CET 00:00:00 - 02/08/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدي نجيب وهبه
إن الإرهاب هو النتيجة الطبيعية والمفترضة لسوء السياسات التى إستخدمت الدين في أغراضها ، لجر الشعوب من أعناقها عن رضى وإيمان – الإرهابى لا يشغله من هم ضحاياه الذين سيدفنهم التفجير أحياء ، إنه الهجين المفترس الطغيلى مصاص الدماء المسعور ، الذى يفترس الشيعة والسنة .. اليهود والمسيحيين .. الأطفال والنساء والعجزة .. المصريين والعراقيين والماليزين والأتراك ، يضرب في أى مكان فى مصر وفي سيناء وفي فرنسا وأسبانيا وأمريكا وماليزيا وفي أفغانستان ، يلتهم ولا يفرق بين ذكر وأنثى .. لا كبير ولا صغير .. لا أبيض ولا أسود .. ولا طفل رضيع .......... إنه فيروس الوشاية .

لا يمكن القضاء على الإرهاب مادامت عناصر الدهائيين باقية تبث السموم وتزيف الأفكار ، وتحرف المعانى لتغسل العقول ، وتملأها بالعنف والقتل والعداء والدمار .
أن تكون لنا وقفة مع النفس نحدد فيها ما عملنا ونحلل فيها ما كنا ، ومن ركام الكلام الفارغ الذى نفذ إلى العقول فحمسها وشكل المفاهيم فأفسدها ، علينا بصبر وتؤده وأناة أن نفرزه كلاما كلاما حتى نبقى الحق والصحيح والنافع ، ونستبعد الزبد والغثاء والرغاء والهراء ... صناع المأساة يطاردوننا ليل نهار في التليفزيون والفضائيات ووسائل الإعلام ، ونجحوا فى إصابة الرأى العام ومجتمعاتنا .

هذا المرض لا نستطيع أن نعممه على جسم أفراد المجتمع ، ولكننا فى المقابل لا نستطيع أن نتجاهل وجود مرض بهذا المستوى وبهذا النوع ووجود من يغذيه من بعض أفراد المجتمع ليستمر نقطة سوداء في العلاقات الإنسانية ، والوشاية أسلوب خسيس لا يقوم به ولا يقدم عليه إلا من إفتقد الحس الإنسانى والأخلاقى ، وهو مرفوض من المجتمع بكل شرائحه وإن شذ منه من شذ ، ولحسن الحظ أن هؤلاء يتوارون عادة خلف الأسوار ولا نرى وجوههم أو نسمع أصواتهم أو نقرأ أسمائهم أو يمكنوننا من معرفتهم حتى يحبكون مخططاتهم ، وهذا كاف لكشف زيف ما يقولون وعدم صحته البته ، ومن أنه لا يعدو أن يكون هراء مصدره إنسان غير سوى ويعانى من مشاكل نفسية تترجمها مثل هذه التصرفات التى تصدر منه .

أنا هنا لا أتحدث عن حالة خاصة ولا عن موقف معين وإنما أتناول بالنقد قضية تشئ إلى الصورة الجميلة للمجتمعات ، وهى قضية حين تتفشى فإنها تدمر مجتمعات ومؤسسات وأفراد ، وأول من سوف يكتوى بنارها ، وأول من سيتضرر منها هم أولئك الذين يشعلون الفتنة ، ومن يمارسون هذا العمل اللا إنسانى وغير الأخلاقى ، لأن سلوكهم هذا ترفضه المجتمعات المتحضرة ويتنافى مع كل المبادئ وتعاليم الأديان ، كما لم يعد ممكناً السكوت عليها أو مداواتها بأى نوع من أنواع المسكنات ، فمنذ أقل من شهرين أصيب عشرة أشخاص فى إشتباكات بين مسلمين وأقباط فى قرية الشورانية بمحافظة المنوفية بسبب الوشاية بأن هناك بعض المسيحيين يمارسون شعائرهم الدينية فى منزل قس بالقرية حيث قال الأهالى إنه تحول إلى كنيسة دون ترخيص وتكرر نفس السيناريو في قرية بشرى الشرقية بمحافظة بني سويف الإعتداء على منزل القمص إسحق نسطور كاهن كنيسة عزبة بشرى والتى شهدت إحداث فتنة أصيب خلالها ما يقرب من عشرين فرداً من الطرفين على خلفية قيام أحد القساوسة بتحويل منزله بالقرية إلى كنيسة !!!

، وفى عزبة " كفر البربري" فى مركز ميت غمر .. حيث يعيش ألف مسيحى إلى جوار أربعة ألاف مسلم وصارت وشاية قتل مسلم وذبحه بيد أحد الأقباط على إثرها إندلعت النيران بسبب الخلاف على جنيه ، حيث رفض البقال المسيحى إعادة جنيه رهناً للزجاجة والتى طالب بها الزبون المسلم بزعم عدم دفعها رهن للزجاجة ، وحينما إشتد الحوار بينهم كسر الزبون الزجاجة إعتراضاً ونكاية ، فأخرج البقال " الشرشرة " وهى ألة زراعية حادة تشبه نصف الدائرة وقتل الزبون إنتقاما ومن ثم إشتعلت نيران الفتنة الطائفية المروعة ... واقعة تحدث يومياً ولكن الجديد أن هناك طرف مسلم والأخر مسيحى ومن ثم تندلع الوشايات وتسرى كالنيران في الهثيم وهو ما أدى إلى إندلاع الغضب ، وأصبحت الواقعة البسيطة قصة كبيرة ، وتوتراً عظيماً وحرق منزل البقال ، وتقاتل أبناء القرية الواحدة وإضطرت قوات الأمن لإلقاء القبض على العشرات ... وكالعادة ما أن تبدأ بعض الجلسات الروحية فى بعض المنازل ، حيث تتم هذه ببعض العظات والصلاة فى حضور أحد الأباء الكهنة ، وذلك لتناول البركة ، إلا ويفاجئ المصلين ببعض الصبية الغوغائيين تحركهم يد التطرف والإرهاب ، ففى قرية الفقاعى التابعة لمركز ببا محافظة بنى سويف خرج مئات المسلمين لمحاصرة مبني تابع للمطرانية بقذف المبنى ومن فيه بالحجارة بنفس السيناريو الذى تكرر وسبق أن قام به الغوغائيين فى قرية بنى والمس بالمنيا ،
ورغم أن ما حدث بالمنيا جرس إنذار يؤكد أن الإسترخاء الأمنى معنى غير مطلوب على الإطلاق ، لأن البعض يعيش على إستغلال مثل هذه الظروف والمتاجرة بها ، ثم يواصل التطرف والإرهاب إفتعال المشاكل فى جميع قري ونجوع صعيد مصر ... أمر تافه بهذا الشكل يخفى وراءه مناخاً خطراً من الطائفية تزكيه بعض الأيادى الخفية ... قابل للإشتعال فى أى لحظة !! ، مناخ صنعته ثقافة التطرف والجهل وغياب التسامح بين المسلمين والأقباط ... ونتسائل لماذا تترك الدولة قضايا عالقة منذ سنوات طويلة دون وضع الحلول لها ، لماذا ندفن رؤوسنا فى الرمال ولا نحاول حلها ، لدينا قانون بناء دور العبادة الموحد والذى مازال في الأدراج لم يخرج إلى النور .. ثم كيف يكفل الدستور حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية دون تمييز ، فى الوقت الذى عندما يقرر المسيحيين بناء كنيسة لممارسة شعائرهم الدينية  يجب عليهم الحصول على موافقة المحافظ والجهات الأمنية ، كذلك الحال فى حالة تجديد بعض الكنائس وإعادة تعميرها ، وليس مقبولا أيضا أن تتحول أى علاقة عاطفية بين شاب وفتاة من دينيين مختلفين فى مصر إلى أزمة  طائفية لأن قوانين تغيير الديانة غير واضحة وحدودة فهى تسمح بالأسلمة ولا تسمح بالتنصير ، مما يعنى تحويل هذه القضية إلى ملف أمنى ، مما تساعد على إحتقان المناخ العام وهو إنتشار الأفكار الدينية المتطرفة وتغلغل الفكر الإسلامى السياسى والذى أدى إلى خلق حالة من التمييز لدى بعض المسئولين الإداريين والتنفيذيين فى الدولة أعطى إنطباعا لدى المسيحيين بوجود تمييز ما ضدهم .

دعونا من الأحضان والقبلات الدافئة ، فهناك حالة إختراق لنسيج الوطن الواحد والمتماسك منذ ألاف السنين ، وما لم نتحرك بجدية لسد الذرائع وإغلاق الملفات الطائفية ، فالفتنة سوف تزداد إشتعالا ، بل وسوف ستنتشر وتستفحل ولن يفيد معها لا المجالس العرفية ولا موائد الوحدة الوطنية ولا مشاعر العناق بين القس والشيخ .
أفيقوا أيها السادة الأفاضل ... فمصر أعظم وأقوى دولة بأبنائها أقباطاً ومسلمين ... مصر ستظل هى حسن وجورج والست أم محمد والست أم مينا ، مصر ستظل شامخة لن تقوى عليها طيور وخفافيش الظلام ... أفيقوا أيها الأبناء ... أبناء النيل العظيم وأحفاد الفراعنة من تلك الأفات التى تنتشر فى البرك والمستنقعات والمصارف ، فمن البطالة والفقر تسيطر هذه الأفات على عقول الشباب ، ومع الشحن المستمر وإنتشار فيروس الوشاية يتولد التطرف والإرهاب فى إنتظار أى واقعة أو حادثة لإشعال النار .

أفيقوا أيها الشرفاء من حالة التدنى التى وصلت إليها بعض القنوات الفضائية فهناك أموالاً طائلة تدفع لهم لتحريضهم ، وذلك للبحث عن أى سبوبة للهث ورائها ، ثم تقوم بنشرها بطريقة إستفزازية مثيرة وغير محايدة ، إن ما يحدث يستوجب الإنتباه الشديد واليقظة المستمرة ... فهل لنا أن نفيق قبل فوات الأوان ؟؟!!!!!!!!!!!!.
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق