر نتفكر نحن في ذبح الخنازير ومعرفة رأي الشرع والدين في الخنازير، وهل هي حيوانات نجسة أم لا ومن ثم قتلها بطريقة بشعة؟!!
ملخص الأمر أننا أصبحنا شعوب مغماة الأعين ويسير أفرادها كالثور في الساقية وراء مجموعة من مرتزقة رجال الدين ومرتزقة الفكر ولعل هذا أحد أهم أسباب حملة التكفير والقتل للمفكر سيد القمني وغيره من ذوي الإبداع كالدكتورة نوال السعداوي والراحل فرج فودة.
وطالما أن قادة البلاد الفكريين والدينيين بهذا الشكل فمن الطبيعي أن تصبح سلوكياتنا حتى على المستوى الفردي تعتمد على الغيبيات والفكر الخرافي والاتكالي الذي لا يحرك ساكنًا إلا حينما يتم شحنه من قبل قادته، وعليه سنبقى دومًا بمؤخرة العالم في كل شيء إلا في ..........
وهذا ما تذكرته حين كنت أتمشى على إحدى شواطئ مطروح ولمحت من على بُعد امرأة تبدو من ملابسها ولهجتها أنها من عرب مطروح وتنادي الشباب والفتيات لوشوشة الودع ومعرفة المستقبل، وسرعان ما تجمع حولها كثيرين وكأنها تقوم بتوزيع معونة الشتا!!
وكانت كلماتها للجميع واحدة من حيث المعنى مختلفة في الترتيب وطريقة السرد، فأخذت تقول لهذا أنك تحب فتاة وستتزوج بها وستقابل شخصًا ما بطريقك وتعانقه بعد فترة من الغياب، ولآخر قلبك مستاء من شيء ما، ولثالث تبحث عن شغل....... وبرأيي أنها كلها أحداث طبيعية جدًا أن توجد بحياة كلاً منها ولا تخص كل واحد على حدا، فمقابلتك لشخص ما تحدث معنا جميعًا واستياء أحدنا من أمرًا ما فهذا وارد وما إلى ذلك من أحداث تحدث عمومًا ولا تمثل حدث خاص لأحد.
وبعد أن انتهيت تلك العرافة من مجموعة من الشباب الجالسين أمامها أخذت صديقتي تجري نحوها لتعرف مستقبلها وتدعوني للإقدام على التجربة من باب التسالي وأننا لن نخسر شيء وحين رفضت اتهمتني بأني معقدة، وحين سألتها إن كنت برأيك معقدة خيرًا من أن أكون مهووسة بالغيبيات التي لن تجدي ولا تغير من الواقع شيء.
حال المصري أفندي أصبح مزري –على الأقل برأيي- إذ أصبح لا يفكر بل سعيد بحمله للقب (دلدول فكري) وإن أجهد ذاته وفكر يجري وراء الغيبيات أو تكفير الآخر.
ليتنا نكف عن حملات التكفير ولنبدأ بإعمال العقل والتفكير. |