للأسبوع الثانى عشر على التوالى امتنع البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، عن الذهاب للإسكندرية لإلقاء محاضرته الأسبوعية فى الكنيسة المرقسية، بسبب ما قيل عن اعتراضه على قيام اللواء عادل لبيب، محافظ الإسكندرية، بهدم عدة مبان تابعة للكنيسة بدعوى مخالفتها وعدم حصولها على تراخيص.
فى المقابل اتهم مفكرون مسيحيون ومسلمون الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ«الازدواجية» فى التعامل مع المسؤولين الحكوميين، وممارسة «ضغوط دائمة» على أساس دينى وطائفى وهو ما تجلى – حسب قولهم – فى الأزمة الناشبة بين الأنبا كيرولس، أسقف نجع حمادى، واللواء مجدى أيوب إسكندر، محافظ قنا، بسبب اتهام الأول للأخير بتعطيل مصالح الكنيسة، والامتناع عن منحها تراخيص بناء أو ترميم الكنائس، مشيرين إلى أن الكنيسة تتعامل مع المسؤولين بـ«منطق القطعة» دون النظر إلى القانون.
وقال المنتقدون « الأنبا كيرولس شن هجوماً شرساً على محافظ قنا، ثم أثنى وشكر فى المحافظ السابق عادل لبيب، محافظ الإسكندرية الحالى، والذى وصفه بـ(رجل الحق)، متناسياً إعلان مجلس ملّى الإسكندرية أن البابا شنودة ممتنع منذ ما يزيد على الشهرين عن زيارة المحافظة، وتوقف عن إلقاء عظته الأسبوعية فيها بسبب غضبه من المحافظ عادل لبيب لهدمه مبان مخالفة تابعته للكنيسة»، مؤكدين أن السبب فى إنهاء خدمات الراهب القمص ساروبيم الباخومى، وكيل البابا فى الإسكندرية، بعد ١٣ عاماً خدمة يرجع إلى قيامه بإلقاء قصيدة مدح فى لبيب أثناء حضوره قداس عيد القيامة الماضى.
وأكد الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان. عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى، أن الكنيسة لديها تصور غير صحيح بأن الضغط على الدولة يأتى بنتيجة إيجابية بغض النظر عن الموقف القانونى.
وأرجع عودة انتهاج الكنيسة لسياسة الضغط إلى ما وصفه بـ«ضعف سلطة البابا شنودة» عن ما سبق، واقتسام السلطة فى الكنيسة بين العديد من الأطراف، مما جعل كل طرف يحاول اكتساب شهرة وقوة ولو على حساب الدولة «حسبما قال».
وقال «فى أحيان كثيرة لا يرغب البابا شنودة فى تصعيد أى أزمة، ولكن نتيجة لضغوط مراكز القوى فى الكنيسة يضطر للتصعيد، لافتاً إلى أن الدولة تحاول فى تعاملها مع الأزمات الكنسية، اللجوء إلى التهدئة، خوفاً على الكنيسة الوطنية من الانفجار من الداخل».
وطالب الدكتور القس إكرام لمعى، رئيس لجنة الإعلام بالكنيسة الإنجيلية، بضرورة وجود ثوابت قانونية واضحة لا ترتبط بأشخاص حتى لا يقوم البعض بشخصنة الأمور، مشدداً على ضرورة التخاطب بين الكنيسة والجهات الحكومية بالأوراق الرسمية، بدلاً من الحديث بالسلطان الروحى، حتى يكون الكلام على أرض الواقع.
وأرجع كمال زاخر، منسق عام العلمانيين الأقباط، ازدواجية تعامل الكنيسة مع الدولة، إلى «غياب الدولة المدنية»، والذى يضع حضورها الكنيسة فى إطاريها الدينى والروحى ويبعدها عن السياسة وأيضا يبقى على العمل الحكومى فى إطاره الإدارى، مشدداً على ضرورة احتكام جميع الأطراف إلى القنوات القانونية.
وقال زاخر: «عندما توجد مشكلة بين الأسقف والمحافظ يكون الاحتكام للقانون والقضاء». |