بقلم: عبد المنعم عبد العظيم
قراءة جديدة فى اوراق قديمة صراع الابراج الفلكية الفرعونية والكنيسة الكاثوليكية كتب / عبدالمنعم عبدالعظيم فى عام 1793 الف العالم القرتسى ديبوى بعد دراسته لرسوم البروج الفلكية على معابد دندرة واسنا كتابا استنتج فيه من علامات على هذه البروج ومن حساب قام بحسابه ان المصريون القدماء هم اول من عرفوا علوم الفلك و البروج السماوية وان عمر هذه الابراج الفلكية المصرية يبلغ من 13 الى 15 الف سنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام واستنتج من هذا ان الحضارة المصرية عمرها اكثر من خمسة عشرة الف سنه قبل الميلاد. وبعد ذلك بسنوات وفى عام 1798 غزا نابليون بونابرت مصر وزار فيلقه العلمى الصعيد فى حملة ديزية الشهيرة للقضاء على فلول المماليك فشاهدوا برجين فى سقف معبد دندرة وبرجين اخرين فى معبد بالقرب من اسنا .
ولاحظوا ايضا ان قواعد التقسيم فى هذه الابراج واحدة ولكن العلامات ومواقع الكواكب مختلفة ففى اسنا تبدء ببرج العذراء وفى دندرة تبدء ببرج الاسد وارجعوا هذا الاختلاف الى اختلاف وقت بناء هذه المعابد فقال العلماء ان معبدى اسنا يرجعان الى سبعة الاف سنه ومعبد دندرة يرجع تاريخه الى اربعة الاف سنه نشرت هذا الخبر جريدة المونيتور التى كانت تصدرها الحملة من القاهرة فى عددها الصادر فى 18 اغسطس 1800 وقالت الجريدة ان معابد اسنا ودندرة تعد من احدث المعابد المصرية القديمة . كان مجرد نشر هذه الحقائق ثورة على المعتقدات الدينية السائدة حول تاريخ خلق العالم .
كما جاء فى اسفار العهد القديم ققى تسلسل الاجيال منذ خلق الله ادم علية السلام الى نوح عليه السلام ذكرت التواره اعمار هؤلاء الانبياء فاستنتجوا طبقا للقراءة التوراتية قى النسخة العبرية ان مجموع الاعمار من ادم عليه لسلام الى ابراهيم عليه السلام 2023 سنه وفى النسخة السامرية يبلغ مجموع هذه الاعمار 2324 سنة والنسخة السبعينية تبلغ 2389 سنة وبهذا تكون اقصى مدة قدرت من خلق الانسان على الارض الى رسالة السيد المسيح عليه السلام 5589 سنة ولما كانت هذه النسخ هى النسخ المقدسة من التوراة اعتبرت الكنيسة ان هذه الارقام قضية مسلم بها لايجوز الاختلاف حولها وجعلتها من العقائد المقدسة . هذاالتصور اخذ يصطدم بحقائق التاريخ المصرى وعراقته.
وانقسم العلماء الى فريقين فريق يقول ان الاثار المصرية تثبت ان خلق الانسان اقدم من الزمن الذى حددته التوراة منهم ديبوى وبورخارت وريمى ريج وجولو وديلفيرز اما الفريق الثانى فكانت تقوده الكنيسة ويتزعمة الاب تيستا سكرتير البابا فى روما ويعاوته فيسكونتى والاب جريبو والقسيس هالما ولترون وغيرهم ىيصرون على الازمنة التوراتية باعتبارها نصوص الهية لايجوز نقضها . واستمرت المعركة سجال بين الفريقين خمسة وعشرون عاما اخرج كل واحد من هؤلاء العلماء عدة كتب كان موضوعها الابراج الفلكية والحضارة وفى خضم هذه المعركة اخذت ابن احد اعضاء مجلس النواب الفرنسى ويدعى ليلورين نشوة المعركة فاستطاع نقل برج دائرة الافلاك الموجود بمعبد دندرة من مكانه الى مرسيليا بفرنسا ولم تبق جريدة لم تنشر خبر وصوله
والتف الناس حول هذا الاثر المصرى العريق مما ازعج رجال الكنيسة ثم نقل البرج الى باريس واخترق شوارعها فى موكب مهيب وحافل وضن به اصحابه ان يبتذل فلم يعرضوه على الجمهور وقصروا مشاهدته على العظماء وكتب الكاتب الفرنسى كاميل لاجيى يصف شغف باريس بالبرج : هذا البرج الذى كان يظهر ويختفى فى ان واحد صار معبود المتحدثين فى الصالونات وفى اماكن الرياضة وفى كل مكان فما كنت تسمع غير سيدة تقول لصاحبتها ارايت البرج ياعزيزتى او رجل يقول لصاحبه ماريك ياخى فى البرج والفت الحكومة الفرنسية لجنه لفحص البرج وقررت اللجنة انه غير مزيف واشترته حكومة لويس الثامن عشر ووضعته فى متحف اللوفر وبلغت المعركة حدتها واتهموا البرج بانه اداة لبث الالحاد وانكار الدين وظل الاب تيستا يناضل لاثبات صحة التاريخ التوراتى .
وركز على دراسة البروج نفسها ليهدمها وكان علماء الحملة الفرنسية قد عادوا الى فرنسا ونشروا الصور والرسوم التى جلبوها معهم ومنها صور معبدى اسنا ودندرة ضمنوها كتاب وصف مصر وفى هذا الوقت نجح شامبليون فى فك رموز اللغة الهيروغليفية من على حجر رشيد واثبت ان جزء من معبد دندرة بنى فى عصر كيلوباترا وابنها قيصرون والجزء الاخر بنى فى عهد الامبراطور اغسطس اما معبدا اسنا فقد بنيا فى عهد الامبراطور كومود واثبت فى الوقت نفسة ان الابراج حديثة ترجع الى العصر الرومانى واعتقدت الكنيسة انها انتصرت وبدات حملة عنيفة على مصر وتاريخها قاد هذه الحملة الاب جيرين دى روشى الذى الف كتابا عنوانه التاريخ الصحيح للعصور الخرافية هاجم فيه مصر تاريخ وحضارة ويقول فيه ان الملك مينا موحد القطرين هو نوح ومن خلفه من ملوك مصر هم ابناء نوح وظل يبث الاكاذيب ليجرد مصر من تاريخها ويحوله الى تاريخ توراتى مثل ما تحاوله اسرائيل الان لدرجة انه واصل افتراءاته وقال اان المؤرخين مانيتون وديدور الصقلى وهيردوت لم يقعلوا اكثر من انهم وضعوا التوراة امامهم ثم جعلوا ياخذون منها ويخترعون
ورغم ان شامبليون ارجع تاريخ بناء معبدى اسنا ومعبد دندرة الى العصر الرومانى الا انه وبعد زيارة لمتحف لورين والمتاحف الايطالية الاخرى ليدرس مجموعاتها الاثرية وبردياتها وقابل شامبليون الاب تيستا والبابا ليون السادس عشرواعيان روما واطلقو عليه لقب المصرى ورغم ادراكة لحقيقة افتراء رجال الكنيسة على التاريخ المصرى لم يتحدث الا فى رسائل خاصة الى اخيه عن الحقائق التى اثبتها بحثه فمجدته الكنيسة وكرمه بابا روما وبينما شامليون يتمتع بكل هذا المجد خرج امين متحف تورين ليقول ان دراسة الاثار والعلوم المصرية تهدم الاسس التى تقوم عليها الديانه وتدمر سلطان التوراة وخرج ايضا الاب ميشيلانج لانسى ينذر ان علوم المصريات التى يعلمها شامبليون تخالف التوراة وتعاليم الكنيسة ورحل شامليون بعد ذلك الى مصر ليرى بعينه مافيها من اثار ويقرأ ماعليها من كتابات واصبح يملك مجموعة من البراهين كل واحدة منها يهدم عقيدة الكنيسة.
ويثبت ان الحضارة المصرية اقدم من التاريخ الذى ترى الكنيسة ان التوراة حددته لخلق العالم وبعد ان مات شامليون اعتقدت الكنيسة ان الاسرار التى كشفها واخفاها احتراما لعهد قطعه معها طويت بموته خرج عالم المصريات عمانويل دى روجى فىعام 1846لينقض اراء الكنيسة فى عام 1863 قال : لقد وجدت فى الاتجيل اسبابا قيمة للاعتقاد بتقديس المسيح وهى فى نظرى اسباب كافية فلست اجد معها محلا للبحث فى اسياب اخرى ولكن العلم يستطيع ان يسلك طريقه دون ان يمس عقيدتى المسيحية اضاف ان البعض يستخدم يعض كنابات المصريون القدماء من غير ان يفهموها وهم لذلك يظنون انهم واجدون فيها قصصا من التوراة مشوهة تشويها مكشوفا فالنقد السليم قد قضى منذ زمن طويل على المؤلفات من هذا النوع والتى قامت على اساس الرغبة فى مسايرة الاوهام وهناك غير هؤلاء قوم لايترددون فى ان ينكروا صراحة قواعد علمنا ويدعوا انه وهم وبعد ان يتخلصوا يهذه الطريقة من هذا العنصر المربك لهم يؤكدون بجراة اته لايوجد فى مصر اى بناء اثرى يمكن ان يكون اقدم من سنه 1012 ق م فعلى هؤلاء نرد بالكلمة التى كتبها مصرولوجى انجليوى كبير وهى : ما ابعد الجاهل عن سبيل العذر فى جهله اذا كانت الوسائل لمحو هذا الجهل فى متناول يده .
ثم اشار دى روجى الى الذين يرون بنية حسنة ان ارقام التوراة سور لايصح تخطيه ثم قال : ان مبادئنا لاتسمح بان نتهم المسيحية بانها تتزعزع اركانها من جراء تقدم علم ايا كان ونحن على تمام اليقين من ان سلسلة التواريخ المصرية مهما كان القدم الذى تنقلنا اليه ستاخذ مكانها فى العلم الحديث بجانب العلم الذى يبحث فى القوانين الخاصة بسير الكواكب وبجانب العلم الذى يبحث فى كيفية تكوين طبقات ارض من غير ان يكون ذلك مسيئا للدين المسيحى وبينما كانت هذه الصيحة تدوى فى فرنسا كانت صيحة مثلها تدوى فى انجلترا على يد لى بيج رينوف وكان ليبسوس قد جمل علم المصرولوجيا فى المانيا ثم ظهر لينومان فى فرنسا فى عام 1880 فعزز الحملة حينئذ لم تقو عقيدة الكنيسة على الثبات فانهاوت البقية الباقية منها ولما بلغ الامر هذا الحد عادت الكنيسة الى التوراة ترجع البصر فيها ففكرت .
وفكرت ثم اهتدت فجاة الى انها اخطات فى اعتبارها تلك الارقام التى فيها مقدسة وفى استخراجها منها الحساب الذى استخرجته وعددت الكنيسة اسباب كثيرة تسببت فى هذا الخطا نذكر منها سببين : الاول ان كل نسخة من نسخ التوراة الثلاث اختلفت فيها الارقام عن الاخرى فى جملتها وتفصيلاتها فهذا الاختلاف وحدة يمنع من ان تكون مقدسة والثانى ان التوراة حبن تقول ان فلانا ولد فلانا لايكون مرادها ان الثانى ولد للاول مباشرة من غير ان يكون بينهما جيل او اجيال بل المراد فقط ان الثانى نسل للاول بحيث يكون ابنا او حفيدا او ابعد من حفيد اذن يكون من الخطا ان تجمع الارقام التى فى التوراة ليقال ان مجموعها هو الزمن الذى انقضى بين ادم ونوح ثم بين توح وابراهيم ثم بين ابراهيم وعيسى ثم ليقال ان هذا هو الزمن الذى انقضى على خلق الانسان وبهذا التفسير خرجت الكنيسة من الصدام مع علوم المصريات وبه ايضا اعلنت انها كانت على خطا فى تحدبدها السنين التى كانت تحددها لخلق الانسان وبه ايضا اعترفت بهزيمتها امام التاريخ المصرى ولكن هذا الاعتراف لم ياتى الا بعد معركة حمى وطيسها واننشغلت بها اوربا من سنة 1763 الى سنة 1880 وجاء العلم الحديث ليدلل على وجود الانسان على الارض منذ بضعة عشرات الالوف من السنين البعض قدرها بنحو اربعين الف سنة والبعض بخمسين الف سنه وهناك من يقدرها باكثر من ذلك
Monemazim2007@ yahoo.com |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|