CET 00:00:00 - 02/08/2009

مساحة رأي

بقلم: عادل عطيـة
كان قايين أول إنسان عاش تائهًا وهاربًا على وجه الأرض، يتبعه صوت جريمته وما يزال عالمنا مليء بالذين يحاولون الإفلات والهرب فيتخذون لهم أجنحة من صنع خيالهم ليطيروا بها من العالم.

هناك من يهرب من واقعه إلى الكذب والتبرير! أو رؤية عيوبه في غيره! أو التعلق بالماضي! أو أحلام اليقظة! بل والهرب من حقيقة الشر بإنكار وجوده!

والمراهق الذي يسافر متطفلاً لينشد الحرية والمتعة في مكان آخر، والأب الذي يهجر أسرته إلى حيث لا عودة بعد ذلك، والمدمنون على اللذات المدمرة للجسد، والعقل، والوقت،...،...،...

أنه هروب من الواقع والبحث عن سلام زائف في عالم يصنعونه لأنفسهم، فلا يلاقون سوى التعس والموت في نهاية المطاف.

إن الأشياء المزعجة التي نحاول التهرّب منها لا تذوب ولا تختفي، وعلينا مجابهتها بالإيمان والصبر، والاحتمال، عالمين بأن التجربة ليست التي تحدث للإنسان بل ما يفعله الإنسان بالتجربة!

لقد حدثنا التاريخ عن مبادرات مدهشة تحمل جانبًا مأسويًا لكنه إنساني عميق، تعالى فيها الإنسان على ذاته وتسامى في أحلك الظروف.

حدثنا عن سقراط الذي فضّل أن يشرب كأسه المسموم ويموت شهيدًا للحق على أن يهرب من سجنه ويخزي قانون بلاده!

وحدثنا عن الجندي الروماني المجهول الذي اختار أن يموت في مكان حراسته بين أنياب بركان "فيزوف الثائر" على أن يهرب من شرف إطاعة الأوامر التي تقضي بأنه بغض النظر عما يحدث يجب على الحراس أن يثبتوا في أماكنهم إلى أن تنجدهم الحاميات أو إلى أن يأمرهم ضباطهم بالتحرك!

،...،...،...

وإذا كان لابد من هروب، فثمة هروب إلى حقيقة أعظم وإلى مسئولية أكبر.. الهاربون هنا يهربون من الضعف إلى القوة، ومن الشك إلى اليقين، من القلق والاضطراب إلى صرح الرجاء حيث الإيمان العميق بالله وسلطته الصالحة على الحاضر والمستقبل.

وكم يكون هروبنا رائعًا ومثمرًا على خطى داود النبي الذي هرب من شاول الملك على القيثارة والعود؛

فأعطانا المزامير والألحان الجميلة والصلوات الحلوة والتسابيح.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق

الكاتب

عادل عطية

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

زبانية الجامعة !

هروب..

غرباء وسفراء !

رسالة طفل

ليست النهاية بعد!

جديد الموقع