CET 00:00:00 - 10/03/2009

مقالات مختارة

بقلم: أسامة عثمان

يحار الناظر إلى أزمة السودان المتفاقمة, كيف يراها؟ وما الزاوية الأجدر بالتَّقْدِمة والتفعيل؟ هل نراها من زاوية العدالة الانتقائية؟ أم هل نفهمها من زاوية الحاكم المستبد، أم من زاوية الوضع العربي الرسمي المغري بالتجاوز والتدخل، أم من زاوية الوطن العربي المهدد بالانقسام أو الاقتسام؟

من أين نراها؟ هل ننحاز إلى الشعب الضحية وإلى أهل دارفور "المهمشين"الذين لا يختلفون إلا في الدرجة عن سائر أقاليم السودان وأعراقه؟ هل حين ننحاز إلى الشعب نكون مضطرين إلى تأييد قرار المحكمة الدولية؟ أم أننا نقع ضحية أجندات غربية وجدت ضالتها في ورقة دارفور, وسنحت لها الفرصة بتصرفات نظام البشير الذي يلقى هذه الأيام كثيراً من اللوم والتبكيت على إهماله تلك القضية التي اكتسبت الطابع الإنساني المأساوي منذ فترة, وتصاعدت جراء ذلك نبرة المنظمات الدولية والإنسانية تندد بما يجري في الإقليم الغني بموارده, وتُحمل النظام السوداني المسؤولية عما جرى فيه من جرائم قتل واغتصاب بشعة؟

هل يجرَّم نظام الإنقاذ بسبب تطور تلك الأزمة التي بدأت كسائر النزاعات التي تنشأ بسبب الخلاف على الموارد بين الرعاة وهم من أصول عربية, والمزارعين وهم من أصول إفريقية؟ أم تشفع له ضخامة أحماله, واتساع رقعة بلاده, وإنهاكه بالحروب الداخلية كما حصل في جنوبه, وبمطالب "الانفصال" أو اقتسام الثروة كما في شرقه؟

أين نقطة الخلل؟ هل مصدره خارجي, يتمثل في عدالة عوراء، أم في تنافس استعماري لايزال يتمظهر في مظاهر متنوعة؟ ولكن دعك من هذا؛ فليس غريباً أن تطمع الدول في زيادة نفوذها, لاسيما دول رأس المال, وفي ضوئه, ليس غريباً أن تُفَعَّل تلك المحاكم الدولية حيناً, ثم تخمد أحياناً, تبعاً لمساومات دولية يتخذ قرار المحاكم فيها ورقة ضغط أحدّ من السيف المسلط! كما ليس مفاجئاً أن تتألق في بلادنا, وقضايانا الداخلية, ثم تغضّ أطرفها, وتصم آذانها عن قضايانا مع دولة الاحتلال والاستيطان والجدار العنصري, مثلاً!

أم أن مصدر الخلل عربي؟ فلمَ لمْ تستطع مصر أن تتدارك هذا الخطر المحدق بها؟! ولِمَ لمْ تنجح محاولاتها في التوفيق بين الفرقاء السودانيين, بالرغم من كونها حاولت ذلك؟! ولِمَ لمْ تحمل الجامعة العربية هذه القضية على محمل الجِد؟! حتى وقعت الفأس في الرأس, وعمَّ الحرجُ والمأْزِقُ النظامَ العربي الرسمي بصفة عامة, والمطلوب رئيس عربي, لايزال على رأس نظامه! هل يحاول العرب إلقاء اللوم كله على البشير؟!

وماذا عن خطر الانفصال والتمزيق؟

لا نستطيع أن تستبعد خطر الانقسام في السودان, فلعله الأكثر تعرضاً له الآن, ومنذ فترة, لطبيعة مكوناته السكانية, وتعدد ثقافاته؛ فإذا صادفت تلك الوضعية غير الوشيجة إرادةً دولية لتقسيمه؛ ودولة مُهَدَّدة ومبتزة؛ فالخطر يلوح, لاسيما أن اتفاقات السلام التي وقعتها حكومة الإنقاذ مع الحركة الشعبية تنصّ على الحق في تقرير المصير, وتسمح بإجراء استفتاء حول الاستمرار أو الانفصال.

يبدو أن السودان الآن على مفترق طرق؛ فإما أن يُخَلَّص البلد من البشير؛ فيسلم من التقسيم, وتجري فيه انتخابات ديمقراطية, لا يشارك فيه الرئيس "المطلوب", ويجمد قرار المحكمة لمدة عام.. وإما أن تستهدف وحدةُ البلد تحت وطأة تنافس استعماري, يكون ضحيته السودان وأهله, وذريعته البشير!

فإذا ما كان الخيار بين بقاء البشير في الحكم, أو تعريض البلد لخطر حقيقي بذريعة "جرائم البشير" فماذا يكون الخيار, دولياً, وعربياً, وسودانياً؟!

* نقلاً عن "العربية.نت"

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع