أجرت الحوار: سهيلة نظمي
بعد أكثر من370 عاما علي انشاء جامعة هارفارد أعرق الجامعات الأمريكية تولت امرأة رئاستها في عام2007 لتدخل التاريخ, وقبل مائة عام كتب التاريخ في مصر بأحرف من نور اسم الأميرة فاطمة بنت إسماعيل أول من نادي بإنشاء جامعة يتعلم فيها المصريون ثم أغلق التاريخ أبوابه في وجه المرأة حتي فتحها للدكتورة هند حنفي ليسجل أنها أول امرأة تتولي رئاسة جامعة في مصر, وهي جامعة الإسكندرية.
وبرغم أن الدكتورة دروفوست رئيسة جامعة هارفارد جاءت بعد370 عاما من تقلد الرجال لهذا المنصب, إلا أن الدكتورة هند حنفي, وهي أول رئيسة لجامعة الإسكندرية تري أن هذه الخطوة جاءت في مصر متأخرة جيلين كاملين, فالمرأة المصرية علي حد قولها قادرة علي تغيير مجتمعها والارتقاء به ودفعه نحو طريق الرفعة مثلما فعلت الأميرة فاطمة إسماعيل تلك الشخصية التي تصفها د. هند بأنها شخصية عظيمة.
* سألتها: هل تعتقدين أن اختيارك يأتي في اطار سياسة الإصلاح التي يتبناها الرئيس حسني مبارك؟
ـ تجيب: طبعا بكل تأكيد.
* هل لك كتب من تأليفك ؟
ـ لا.
* لو كان القانون في مصر يسمح بانتخاب رئيس الجامعة هل كنت تتوقعين وصولك لهذا المنصب برئاستها؟
ـ نظام انتخاب عمداء الكليات كان معمولا به في مصر, ولكن لم نمر بتجربة انتخاب رئيس الجامعة, ولو كان تم اختياري بالانتخاب كنت سأفرح جدا.
* هل نظام انتخاب رئيس الجامعة ممكن أن يبرز مواهب وقدرات المرأة أكثر من اختيارها بالتعيين؟
ـ الكفاءة هنا هي المعيار, وعندما تثبت المرأة كفاءتها ستجيء سواء بالانتخاب أو التعيين, ولكني أريد القول إن اختيار المرأة بالانتخاب في مصر ليس سهلا.
* هل معني ذلك أن المجتمع في مصر ذكوري يفضل الرجال؟
ـ نعم في معظم المجالات, وليس كلها.
* هل هذا يفسر عدم اختيار امرأة كرئيسة للجامعة رغم وجود وزيرة وسفيرة من50 سنة؟
ـ إلي حد ما, والدليل أن جامعة القاهرة عمرها100 عام, ولم تعين امرأة كرئيسة لها, وكنت أتمني أن يحدث ذلك منذ فترة, ولكن الاوضاع الآن تسير في اتجاه حسن نحو تمكين المرأة والاستفادة من قدراتها, وأنا أتوجه بالشكر للرئيس حسني مبارك علي ثقته في المرأة.
* هل تم اختيارك بسبب عضويتك في أمانة السياسات والمجلس القومي للمرأة؟
ـ أنا عضوة في المجلس القومي للمرأة منذ ثلاثة أشهر فقط, ولم استطع إنجاز شيء يذكر حتي الآن للمجلس, وأتمني أن أكون عضوة فعالة, وأفيد المرأة من خلال المجلس.
* كيف تستطيعين التوفيق بين عملك في الجامعة والعيادة, وجمعيات الطفولة, والمجلس القومي للمرأة, ولجنة التعليم في أمانة السياسات بالإضافة إلي بيتك؟
ـ بتنظيم الوقت والصبر ومساعدة زوجي, وفوق كل ذلك توفيق الله لي وأحب أن أذكر أن اجتماعات أمانة السياسات تعقد مرتين في الشهر في القاهرة, وهو التزام أعتز به, ولا يؤثر علي عملي في الجامعة, كما أن اجتماعات المجلس القومي للمرأة تتم في الإسكندرية كل شهر, وهو بعد مواعيد العمل في الجامعة.
* وماذا عن دور الزوج في حياتك؟
ـ لولاه ما وصلت إلي ما أنا فيه ودوره مهم جدا في حياتي بل هو كل حياتي سواء الاجتماعية أو العملية.
* في دراسة حديثة قام بها بعض الأساتذة في الولايات المتحدة الأمريكية عن المرأة, وجدوا أن رؤساء الجامعات من النساء أكثر إبداعا من الرجال, وأنهن أكثر ميلا للدخول في مغامرات محسوبة ما رأيك في هذا الكلام مقارنة بمصر؟
ـ هذه دراسة, وبالتأكيد نتائجها صحيحة, وأنا أؤيد ما جاء فيها والمرأة بطبيعتها لا تدخل أي موضوع إلا بعد مناقشته ودراسته, وهي مغامرة أكثر من الرجل, وتميل إلي ذلك فعلا, ولكن بعد دراسة وحساب دقيقين, ولكن هذا لا يمنع من وجود رجال كثيرين علي هذه الشاكلة.
* خلال عملك بذلت مجهودا واضحا في مركز تطوير التعليم الطبي, فماذا فعلت, وما هي النتائج التي حققتها؟
ـ أعتز جدا بدوري في مركز تطوير التعليم الطبي الذي أصبح والحمد لله قسما للتعليم الطبي بعد موافقة المجلس الأعلي للجامعات, وقد أصبحنا ثاني كلية طب في مصر بها قسم لتطوير التعليم الطبي, وكانت البداية لجنة للتعليم الطبي كلفني بتشكيلها الدكتور عبد العزيز بلال عميد الطب الأسبق, وبعد شهرين تكون المركز, حيث كان هناك مركز سابق في الجامعة منذ الثمانينيات, وكنت عضوة به وأنا مدرس, ولكنه توقف بعد9 سنوات عمل بسبب المعوقات الإدارية, وأعدنا نشاطه, وتم تنظيم ورش عمل لاعضاء المركز من هيئة التدريس لتنمية قدراتهم ومهاراتهم ولتطوير المناهج مع رؤساء الاقسام, وكذلك نظم الامتحانات, وتنمية مهارات الطلاب مما أعطي نقلة نوعية للتعليم الطبي في الكلية, وقد أردنا أن نصل بخريج الطب إلي المستوي العالي الذي يمكنه من تقديم خدمة ورعاية المرضي, خاصة الرعاية الأولية التي يقوم بها الممارس, وبعد أن تركت العمل فيه أتابعة وأري النجاح والاستمرار في التطوير.
* تعاني مستشفيات الأطفال بجامعة الإسكندرية من نقص الحضانات.. فما تعليقك؟
ـ حالة المباني في مستشفي الاطفال بالشاطبي سيئة جدا, ولا تسمح بزيادة عدد الحضانات أو التوسع فيها, ولكن قريبا جدا سيكون التوسع من خلال مستشفي الأطفال الحديث في سموحة, وسيزيد عدد الحضانات بشكل كبير لأن هناك احتياجا كبيرا لهذه الحضانات, ولكن العبء كبير علي المستشفيات الجامعية في الإسكندرية التي تخدم أهل المدينة, والمدن الريفية حولها في محافظة البحيرة, وغيرها وتحتاج تعاون مستشفيات وزارة الصحة معنا.
* دائما كنت تنادين بتطوير طب الأطفال حديثي الولادة فما السبب؟
ـ إنه مجال مهم جدا وتخصص دقيق جدا, وأنا أتمني أن يكون هناك تخصص قائم بذاته لطب الأطفال حديثي الولادة لأن الموجود حاليا جزء من مناهج طب الأطفال بصورة عامة, كما أتمني أن تمنح شهادات الماجستير والدكتوراة في تخصص طب الأطفال حديثي الولادة, حيث إنه مطلوب والتطور فيه متلاحق وسريع, كما أريد أن يلحقه تخصص في الجهاز الهضمي للأطفال والكلي والجراحة لأن تخصص الباطنة العامة لا يعطي المطلوب.
* سألتها عن أول قرار ستتخذه فور استلام عملها؟
ـ ليس هناك قرار بالتحديد خاصة أنني أعمل في نفس الإدارة والمكان, ولن يكون هناك قرار خاص بعد انتقالي لرئاسة الجامعة, ولكن سيكون عملي امتدادا واستمرارا لما بدأه الدكتور حسن ندير رئيس الجامعة الحالي.
* ولكن د. حسن كان مهتما بأمر مباني جامعة الإسكندرية كمهندس, فهل ستركزين علي المجال الطبي كطبيبة؟
ـ لا طبعا رئيس الجامعة لكل اقسامها وكلياتها, ولكن أحب أن أذكر أن د. حسن ندير وفر مليار جنيه لتطوير مستشفيات جامعة الإسكندرية, وهو شيء لم يفعله طبيب.
* هل نظام انتخاب رئيس الجامعة مثل ما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا ممكن أن يتيح له في مصر توفير تبرعات وتمويل أكثر لتطوير جامعته, ويكون أكثر حرية في اتخاذ قراراته وغيرها من قضايا الجامعة؟
ـ ليس بهذه الصورة ورئيس أي جامعة سواء جاء سواء بالتعيين أو الانتخاب عليه مسئولية توفير التمويل اللازم للمشروعات التطويرية والبحثية وغيرها, ولكن الفرق أن رئيس الجامعة الذي يجيء بالانتخاب يكون مسئولا أمام الأساتذة الذين انتخبوه.
* هل تفضلين نظام الانتخاب أم التعيين؟
ـ إذا كان هناك إجماع علي التغيير, وعلي الاختيار عن طريق الانتخاب فأنا أفضله.
* تبذلين جهدا كبيرا لتأصيل مبدأ العمل الجماعي وروح الفريق, فهل وجدت المجتمع المصري يتقبل هذا المبدأ؟
ـ ليس كل المجتمع, ولكن وجدته في مجتمع الجامعة, بل واستمتعت بالعمل من خلال فريق من أول يوم في كلية الطب التي يستلزم العمل فيها من خلال الجماعة ثم بعد انتقالي كنائب لرئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث قمنا بتشكيل فريق ولجنة لتمويل المشروعات البحثية من داخل الجامعة, وبين الكليات المختلفة وبدأت تظهر نتائج هذا العمل الجماعي الرائع, خاصة أنه بدأ نشر المشروعات والأبحاث علي المستوي العالمي.
* هل أنت أكثر حرصا علي أن تعرفي نفسك بأنك رئيسة جامعة الإسكندرية أم المرأة التي تولت رئاسة الجامعة؟
ـ أفضل رئيسة جامعة الإسكندرية, وأتمني أن أعمل الذي يرفع رأس المرأة المصرية ويشرفها في كل مكان.
* هل تعتقدين أن اختيارك يترجم تغييرات مهمة تحدث لوضع المرأة في مصر؟
ـ نعم بكل تأكيد يترجم تغييرا مهما, وهو الثقة بالمرأة والاحساس بأنه بدأ الإدراك من المجتمع بأن المرأة قادرة علي الإبداع, والتغيير والنظرة الدونية للمرأة تغيرت كثيرا جدا ليس في كل الطبقات أو كل المجالات, ولكن التغيير حدث, ويسير ولن يتوقف.
* هل تم اختيارك سياسيا أم علميا؟
ـ الاثنان معا فعلمي وأعتقد جهدي, والمراحل التي سرت فيها, وتدرجي في المناصب حتي نائب رئيس جامعة رشحني لرئاسة الجامعة وسياسيا من باب تمكين المرأة.
* هل قربك من دوائر الحكم في أمانة السياسات والمجلس القومي للمرأة لهما علاقة باختيارك سياسيا؟
ـ لم أسع إلي عضوية أمانة السياسات أو المجلس القومي للمرأة, وليس لي علاقة بأحد من قياداتهما, وأعتقد أن عملي هو الذي رشحني, وكان وراء تدرجي في المناصب أفادني.
* كيف يمكن أن تستفيدي من موقعك في أمانة السياسات والمرأة لخدمة الجامعة؟
ـ أري أن الفائدة بالعكس تسير أكثر في اتجاه استفادة المرأة في المجلس القومي من موقعي في الجامعة لأن بالجامعة امكانيات كبيرة يمكن أن تفيد المرأة.
* كيف؟
ـ عن طريق عقد ورش عمل لتنمية قدرات المرأة, وندوات توعية صحية واجتماعية ومساعدتها في تربية أطفالها مما ينعكس علي رقي المجتمع. |