بقلم: أماني موسى
بين الحين والآخر تطالعنا الصحف بأنه هناك المشروع الفلاني لتهذيب وتطوير العشوائيات والجمعية والمؤسسة الفلانية حصلت على أموال ومِنح أجنبية طائلة لمعالجة هذه العشوائيات، وأنه تم وضع خطة لحد وتحزيم تلك المناطق حول القاهرة والتي تعد كحزام ناسف تلبسه مصر ومستعد للانفجار بأي لحظة.
وكان أخر تلك الأخبار والتي لا تتعدى فاعليتها وجدواها مساحة السطور التي كتبت عليها: خبر منشور بإحدى الجرائد الإلكترونية يؤكد على أن رئيس الوزراء يدرس خطة لتطوير العشوائيات وستبدأ الخطة بـ 29 منطقة غير آمنة.
وهذا بالطبع كلام جميل ولكنه فقط كلام يفتقد لمرحلة التطبيق ليتحوّل لواقع عملي ملموس، فكثيرًا ما نشاهد تقارير مصورة في الفضائيات عن تلك المناطق البائسة وافتقارها ليس فقط إلى أبسط إمكانيات الحياة بل افتقارها إلى كل مقومات الحياة، في مشاهد لا إنسانية من انعدام الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية وبالطبع الترفيهية، فهم يعيشون في عشش صفيح ولا يحصلون على مياه نظيفة ولا توجد لديهم إنارة إلا بالطرق الغير قانونية وغير ذلك من أمور يندى لها الجبين.
والتساؤل هنا: إلى متى تظل تلك المناطق مهملة شكلاً موضوعًا؟ رغم خطورتها ورغم أنها تشكل بالفعل قنابل موقوتة وبها كل أنواع المتفجرات (الجنسية منها والدينية والإرهابية و...)، فهناك تجد جميع أفراد الأسرة من أب وأم وأولاد وأجداد يعيشون بحجرة واحدة ولا تفصل بينهم سوى ستائر لا تستر وينامون أكوام لحم فوق بعضهم البعض مما يؤدي لوجود تحرشات جنسية بين الأخ وأخته والأب وابنته وانتشار زنا المحارم وأيضًا الشذوذ بين الأخوات وبعضهم البعض.
وعلى النقيض من تفشي الجنس وزنا المحارم تجد التطرف والمغالاة في الدين، إذ يلجأ البعض للدين كملاذ آمن ضد شعورهم بالنبذ من المجتمع والظلم وعدم حصولهم على أبسط حقوق الحياة فيوجهون أنظارهم للآخرة ونعيمها الذي ينتظرهم عوضًا عن البؤس والشقاء الذي لاقوه في دنياهم.
ولكن لا ينتشر بينهم الدين بمفهومه الصحيح المعتدل بل المتطرف الذي يحضهم على ارتكاب جرائم باسم الدين.
هذا إلى جانب انتشار المكيفات والمخدرات الرخيصة الثمن التي تلهيهم عن واقعهم وتنتشر بينهم بشكل طبيعي وعام وما يترتب عليها من ارتكاب جرائم كالسرقة والقتل والاغتصاب. بما يجعل تلك المناطق بؤر فساد إجرامية ومرتع خصب للإدمان وتجارة وتهريب السلاح وتجارة المخدرات وعمالة الأطفال وتفشي الدعارة وزنا المحارم، ويجعلنا ندور في دائرة مفرغة من فقر لتطرف لعنف ثم جريمة ومن ثم فالحل ليس فقط بعقد اجتماعات في صالات مكيفة بشرم الشيخ أو الساحل الشمالي ووضع خطط على الورق لحل أزمة العشوائيات، بل باعتقادي أن الحل لابد وأن يأتي من فكر واعي ومحب، فإلى جانب توافر الخطط والمال لابد من تواجد أناس مسئولين يتولون عمل خطط للتوعية بكيفية التعامل مع الأشخاص القاطنين بتلك المناطق وإعادة تأهيلهم نفسيًا وجسديًا واجتماعيًا بما يساعدهم على التخلص مما لحق بهم من أثار نفسية عدوانية تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين.
وكفى كلام على الورق وخطط في صالات مكيفة وكفى جمعيات ومؤسسات، ولنبدأ من أرض الواقع. |