CET 00:00:00 - 26/07/2009

المصري افندي

بقلم: جورج رياض
الرجعية سمة عامة أصبحت بارزة داخل المجتمع المصري في مختلف المجالات، فهناك خشية دائمة من البحث عن جديد ومواكبة التطور الذي يحدث في العالم.. رجعية الفكر منتشرة في كل مكان وكل شارع وحي وزقاق في مجتمعنا، ولها أنصارها من أصحاب الصوت العالي الذين يرهبون كل من يحاول أن يقدم فكرًا جديدًا بحق –وبالطبع هذا يختلف عن الفكر الجديد الذي ينادى به الحزب الوطني ولا يحمل أي جديد- ويكفي أن شخص مثل المفكر سيد القمني أصبح معرضًا للقتل وإهدار دمه وسحب جنسيته المصرية ليس لأفكاره التنويرية العلمانية فحسب –فهى أفكار أعلن عنها منذ زمن طويل– ولكن أيضًا لحصوله على جائزة الدولة التقديرية التي تمنحها الدولة لكل مجتهد في مجاله.
في العلم والتكنولوجيا نحن بالطبع متخلفين ورجعيين ونخشى التغيير أيضًا، وأبرز مثال على ذلك العالم المصري أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء والذي جاء بعد حصوله على الجائزة إلى مصر معتقدًا أنه يمكن أن يساهم في ثورة علمية على أرض وطنه الأم، واقترح أن يقيم جامعة علمية تتكفل برعاية الموهوبين والمتفوقين علميًا، لكن طبعًا أعداء النجاح لم ولن يتركوا الفرصة لزويل أو غيره ليطرح أفكاره التقدمية وينزع البساط من تحت أقدامهم ففشل المشروع وأصبح حبيس الأدراج.
رجعية الفكر متأصلة عندنا حتى في الرياضة، فهناك حالة من الجدل العقيم دائرة الآن في الوسط الكروي الرياضي والسبب تطبيق طريقة 4-4-2 ليؤدي بها النادي الأهلي مبارياته، ولمن هو بعيد عن مجال الرياضة ومتابعتها بشكل متخصص نوضح أن هذه الطريقة تؤدي بها غالبية الفرق والمنتخبات -منذ أكثر من 20 عامًا- في الدول المتقدمة كرويًا وحتى غير المتقدمة فقد سبقنا جيراننا في تطبيق هذا الأسلوب سواء في تونس أو المغرب أو حتى السعودية وقطر وغيرها من دول الخليج.
والطريقة بإختصار هي هجومية في المقام الأول حيث تعتمد على زيادة أحد عناصر خط الوسط أو الهجوم على حساب خط الدفاع، لكن لأننا في مصر نعشق "الأصالة" والبطء والتراجع للوراء فمعظم الفرق عندنا تؤدي بطريقة أخرى هي 5-3-2 وتعتمد على إغلاق المنافذ الدفاعية لكن في الوقت نفسه تقلل من متعة اللعب والفاعلية الهجومية.
والغريب أنه حينما يحاول أحد المدربين أن يؤدى بطريقة 4-4-2 في مصر تنهال عليه سكاكين زملائه المدربين والنقاد الرياضيين –ليس لشيء إلا لأنه تجرأ على اختراق "التابو"– ولا يمنحوه الفرصة حتى يجرب فكره الجديد، فهذه الطريقة تحتاج لأشهر عديدة حتى يعتادها اللاعبين وتبدا ثمارها في الظهور، والآن يحاول حسام البدري المدير الفني للأهلي تطبيق هذه الطريقة وسط كل هذه الإعتراضات، والفريق تلقى عدة هزائم في البداية آخرها أمام بطل الدورى الإسكتلندي في سيلتك، فانطلقت الحملة بقوة إما للإطاحة بالبدرى أو تغيير الطريقة.
وهناك تجربة لمدير فنى آخر تجرأ ولعب بالطريقة العالمية واستطاع الصبر على الإنتقادات التي طالته حتى استوعب لاعبوه طريقة 4-4-2، هو طارق العشري مدرب نادى حرس الحدود الفريق الذي بات يؤدي كرة أوروبية متطورة الآن، ونجح في حصد البطولات وبدأها الموسم الماضى بكأس مصر ثم افتتحها الموسم الحالى بكأس السوبر، ومن المتوقع أن يكون الفريق من أبرز المنافسين على بطولة الدورى العام الحالي وكذلك بطولة الكونفيدرالية الأفريقية.
فهل سيصمد البدري كما صمد العشري أم يتراجع "بدري" ويعود للتقليدية خوفًا من أنصارها أصحاب الصوت العالي.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق