CET 10:11:19 - 24/06/2009

مقالات مختارة

بقلم: د. محمد أبوالغار

فجأة أصبحت مشكلة قرية دير أبوحنس فى محافظة المنيا تتصدر الصحف المصرية، وغدًا ربما تتصدر الصحف الأجنبية ووكالات الأنباء وفى القريب ربما تناقش فى إحدى لجان الكونجرس وجمعيات حقوق الإنسان الدولية وتزيد مشاكل مصر مشكلة جديدة.
والسبب واضح هو غباء وسوء تصرف الدولة الذى يصل إلى درجة الحماقة والذى أدى إلى أن تصبح مصر دويلات ليس لها رابط، فهناك قرار من المجلس المحلى وقرار آخر من محافظ المنيا وقرار مخالف من وزير الداخلية وآخر مخالف من وزير العدل.

هذه القرية الصغيرة بها دير قديم وتاريخى وسكانها بضعة آلاف من الأقباط، فجأة قرر مسؤول صغير أنه لا يصح أن تكون القرية معظم سكانها أقباط فقرر أن يضم إليها قرى مجاورة لتصبح الأغلبية مسلمة، ثم تم تغيير اسم القرية إلى وادى النعناع وهو الأمر الذى ينم عن غباء شديد وضعف فى الروح الوطنية التى تمزج المسلمين والأقباط، وبالطبع الحزب الوطنى الذى يسيطر على الحكم المحلى بالكامل لحصوله على ما يقرب من مائة بالمائة بالانتخاب «الحر جدًا» نائم فى العسل وفى الأغلب مؤيد لما يحدث لعدم وجود الوعى السياسى.
وحيث إن الدولة منذ زمن طويل أقرت قانون الحكم المحلى فمن غير المنطقى أن تغير ديموجرافية مكان واسمه دون موافقة المجلس المحلى الذى رفض ذلك بشدة.

والدولة طبعًا ودن من طين والأخرى من عجين وقامت بتحويل اسم القرية إلى وادى النعناع، وتظاهر الآلاف من أهل القرية وبدأت تظهر بوادر الفتنة الطائفية، فحسنًا قام محافظ المنيا بإعادة اسم القرية إلى دير أبوحنس وذلك بعد أن تعلم من تصرفاته الخاطئة السابقة، وحيث إن مصر تتكون من عدة دويلات وأن حكاية القانون الذى ينص على أن المحافظ هو ممثل رئيس الجمهورية فى المحافظة كله كلام فارغ فى فارغ، فقد أصدر وزير العدل قرارًا بأن تسمى القرية وادى النعناع وكل ما يخص العدالة يكتب بهذا الاسم أما ما هو تابع للشرطة فأصدر وزير الداخلية نفس القرار ويكتب باسم وادى النعناع أما ما هو تابع للحكم المحلى فيكتب باسم دير أبوحنس.
من غير المعقول أن يصدر مواطن شهادة ميلاد بأنه من قرية دير أبو حنس وبطاقة عائلية باسم قرية وادى النعناع، لماذا لا تحترم الدولة رغبة أهالى القرية الذين طالب المجلس المحلى لهم بعدم تغيير اسم القرية؟

الأمر المهم هو أن الدولة لا تريد أن تشرح للمواطن أى قرار من قراراتها مهما كان بسيطًا، لقد قررت وزارتا العدل والداخلية تغيير اسم القرية، ألم يكن منطقيًا أن يصدر بيان واضح وبسيط بسبب هذا التغيير؟ ألم يكن من الواجب إذا كان الذى أصدر القرار مسؤولاً صغيرًا لا يعى أهمية الحفاظ على وحدة مصر أن يراجع المسؤول الأكبر الأمر بعد دراسة المشكلة؟ أليس من حق هؤلاء المواطنين فى دير أبوحنس أن يقول لهم وزير العدل ووزير الداخلية سبب تغيير الاسم التاريخى؟ ربما كان هناك سبب وجيه، فلماذا يخفيه السادة الوزراء؟ أما إذا كان تغيير اسم القرية دون سبب فهو إهدار لحقوق المواطنين وإهدار للتاريخ لأن هناك أسماء تاريخية تم تغييرها دون سبب ودون وجه حق.
المشكلة الأخرى هى أن بعض الوزارات مثل الداخلية لا تقبل بأى حال أن تلغى أى قرار اتخذته مهما ثبت أنه كان خاطئًا وتعتقد أن ذلك يضعف مكانة الشرطة وهيبتها، ولا تعلم أن الشرطة هى فى حقيقة الأمر فى خدمة الشعب كما كان شعارها سابقًا، والذى تم تغييره ثم تم رفعه بعد أن خسرت الشرطة شعارها الجديد الذى لم يتقبله أحد فى مجلس الدولة.

لا أرى ما يدعو إلى تصعيد المشكلة، وإذا كان هناك سبب حقيقى مقنع فلتعلنه الداخلية والعدل وإذا لم يكن هناك سبب فليعد اسم القرية دير أبوحنس إليها وليس فى ذلك أى إهدار لمكانة الشرطة وكرامتها.
الموضوع يشير بوضوح إلى أنه حتى فى أبسط موضوع لا يوجد أى حس سياسى أو شعور بالمسؤولية عند الجميع، أين أحمد عز زعيم الأغلبية وهى مشكلة شعبية من صميم اختصاصه؟ إن الأمر يوضح أن مصر أصبحت عبارة عن دويلات بعد أن تلاشت الدولة المصرية واتبعزقت وكل واحد يتحكم فى المنطقة التى تتبعه حتى نروح كلنا فى داهية وحقًا «هى فوضى».

نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع