أثار موضوع فتنة الإعجاز العلمى ردود فعل، أغلبها متشنج سواء من المسيحيين أو المسلمين، وأعتقد أن مصدر هذا التشنج أنهم يعتقدون أن هذا الإعجاز هو طوق النجاة الأخير لإعادة التوازن النفسى لنا بعد الفجوة الرهيبة التى أصبحت بيننا وبين الغرب والتى جعلتنا لا نتقن إلا البكاء على أطلال الماضى،
وبرغم أن الشيخ شلتوت والمفكرة الإسلامية بنت الشاطئ وبعض رموز الكنيسة رفضوا نظريات الإعجاز العلمى ووضحوا خطورتها على العلم والدين، فإن سهام التكفير الجاهلة مازالت تنطلق تجاه صدر كل من ينتقد هذه النظريات،
والمدهش أن من بين الردود الهادئة التى وصلتنى كان رد الأستاذ صموئيل العشاى مؤلف كتاب الإعجاز العلمى فى الكتاب المقدس، فقد كان الرد لحسن الحظ خالياً من السباب والتكفير.
يقول صموئيل إن الكتاب المقدس يحتوى على العديد من النقاط العلمية المهمة، والتى ورد فيها تسبيح الأنبياء للخالق على عظيم صنعه وإبداعه وإتقانه فيما خلقه من الكواكب والنجوم والمجرات والأرض والإنسان ذاته، جاء الكتاب دقيقا جداً من الناحية العلمية،
إذ أشار عرضاً لبعض الحقائق، وجاءت النبوءات المختلفة سواء عن الفلك أو الجيولوجيا أو عن صحة الإنسان أو التاريخ والجغرافيا فى شكل تسبيح يتلوه الأنبياء لله خالق الكون.
ويقول صموئيل: أجريت كتابى كفكرة تحقيق موسع فى محاولة للكشف عن المحاولات المستميتة من قبل العلم للحاق بركاب الكتاب المقدس برغم أنه لم يكن فى يوم من الأيام ولم يدع عليه أحد أنه كتاب علمى، ولكنه بالأساس كتاب روحى يهدف إلى الارتقاء بالإنسان فى المسائل الروحية، ويحدثنا عن الخالق والخلاص والحياة الأبدية،
لم يتحدث الكتاب بشكل مباشر عن النظريات العلمية المرتبطة بالعالم الفانى بحسب تعاليم مسيحيتنا العظيمة، كل ما أراد أن يوصلنا إليه كتابنا هو أن تعيش تعاليمه ليصبح حياة معاشة، لا نصوصًا نظل طوال الوقت نرددها دون فهم حقيقى لمعانيها، وإننى هنا عندما أتحدث عن الكتاب المقدس فأؤكد للجميع أنه يكفى البشرية فخرا أن جميع من اكتشفوا علومها هم بالأساس علماء مسيحيون معظمهم متدينون.
وعلى مدى الأجيال الماضية والأجيال الآتية فإن جميع مكتشفى هذه العلوم هم مسيحيون أو علماء عاشوا فى دول مسيحية أو قرأوا فى الكتاب وارتقت أفكارهم بتعاليمه التى أوحى بها خالق الكون لأنبيائه. واكتشفت أنه عجز أمامه ملايين الأشخاص الذين حاولوا تكذيبه، بل إن أشهر المكتشفين الذين أضاءوا ظلام البشرية بالعلم وقفوا أمام الكتاب المقدس بخشوع وحب، واعتنق الكثير منهم المسيحية.
انتهى ملخص ما كتبه مؤلف الكتاب، ومع شديد احترامى لكل الكتب السماوية المقدسة، فإن الرد أكد مخاوفى أكثر، ففتنة الإعجاز العلمى ستظل طالما ظلت مثل هذه الأفكار التى تربط الدين المطلق بالعلم النسبى، ولو كانت الأديان تقاس بنبوءاتها العلمية فهل نعتنق الديانة الفرعونية التى لم تكتف بالتنبؤات ولكنها تحدت العالم بمكتشفات ظل حتى الآن عاجزاً عن فك شفرتها؟!،
وماذا تقول عن حرب الكنيسة ضد جاليليو نتيجة فهم خاطئ للنصوص؟، وما الموقف حين نتبنى فتوى ابن باز بتكفير من يعترف بدوران الأرض نتيجة ربطه المتعسف بين النصوص الدينية والعلم؟.
لا تجرحوا قدسية الدين بالبحث فيه عن معادلات كيميائية، ولا تكبحوا انطلاق العلم بإلباسه رداء الكهنوت.
نقلا عن المصري اليوم |