بقلم- اماني موسى
بقدوم شهر مارس شهر الربيع تستعد البشرية بفرح لاستقبال الربيع وزهوره الجميلة التي تكسو وجه الكون فتعود الحياة لوجه الأرض بعدما سادها الذبول والبرودة، ويستعد أيضاً الكثيرين لتقديم هدايا للأم التي هي ربيع الحياة في رقتها وعذوبتها وعطاءها اللا محدود الذي يُجمّل وجه حياة كلاً منّا ويعطيها بريقها، فمنها استمدينا نسمات الحياة ومعها خطونا أولى خطواتنا وبرفقتها قضينا أحلى لحظاتنا من الفرح والنجاح وبمساعدتها وحنوها عبرنا لحظات الألم والأوقات الصعبة فكان وجودها ودعائها بمثابة خيوط من نور تلون ظلام السماء وتنذر بقرب بزوغ ضوء الفجر وانقشاع الظلام، وفي رعايتها قضينا طفولتنا وشبابنا، فكانت هي نعمَ السند والرفيق بمشوار الحياة وحضنها الدافئ ملجأ وملاذ من صدمات الزمان.
تلك الكلمات قليل من كثير مما تفعله الأم لأجل سعادة وهناء أولادها، فالأم هي المخلوق الوحيد الذي يعطي بلا حدود وبلا انتظار أي مقابل بمحبة فائقة ورضا تام.
تلك هي مشاعرنا تجاه أمهاتنا بالجسد، ولكن ماذا عن أمنا بالروح؟؟ والتي تغنى لها صلاح جاهين في أجمل أشعاره:
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء
بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب
وبحبها وهي مرمية جريحة حرب
بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء
ماذا عن تلك الجميلة أم الدنيا كلها؟ تلك الأم الرائعة التي أعطتنا نحن أبنائها الكثير، هل تفكرنا بإعداد هدية لها كتعبير عن مدى حبنا لها؟ أم لازلنا نسبب لها المزيد من الألم والخجل كل يوم أمام أقرانها من دول العالم الأخرى، ونملأ ثوبها العتيق المهلهل بمزيد من الرقع التي تُزيده تشوّهاً ودمامة؟؟
ننادي ونتغنى بحبها ليل نهار في الأغاني فقط، كما اعتدنا ترديد العبارات الرنانة الجوفاء الخالية من كل معنى، أما في الواقع فليس هناك أية أدلة منطقية تؤكد على حبنا الفعلي لها، إذ أصبحنا أكثر شعوب العالم تخلفاً وتأخراً، نستورد كل احتياجاتنا من دول الغرب الكافر ولم نفلح سوى في إنتاج شيئين.
أولهم: مزيد من الأطفال الذين لا ينتظرهم سوى مصير بائس حيث لا تعليم ولا مستوى معيشة كريم ولا رعاية صحية ونفسية واجتماعية بل الهم في انتظارهم.
ثانيهم: تخصصنا وتميزنا في إنتاج وتصنيع وتصدير الإرهاب حيث نحتل المركز الأول وتشاركنا معظم شعوب المنطقة العربية في المركز الأول عن جدارة وحادث الحسين الأخير خير دليل وغيره العديد من السلوكيات الإرهابية التي أصبحت من السمات الطبيعية والأساسية بالشارع المصري.
وكذا فساد مَن في يدهم سُلطة من أصغرها لأكبرها والأمثلة عليهم لا حصر لها ويعرفها الجميع، وكذا العديد من السلوكيات التي تؤكد يوماً بعد الآخر كراهيتنا لوطننا وأمنا مصر وعدم انتمائنا لها بل برزت في المقابل انتماءات دينية تفوق انتمائنا الوطني لأمنا مصر، ليصبح حالها حال أم مكلومة مجروحة من أبنائها الذين لا يتوانون عن إهانتها كل يوم، لتكون كلمات جاهين خير توصيف للحالة حين قال:
نهايته يا مصر اللي كانت أصبحت وخلاص
تمثال بديع وأنفه في الطين غاص
وناس من البدو شدوا عليه حبال الخيش
والقرص رع العظيم بقى صاج خبيز للعيش!!!
|