بقلم: مايكل فارس
هذه السنة 2009.. كم من خبر وتقرير وحادثة عن حرق كنائس أو هدم أسوارها أو الاعتداء على مسيحيين بسبب الكنائس بسبب الصلاة؛ ما حدث في بني مزار من حرق لكنيسة أبسخريون القليني وقبله ما حدث في عزبة بشرى في الفشن؛ هذا ما يدعونا للتساؤل إلى أي مدى تعيش فيه الثقافة المصرية؟ إلى أي مدى ترى تلك القرى النائية البعيدة المسيحيين؟ ما هو الدافع للاعتداء أو الهجوم على كنيسة لحرقها أو هدمها؟ هل أصبحت الصلاة واللجوء إلى الله الواحد الذي نعبده جميعًا هي سبب أزمتنا؟ هل أصبح الله الذي نلتجئ إليه هو سبب انكسارنا؟ هل أصبح ملاذنا ونعيم نفوسنا هو مأساتنا؟
الكنيسة محراب الصلاة للمسيحيين.. أصبحت محراب للحرب والقتال!
فحاليًا في بعض المناطق متردية الثقافة التي لا ترى للمسيحيين حقوق، عندما يسري الحديث عن بناء كنيسة أصبح هذا الاسم سببًا رئيسيًا في اقتتال المسيحيين والمسلمين، فيرى الجانب الأخير أنه لا حقوق للطرف الأول في بناء مكان يتعبدون فيه، وكأنهم يعودون بنا إلى أحكام ابن تميمة الذي رفض بناء الكنائس في ديار الإسلام.. وهل ينطبق على مصر هذا المصطلح الآن؟ هل مصر تلك الدولة المدنية بحكم قوانينها ودستورها أصبحت دولة إسلامية؟
ترى مجموعة متعصبة أنه لا حق للمسيحيين في بناء كنائس للصلاة.. هل سمع أحد أن شخص ما سرق فطبّقنا عليه حد السرقة وقطعنا يديه في مصر؟ بالتأكيد لا.. فالذي يحكمنا في مصر هو قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وليس حدود إسلامية، فهذا أكبر دليل أن مصر دولة مدنية وليست إسلامية، كما أن هناك خمور تُباع في وسط البلد بالقاهرة بموافقة النظام والأمن المصري، فهل تلك الدولة الإسلامية المزعومة تسمح ببيع الخمور في أحيائها أم أن نظام تلك الدولة مدني يسمح ببيع الخمور بترخيص؟
ما أريد قوله هو أن ثقافة الأغلبية التي ترى أن ليس من حق المسيحيين بناء كنائسهم للصلاة هي ثقافة باطلة، مصر دولة مدنية ولن نسير عكس التاريخ ومن يرى أن حرق الكنيسة سيوقف بناءها فهو حالم.
تلك الثقافة التي قسمت مصر لأغلبية ذات حقوق كاملة وأقلية منزوعة الحقوق، يجب أن يفهم هؤلاء أن الكل سواء متساوون في الحقوق لا أغلبية ولا أقلية في ظل المواطنة، لا مسيحي ولا مسلم ولا يهودي ولا بهائي ولا لاديني في ظل ذلك الاسم واضع أساس التاريخ والحضارات (مصر). |