CET 14:32:23 - 04/02/2012

مقالات مختارة

بقلم: سامي البحيري

فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها مصر وأهمها إنعدام الأمن وأقربها ما حدث بالأمس فى ستاد بورسعيد بعد إنتهاء مباراة كرة القدم بين الأهلى والمصرى، وماحدث من هجوم من جمهور المصرى على جمهور الأهلى مما أدى إلى سقوط 74 قتيلا ومئات المصابين، وهذه حرب حقيقية ، ولعلمكم خسائر إسرائيل فى حرب 1967 كانت أقل من هذا العدد!!

وماحدث فى مصر بالأمس معرض للتكرار وخاصة أن أصل المشكلة لم يعالج حتى الآن منذ ثورة 25 يناير، وفى تقديرى أن ماحدث بالأمس هو نتيجة لحالة الإنفلات الأمنى التى تعانى منها مصر منذ أكثر من سنة فبعد أن حطمت ثورة 25 يناير أسطورة "جهاز الشرطة المصري الذى لايقهر" صدرت له أوامر بالتعامل مع الشعب بالحسنى واللين ولم يفرق جهاز الشرطة فإستخدم سياسة اللين مع كل الشعب المصرى بعمومه بلصوصه وشرفائه وببلطجيته وبثواره وبنصابينه ، وكنوع من الإنتقام قام البوليس بإتباع سياسة الطناش ولسان حاله (بل ويخرج لسانه للشعب) ويقول :"خللى الثورة تنفعكم"، لذلك راينا حالات إجرام لم يسبق أن رايناها من قبل فى مصر مثل: خطف أطفال وطلب فدية، إنتشار رهيب لسرقة السيارات، قطع طرق وسرقة الناس، ولم يقتصر أمر الجرائم اليومية على المجرمين والبلطجية ولكن إمتد إلى عموم الشعب فبدأت المطالب الفئوية سلميا أولا ثم بدأ ضرب رؤساء المصالح والشركات و قطع الطرق الفرعية وإمتد إلى قطع الطرق الرئيسية وقطع السكك الحديدية ومؤخرا تم قطع مجرى النيل شخصيا!!ولم تحرك الشرطة ساكنا لأن لديها تعليمات بعدم إستخدام العنف، وكان الشعب المصرى تحول فجأة إلى الشعب السويسرى أو أن البوليس المصرى تحول إلى بوليس السويد. وقديما قالوا :"من أمن العقاب .. أساء الأدب" وفجأة تحولت نسبة كبيرة من الشعب المصرى إلى شعب قليل الأدب، وبدلا من إتهام ومواجهة المجرمين الحقيقين أخذ الناس يعلقون تلك الأحداث على كل العالم بإستثناء هذا "الشعب العظيم"، فما حدث فى بورسعيد هو من تخطيط أمريكا وإسرائيل!! أما ما حدث فى شارع محمد محمود فهو من تخطيط حسنى مبارك من المستشفى، وما حدث من قطع الطرق وخطف السياح هو من تخطيط جمال مبارك وعصابته فى سجن طرة، أما ما حدث فى ماسبيرو فهو من تخطيط المجلس العسكرى والسلفيين.
 

لقد شاهدنا على شاشات التليفزيون آلاف من جمهور المصرى وفريقهم فائز بالثلاثة على الأهلى يقتحمون الملعب ويهجمون على جمهور الأهلى ولا عبيه بدون أى مبرر، وهذا الهجوم لم يكن بقصد الضرب أو الشتيمة ولكن بهدف القتل، وقيل أن جمهور الأهلى رفع لافتة كتب عليها: "بورسعيد مدينة زبالة ... ما فيهاش رجالة" وحتى بإفتراض أن هذه اللافتة فعلا كانت موجودة، فهل يكون الإنتقام بالقتل؟؟ نحن نتعامل مع مجموعات من الشباب هائمة على وجهها وتتحرك كقطيع الجاموس الوحشى تكتسح فى طريقها كل شئ.

وقد إستمعت منذ قليل إلى جلسة مجلس الشعب الطارئة بشأن مذبحة بورسعيد، وأخذ النواب يتكلمون الواحد تلو الآخر بعصبية وتأثر وألقوا باللوم على: وزارة الداخلية، المجلس العسكرى، رئيس الوزارة، حسنى مبارك، جمال مبارك، العادلى، عصابة سجن طرة، أمريكا، إسرائيل، إلخ .... الشماعات إياها، ولم يفكر أى نائب عاقل أن يلقى حتى ببعض اللوم على شعب بورسعيد "العظيم".
 

ولقد أثبت جزء لا يستهان به من الشعب المصرى بأننا :"شعب يخاف ولا يختشيش"، وبدون أن نعالج هذا المرض فسوف تتكرر تلك الكوارث، وسوف تتصاعد بمتوالية هندسية وسوف تكون نهايتها "ثورة الجياع" القادمة لا محالة، أضف إلى هذا إنفلات إعلامى لم يسبق له نظير إلا فى البلاد التى على شفا الحرب الأهلية فقد راينا هذا الإعلام المنفلت فى لبنان قبل الحرب الأهلية عام 1975، ورايناه فى العراق بعد إزاحة صدام حسين وما تلاه من حرب أهلية بين السنة والشيعة مازالت دائرة حتى الآن.
والإعلام المنفلت الغير مسئول والذى يعتبر أسوأ من الصحافة الصفراء (صحافة الفضائح) وخاصة عندما يقود شعب منفلت إلى الهاوية من أجل "حفنة دولارات" أو من أجل شهرة زائلة، فأخذ ينشر الإشاعات وبرامج التحريض التليفزيونية وقد تعلموا من كبيرتهم "التى علمتهم السحر" قناة الجزيرة وتفوقوا عليها لذلك فقد قل مشاهدى الجزيرة فى مصر كثيرا لأن هناك عشرات القنوات التى تبث الأكاذيب ليل نهار لزيادة عدد المشاهدين وزيادة الإعلانات التجارية.

...
ويتساءل القارئ عن علاقة عنوان :" أنا مش قصير قزعة..أنا طويل وأهبل" بأحداث بورسعيد؟؟ فى فترة الستينييات كان يذاع برنامج ناجح فى راديو القاهرة إسمه (ساعة لقلبك) وقد تخرج منه معظم نجوم الكوميديا فى مصر فى فترة السنيينيات والسبيعينيات، وفى برنامج ساعة لقلبك إذيع إسكتش (ثم تكرر فى فيلم مطاردة غرامية)، يمكن أن ترى هذا المقطع على الرابط التالى:
http://www.youtube.com/watch?v=kf5weqlTKHw
 

وفى هذا المقطع يقوم عبد المنعم مدبولى بدور دكتور نفسانى يحضر إليه شخص قصير القامة، يشكو له من قصر قامته وأن الناس يعايرونه بذلك ولا يعرف ماذ يقعل، فما كان من عبد المنعم مدبولى أن قال للرجل قصير القامة:
- وساكت على نفسك المدة الطويلة ليه كان ضرورى تيجى لى قبل كده
- يعنى فيه أمل ادكتور؟
- طبعا ياإبنى، قول ورايا: "أنا مش قصير قزعة..أنا طويل وأهبل"
- "أنا مش قصير قزعة..أنا طويل وأهبل"
- شوف أهو مجرد قلتها زاد طولك 5 سم، قولها على طول وإنت ماشى وإنت واقف وإنت قاعد وإنت نايم "أنا مش قصير قزعة..أنا طويل وأهبل"
ويخرج المريض من العيادة وهو يكرر الجملة التى سوف تجعله إنسانا أكثر طولا.
والشعب الذى ينكر أمراضه كما ينكر عليه قادته وزعماؤه تلك الأمراض بإعتباره "الشعب العظيم" صاحب حضارة 7000 سنة، لن يرى العظمة أبدا مهما ردد له زعماؤه :"أيها الشعب العظيم"، بل سيظل قصير وقزعة!!
samybehiri@aol.com

نقلا عن ايلاف

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٥ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع