بقلم: هاني دانيال
قبل أن يُقر مجلس الشعب بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 72 بشأن مجلس الشعب الذي يقضي بتقسيم دوائر انتخابية إضافية لانتخاب 64 عضوًا يقتصر الترشيح فيها على المرأة، ويكون ذلك لفصلين تشريعيين بحيث ينتخب عن كل دائرة عضوان يكون أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين، وتحدد جميع هذه الدوائر طبقًا لقانون خاص بذلك، دعا البعض إلى تخصيص نسبة من مقاعد مجلس الشعب لصالح الأقباط خاصة وأن ما هو متعارف عليه في الدول الديمقراطية هو تشجيع الفئات المهمشة على ترشيح نفسها في الانتخابات.
الغريب في الأمر أن هذا الموضوع لم يُطرح على الإطلاق سوى بإشارة عابرة قام بها "محمد العمدة" عضو مجلس الشعب والذي اقترح تخصيص 20 مقعد للفئات المهمشة لتضم إلى جانب المرأة الأقباط والنوبيون، ورغم أنه جمع كل هذه الفئات في كفة واحدة لتسخيف القضية إلا أن الرد عليه كان التقليل منه ومن فكرته والتأكيد على أن الأقباط لا يحتاجون لكوتة من هذا الموضوع وتفرغ لمهاجمة العضو على اقتراحه كل من الدكتورة "جورجيت قليني" و"ابتسام حبيب" عضوي مجلس الشعب المعينين!
والأغرب هنا أن مَن دافع عن هذا التعديل لصالح المرأة اعتمدوا على أن ذلك تحفيز للمرأة في مواجهة مناخ ذكوري لا يعطي المرأة حقها،مع وضع كافة الضمانات لعدم الطعن في دستورية هذا المقترح وتخصيص الاقتراح لفصلين تشريعيين -أي أنه سيستمر فقط 10 سنوات- وغيرها من الضوابط حتى لا يتم التلكؤ في تعطيل المقترح وهو ما يثبت ويؤكد بما لا يدعو مجال للشك في أن حكومتنا الموقرة وأساتذة القانون الدستوري حينما يريدون شيئًا يمكنهم فعله!
وإذا كان نظرة هؤلاء للمرأة تؤكد الحاجة إلى تغيير الأوضاع الراهنة وتحسين وضع المرأة في المجتمع، أين نظرتهم للأقباط؟؟ فنحن شبعنا من الكلام المعسول في أن الأقباط شركاء في هذا الوطن ويتمتعون بكافة حقوق المواطنة وأنه لا فرق بين مسلم ومسيحي في الانتخابات، وأن هذا الحق متاح للكافة في حين أن الواقع المعاش يكشف عكس ما يتم ترديده دون أن يمتلك أحد شجاعة المطالبة بالتغيير خاصة وأن المناخ الخاطئ الذي يرفض ترشيح المرأة هو نفسه المناخ المريض الذي يرفض ترشيح الأقباط.
نعلم أن هناك مَن يعترض على مشاركة الأقباط بنظام الكوتة حتى لا يرسخ ذلك شعور بالأقلية لدى الأقباط ويؤكد لهم أنهم أقلية مقابل أغلبية من المسلمين أو يعتمد على ذلك الأسلوب لتعويض التمثيل القبطي المحدود في كافة المناصب، وهناك مَن يرى أن الكوتة حل لمشكلة تمثيل الأقباط في البرلمان في حين سيظل هذا التمثيل غير المناسب مستمرًا في أماكن أخرى مثل الجامعات والكليات والهيئات القضائية والمناصب المهمة في الشرطة والقوات المسلحة!
ربما كان من المهم هو البحث عن طريق مناسبة لتمثيل الأقباط، فهناك مَن يطالب بالقائمة النسبية وهناك مَن يرى ضرورة تغيير المناخ الطارد، وهناك من يطالب بتعزيز مدنية الدولة، وهناك مَن يدعو لتغيير المناهج التعليمية وبرامج الإعلام لتخاطب المواطنين بشكل مساوِ دون التمييز بين مواطن وآخر بسبب الدين أو الجنس، وهناك مَن يطالب بتنفيذ هذه المطالب مجتمعة، أما أن يستمر الوضع بما هو عليه دون تغيير فهذا هو الخلل بعينه.
فهناك عدد كبير من الأقباط ينظرون إلى الأقباط المعينين بقرار من رئيس الجمهورية بأنهم لا يعبرون عن الأقباط وأن هناك دول فئ المنطقة سبقت مصر في السماح للفئات المهمشة والأقليات بتمثيل عادل، وخاصة إيران التي تسمح لكل 100 ألف من أقلية معينة بمقعد في البرلمان وهو ما يكشف عن تراجع رهيب وعدم المساواة بين المواطنين في الانتخاب والترشيح. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|