بقلم: أماني موسى
كانت تسير هي وصديقاتها في أحد شوارع المحروسة التي لا تتسم بالضيق في المساحة فقط بل أيضًا ضيق أخلاق المارة بها (كل واحد مش طايق نفسه وبالتالي مش طايق اللي جنبه) ويترتب على هذا الضيق المتضايق أن المساحات بين الناس في الشارع ضيقة أو بمعنى أصح متلاشية ودة دليل على الوحدة والتوحد وتلاحم قوى الشعب –حتى لو غصب عنهم-.
كانت نظرات وعيون اللي في الشارع وبحقلة الشباب فيها هي صديقاتها منظر معتاد بالنسبة لها، ولكن اللي بقى فعلاً مثير للدهشة ومحتاج لرادع هو أن الموضوع مبقاش قاصر فقط على البحقلة أو المعاكسات اللطيفة الخفيفة، لكن بقى تحرش وتلامس وكلمات بذيئة، والمشكلة الأكبر أن دة مش بيحصل بس من الشباب في الشارع لكن كمان من جيرانهم في نفس الشارع!!
وصاحت "حسنات" اللي هي جميلة الجميلات وسط أصحابها وقالت: وماله لما الأولاد يعاكسونا في الشارع؟ بطلوا جهل بقى،، أنا قريت في كتاب "الإنجاز" لصاحبه المشهور "علي هباب مش لاقي شغل ولا جواز" أن المعاكسات ليها فوايد نفسية للطرفين، فالشاب اللي مش لاقي حاجة يعملها وكمان مفيش جواز بيعوض دة بالمعاكسات وأهو يبقى عمل لنفسه نص حالة إشباع بدل ما يموت من الجوع، والبنت كمان معنوياتها بترتفع بالمعاكسات بدل ما هي قاعدة كدة وواخدة اللقب مع مرتبة الشرف "عانس وحاصلة على مؤهل متوسط وعالي وواطي كمان"، شوفتوا بقى كلامي صح إزاي؟!
فصمتت صديقاتها بما يحمل موافقة ضمنية على كلامها، وكملت على كلامها صاحبتهم "عنوسة البسبوسة" وقالت: كلامك كله صح يا حسنات، تعالوا نشوف الزمن اللي فات، كانت فيه المعاكسات بتحبها البنات والستات زي المكيفات، شوفوا مثلاً "عبد الفتاح القصري" لما كان يقول لزينات ( يا صفايح الزبدة السايحة.... يا براميل القشطة النايحة).
وهنا صاحت صاحبتهم "فدوى" بتاعة حقوق المرأة وقالت: إيه التهريج اللي أنتوا بتقولوه دة؟! دة تسيب وانحلال والولاد دول ناقصهم أدب والتزام، زمان لما كان بيقولها يا براميل القشطة وصفايح الزبدة مكنش بيمد إيده ياخد لحسة من القشطة مثلاً، أما دلوقتي الحال بقى غير زمان ومبقاش الموضوع معاكسة كلامية وخلاص لكن بقيت تحرشات جسدية ولفظية في عز الضهر وقدام الكل، والناس بقيت بتخاف تتكلم أو حتى تتدافع وخصوصًا لو البنت دي مش مغطية شعرها.
والغريب أن الناس بتجيب اللوم على البنت بحجة أنها اللي أغرت الولد وكأن الولد دة معندوش عقل يحكم تصرفاته، وأول ما يشوف عضمة يجري وراها زي ال..... ولعابه يسيل.
وقاطعتها صاحبتهم حسنات وقالت لها كفاية يا فدوى هتدينا درس في الأدب والأخلاق عن المعاكسة؟ أرحمينا.
ولكن فدوى قالت لهم تعالوا اشتركوا معايا في جمعية حقوق المرأة اللي بترفع شعار (نعم للمعاكسة....لا للتحرش) وفيها هتتعلموا أزاي تتدافعوا عن نفسكم لما حد يضايقكم.
فقالت لها حسنات: الأهم من الجمعيات دي يا فدوى هو علاج المشكلة من جذورها، قبل ما تقولوا نمنع التحرشات لازم الدولة وكل المسئولين يشوفوا ويعالجوا الأسباب، لكن إحنا دايمًا بنحاول نعالج النتايج ونسيب الأسباب وعشان كدة بتفضل المشكلة موجودة.
تخيلي معايا كدة لو كل الشباب اللي في بلدنا لقيوا شغل محترم ياكلوا منه عيش ويقدروا يفتحوا بيه بيت، ولو الولد اتعلم أن البنت أخته وشريكته في الحياة والمجتمع مش مصدر لإغرائه؟ ولو اتعمل قانون لسجن المتحرش زي بلاد بر؟، أكيد ساعتها التحرشات هتقل ويمكن تنعدم.
وعشان كدة يا فدوى أنا مش هشترك معاكي في جمعية المرأة اللي بترفع شعار (نعم للمعاكسة....لا للتحرش) لأنها مش هتحل المشكلة، لكن هعمل جمعية وأكون أنا مديرتها وأعضائها وأسميها (متحرشين بلا حدود)، وأعضائها المتحرشين من كل أنحاء الجمهورية أو كفاية بس بتوع شارع جامعة الدول العربية.
فضحكت فدوى وقالت لها: واضح أن فيه علاقة بين زيادة عدد المتحرشين في شارع جامعة الدول، دة دليل الوحدة العربية، إذ يجتمع الجميع على هدف واحد عشان يعلموا العرب درس في الوحدة العربية بدل الفرقة العربية اللي هما فيها دي.
عادي في بلادي: نُكثر من الجمعيات والمؤسسات التي تهتم بأمور الشارع المصري وهي أبعد ما يكون عنه، ودائمًا ما نهتم بعلاج النتايج دون البحث في الأسباب وحلها. |