بقلم: د. صبرى فوزى جوهره
لن اعيد تكرار ما قد يسجله تاريخ هذا العصر الاغبر من ان الاقباط قد اصبحوا هدفا للاضطهاد فى وطنهم على امتداده من مدنه الكبرى والى نجوعه و "عزبه" الضئيلة على السواء, يستهدفون بعدوان مستديم مستمر تشعل مراجله الدولة متواطئة فى ذلك عمدا مع السوقة و الجهلاء.
و من عجائب الزمان ان تعزى اسباب العدوان على الاقباط الى محاولاتهم لاقامة الصلوات حتى خارج الكنائس بعد ان يئسوا من بناء الجديد, و اصبحت العبادة داخل القديم المتهالك منها نوع من المغامرة و الانتحار. و للتذكرة, فان الاقباط هم اصحاب تلك الارض التى يسعى البعض الى انهاء وجودهم عليها, و ان الادعاء القائم هو ان الرئيس, وهو سيد المصريين الاوحد الذى يمتلك قرار "السماح" ببناء الكنائس, و كأن بيعات المسيح مواخير للفسق تجدر باكبر راس فى الدولة التحكم فى مدى انتشارها, ثم يجىء بعد ذلك "فيتو" اقل الغفر ذكاء و مكانة يعصف يصعب التمييز بينه و بين الدابة التى يمتطيها فيوقف قرار السيد الرئيس الهمام و يعصف به. و لا داعى هنا الى القول بان هناك املر مريب فى هذا التتابع الذى لم تسمع عنه مصر او اية دولة اخرى فى تاريخ البشر الا فيما يختص ببناء كنائس الاقباط فى مصر. و هكذا يتوقف بناء كنائس صرح بها الرئيس المهاب. عندئذ يلجأ الاقباط الى التجمع للصلاة فى منزل يسعهم فتثور الدهماء و تهب لحرق ممتلكات الاقباط و قتلهم و هم على علم وثيق ليس فقط بأن العدالة لن تنال منهم, بل ان الله سيجازيهم خيرا للدفاع عن "دينه الحنيف" و ردع الكفرة و المشركين عن التعبد لغير اله الاسلام.
بل ان الامر كثيرا ما يتعدى الامر الجهلة و الغوغاء فنرى و نسمع ممثلى هذه الامة البائسة (و المفروض انهم بيعرفوا يفكواالخط) هم يناصرون العدوان على الاقباط و اشعال النيران فى كنائسهم و مساكنهم و مصادر ارزاقهم و نهبها "لآنهم عازين يصلوا!" كما تفوه على سبيل المثال ذلك الاراجوز الذى قيل عنه انه يمثل مواطنى عين شمس فى مجلس الشعب فى حديث له سمع و رؤى خلال وسائل الدولة الاعلامية!
اغرب ما فى الامر ان من يريدون منع الاقباط من الصلاة لا يعلمون البته بما يتليه ضحاياهم فى صلواتهم هذه. و لن اعيد ما هو معروف من ان الذنب كل الذنب فى هذا الجهل يرجع اولا و اخيرا الى الدولة الفاشلة التى تعمد الى التعتيم و التهميش لكل و على كل ما هو قبطى. فلا تاريخ لمصر قبل هجمة الحفاة العراة من الشرق, و لا نصيب لدافعى الضرائب من الاقباط فيما تقدمه وسائل اعلام الدولة بكافة اشكالها من المشاركة و التعريف باصحاب الوطن فيما تنشر و تبث. ما علينا. دعنى اقوم بدور التوعية هذا بعد ان خابت الدولة المتآمرة و انعدم اثرها.
الاقباط فى صلواتهم التى تعملون على منعها و ايقافهاايها المعتدين انما يطلبون من السيد الرب التأييد لرئيس البلاد و معاونيه و مستشاريه (مع ان الكثير منهم ما يستحقوش و الاقباط عارفين كده بس بيفوتوا), و يتضرعون له ان ينصر الجنود و يفرح ارض مصر بالنيل و يعطى النجاة للبهائم (دون استثناء اى نوع منهم), و يبارك الزرع و الحصاد و يعول الفقراء و الارامل و الايتام و المساكين و الغرباء و المسافرين بالبر و البحر و الجو, و ان يواسى السجناء و يعزى الحزانى والمسبيين (يعنى ملكات اليمين) و يطلبون الرحمة للاموات جميعا, و ليس فقط امواتهم كما يفعل البعض. يطلبون العفة لغير المتزوجين و حياة الفضيلة للمتزوجين و الصلاح للاغنياء (علشان ما يفتروش على خلق الله) و توبة للخاطئين. حتى الهواء يلتمسون من الرب ان يعطيه المزاج الحسن.
ليس فى صلوات الاقباط دعاء على احد ان ربنا يخرب بيته و ييتم عياله و يرمل حريمه و يسبى نسائه و يفرمه بمفرمة متلمة او يفوت عليه وابور زلط او اى شيىء من هذا القبيل. فلماذا اذن هياج احاسيس المرهفين الرقيقة, هؤلاء الذين يكبرون وهم يذبحون الابرياء من بنى البشر مثل النعاج, والذين ترتعش لحاهم الكثة و يتطاير الشررمن اعينهم المعمصة و الرذاذ من افواههم كريهة الرائحة فيتهجمون بالحصى و العصا على كنائس القبط و يشعلون النيران فى ديورهم و زروعهم و مواشيهم و مركباتهم و قد امتلأوا بايمان غريب انهم يدافعون عن اله غلبان مش عارف يدافع عن روحه من كفر النصارى.
هذه هى صلوات الاقباط التى لا يروق لمزاجكم سماعها لانها ليست من الشيطان و لعل ذلك هو ما يجعلكم ترتعدون خوفا و ترتعشون رعبا من تلاوتها حتى و ان كان ذلك بعيدا عن اعينكم و اسماعكم.
ايها الجهله و المتعصبين و الدهماء: العيب فيكم و ليس فى صلوات الاقباط. |