إمام وحاخام وقس وراهب يتنافسون على جذبهم
أثارت إحدى القنوات الفضائية التركية جدلا دينيا بإعلانها البدء في إعداد برنامج تلفزيوني جديد يدعو "الملحدين" إلى مراجعة موقفهم واعتناق أحد الأديان السماوية الثلاث؛ الإسلام والمسيحية واليهودية، إضافة إلى البوذية وذلك للفوز بـ"جائزة كبرى" مقابل ذلك.
يشارك في برنامج تلفزيون الواقع الذي ستعرضه "كنال ت" في بداية سبتمبر/أيلول المقبل، إمام مسلم وحاخام يهودي وقسيس مسيحي وراهب بوذي ويسعى كل منهم لإقناع الملحدين بالتراجع عن موقفهم واعتناق واحد من هذه الأديان في كل أسبوع من البرنامج الذي يمكن ترجمته بـ"تنافس الآثمين".
والقناة الفضائية "كنال ت" أطلقت عام 2008 ومعظم مقدمي برامجها من النساء.
وتقف سيهان سيولو، السيدة التي تحولت من رجل إلى امرأة، والمشهورة باسم سيسي، وراء فكرة البرنامج وتقدمه مقدمة النشرات الإخبارية المشهورة غولغن فيمان.
وقال أحمد أوزديمير، نائب مدير "كنال ت"، لصحيفة "حريت" التركية السبت 4-7-2009 إن البرنامج سيكون الأول من نوعه في العالم.
وأضاف أن هدف البرنامج هو جعل الملحدين يعتنقون أحد الأديان؛ سواء الإسلام أم المسيحية أم اليهودية أم البوذية، معتبرا أن البرنامج سيساهم في فهم الناس لهذه الأديان.
وقال عندما سمع الناس لأول مرة عن فكرة البرنامج صعب عليهم فهم مضمونه لكنهم "الآن ينتظرونه بفارغ الصبر".
وأوضح نائب مدير القناة إلى مجريات حلقات البرنامج ستعرض فقط داخل الاستديو، وستقوم لجنة مكونة من علماء دين ولاهوت ومعدي البرنامج باختيار المتنافسين للتأكد من أنهم من "الملحدين".
وفي كل حلقة من حلقات البرنامج الأسبوعي يمثل 10 من الملحدين، الذين تم التأكد من إلحادهم، أمام رجال الدين الأربعة الذين سيسعى كل منهم لإقناع الملحدين بدينه.
وستكون جائزة المتحول إلى هذه الأديان القيام بزيارة إلى المكان المقدس لهذا الدين على نفقة البرنامج.
ونسبت صحيفة حريت التركية لمخرج البرنامج القول "هناك احتمال ألا يتحول أي من الملحدين، ولكن لو اقتنع أحدهم فعلا بالإسلام فسنرسله إلى مكة، أما لو اقتنع بالمسيحية أو اليهودية فسنرسله إلى القدس، ولو اعتنق بالبوذية فسنرسله إلى التبت".
وسوف تتابع كاميرات البرنامج الفائزين في رحلات الحج التي سيقومون بها.
وأثارت الفكرة ردود فعل متابينة في المجتمع التركي، فقد اعتبر حقي دفريم، وهو مذيع تلفزيوني ويكتب عمودا يوميا في صحيفة "راديكال"، أن فكرة البرنامج "سخيفة وتشكل إهانة للأديان".
وأضاف إن "الأديان ليست علما وليست متاحة للنقاش"، معربا عن مخاوفه من أن يتحول البرنامج "إلى منصلة للملحدين للتعبير عن آرائهم الإلحادية".
وقال دفريم "إذا كان عليّ وصف البرنامج بكلمة واحدة، فأقول: غير ملائم"، مبديا نصحه للقناة بعدم المخاطرة ببث البرنامج.
من جانبه، أبدى مفتي اسطنبول ورئيس هيئة الشؤون الدينية في المدينة د. مصطفى شاغريجي، اتفاقه جزئيا مع رأي حقي دفريم، موضحا أنه "يمكن النقاش في الأديان، ولكن ليس في مثل هكذا ببرامج تلفزيونية". وأضاف أن مثل "هذه البرامج التلفزيونية المتطرفة قد تخلق تعقيدات في أذهان الناس".
وقال شاغريجي "لا أعرف مدى قانونية هذه البرامج، ولكن في كل الأحوال ليس من المناسب مناقشة الأديان في مثل هذه الأجواء".
وأشار شاغريجي إلى "أن هيئة الشؤون الدينية هي المسؤولة عن ظهور الأئمة على التلفاز وهي المسؤولة عن مضمون كلامهم"، وأضاف "يمنع بكل تأكيد أي إمام ضمن حدود مدينة اسطنبول من المشاركة في هكذا برنامج".
إلا أن بعض علماء الاجتماع الأتراك يرون أن البرنامج "سيبين الميول السائدة في المجتمع التركي".
وقال عالمة الاجتماع نيلوفر نارلي من جامعة اسطنبول، إن هذا البرنامج هو "انعكاس للاهتمام المتزايد بالأديان"، وأضافت "خلال السنوات العشرة الماضية تزايد اهتمام الناس بالموضوعات الدينية".
وأضافت "الناس تريد أن تعرف حول الأديان المختلفة ولكنني لست متأكدة من عواقب البرنامج على تركيا".
لكن القائمين على البرنامج دافعوا عنه بوصفه "خطوة مهمة وستلقى صدى واسع النطاق".
وقالت سيهان سيولو "نحن نقدم أغلى جائزة على الإطلاق، وهي الإيمان بالله".
وأضافت "نحن غير راضين عن أن يكون بعضنا ملحدا.. لا بد أن يكون للمرء عقيدة بغض النظر عن ماهيتها".
ويبلغ عدد سكان تركيا حوالي 72 مليون نسمة يتألفون من عشرات الأعراق، ويدين الأغلبية بالإسلام، وتوجد أقليات غير مسلمة، لكن ذلك كله تحت غطاء العلمانية. |