CET 00:00:00 - 11/06/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدي جورج
لا يصح أن ندخل إلى القرن الواحد والعشرين ونحن لا زلنا نعيش كأقباط بدون تمثيل حقيقي، ولا يعقل أن يقتصر تمثلينا على نائب واحد منتخب هو د. يوسف بطرس غالى والذي لولا مساعدة الدولة له لما نجح، ولا يعقل أيضًا أن ننتظر في نهاية كل انتخابات أن يمن علينا رئيس الجمهورية بعدد من النواب المعينين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة وأغلبهم لا رأي لهم ولا صوت نسمعه في كل ما يجرى للأقباط.

والآن مع تعالي بعض الأصوات وظهور بعض البوادر على أن النظام سيقرر شيء ما في موضوع تمثيل الأقباط لما لمسناه ولمسه الجميع من أن كل الطرق السابقة التي جربناها في مصر لم نكن فعالة في تمثيل الأقباط:

1- فالإنتخابات بالطريقة الفردية التي جربناها أكثر من مرة والتي رأينا أن من مساؤها:

* سهولة شراء المقاعد بشراء الأصوات وهذا يتيح تغلغل أصحاب رؤؤس الأموال الساعين لتحقيق مصالحهم.
* غياب أي تمثيل حقيقي للأحزاب وغياب الإلتزام الحزبي.
* ضعف تمثيل الأقليات وعلى رأسهم الأقباط وضعف تمثيل المرأة.


2- والانتخابات بالقائمة سواء كانت مطلقة أو نسبية والتي يقول الكثيرين أنها أفضل من الطريقة السابقة، وهذا إن كان صحيح إلى حد ما حيث يتيح تمثيل الأحزاب ويتضمن إلى حد ما نوع من الإلتزام الحزبي الذي نفتقده في الإنتخابات الفردية، إلا انه لا يتضمن على الإطلاق حسن تمثيل الأقباط أو أي أقليات أخرى أو حسن تمثيل المرأة، حيث أن أي حزب لن يخاطر في جو الطائفية المستشري وجو الأمية الثقافية والسياسية السائد بوضع أي قبطي على رأس قائمته حيث سيخاف من سقوط قائمته بأكملها.

ووسط هذه الأجواء قرأت اليوم خبرًا بجريدة المصريون الإلكترونية يقول إن النائب محمد العمدة قد تقدم باقتراح إلى مجلس الشعب يطالب بزيادة عدد مقاعد مجلس الشعب بمائة مقعد -أي إلى 544 مقعد-، على أن توزع هذه المقاعد المائة على خمس فئات وهي الأقباط والنوبيين والمحالين إلى التقاعد من أبناء القوات المسلحة ورجال القضاء، إضافةً إلى مزدوجي الجنسية، بواقع 20 مقعدًا لكل فئة. أي أن يكون نصيب الأقباط بالضبط هو 0.036 أي اكثر قليلاً من ثلاثة ونصف بالمائة، ونعود كما كنا سابقًا للشكوى من ضعف تمثيل الأقباط وذلك بسبب الجوقة التي تحاول في كل مرة يصدر فيها قرار لصالح الأقباط بأن تفرغه من مضمونه كما يفعل هذا الرجل الذي تقدم بهذا الاقتراح لمجلس الشعب، وأظن أنه لم يتقدم بهذا الاقتراح من نفسه بل أن هناك جهات وراءه شجعته على ذلك.

وإذا كانت الدولة فعلاً تريد الحل فإنه لا بد من خطوة جريئة تتيح تمثيل حقيقي للأقباط وهذه الخطوة تتمثل في الآتي:
إعطاء الأقباط كوتا بنسبتهم العددية في مجلس الشعب والإبقاء على مجلس الشعب كما هو من ناحية العدد، ولو افترضنا أن عدد الأقباط يتراوح بين 10% كما تقول الدولة وبين 20% كما يقول الأقباط ولو أخذنا رقم تقريبي بين الاثنين أي 15 % إذًا يجب على الدولة أن تقوم بإغلاق 15 % من الدوائر الانتخابية أي ما مجموعه 33 دائرة في أماكن التجمعات القبطية على امتداد أنحاء الجمهورية كي يتنافس بها مرشحي الأقباط فقط، ويقوم الناخبون أقباطًا ومسلمين في هذه الدوائر باختيار الأصلح منهم وهذا سيؤدي إلى نجاح 66 نائب قبطي منتخب انتخاب حر.

 والفكرة التي نتحدث عنها تتضمن الآتي:

أولاً لها أكثر من ميزة:

* أنها تتيح تمثيل عادل وحقيقي للأقباط فيشعر المواطن القبطي أن لصوته ثمن ومعنى وهذا يشجعه على المشاركة والإيجابية التي تعود على الوطن بالفائدة.
* أنها تشجع على التآلف والتعاضد بين المسلمين والأقباط حيث سيخرج المواطن المسلم في تلك الدوائر ليختار بين أكثر من مرشح قبطي وهذا يشجع على قبول الآخر.
* أنها تشعر النائب القبطي المنتخب أن هناك جمهور سيسأله عن أدائه ودوره في علاج مشاكله فيهتم بإرضاء هذا الجمهور وليس إرضاء وتحقيق مصالح من يعينه كما يجرى حاليًا.


ثانيا سبق تطبيقها في مصر:

* فعندما قامت ثورة يوليو 1952 ووجدت أن السلطة والثروة في أيدى الإقطاعيين وملاك الأراضي حاولت علاج ذلك بقوانين جريئة عن طريق النص على ضرورة تمثل العمال والفلاحين بما لا يقل عن 50 % في جميع المجالس النيابية، فأي دائرة انتخابية لا بد أن يكون هناك نائب على الأقل من بين الاثنان الفائزين بتمثيلها في مجلس الشعب.
* إن الدولة في مصر حددت نسبة 2% كوظائف للمعوقين في الجهات الحكومية كي يسهل اندماجهم في الحياة العملية.
* إن هناك أنباء كثيرة تقول أن هناك كوتا للمرأة ستقرر قريبًا في مجلس الشعب.
فهل حلال على العمال والفلاحين والمعوقين والمرأة أن يحصلوا على التمثيل المناسب وحرام على الأقباط؟

ثالثا سبق تطبيق هذه السياسات التمييزية في دول العالم المختلفة:

* الأردن حيث خصصت في مجلس النواب 12 مقعد للأقليات هناك منها 9 للمسيحيين و3 للشركس دون أن يخرج احد هناك مزايدًا على الدولة ورافضًا هذا الأمر رغم قوة تيار الإخوان المسلمين هناك.
* باكستان حيث أنها خصصت 5% للأقليات المسيحية والبوذية والهندوسية هناك ولم يخرج أحد مطالبًا بإلغاء هذه الحقوق خصوصًا للهندوس خاصة مع حالة الحرب المستمرة بين الهند وباكستان.
* الولايات المتحدة التي وجد القائمين على حكم البلاد هناك أن حقوق السود منتهكة لديهم فكان لديهم الشجاعة أن يصدروا قوانين التمييز الإيجابي التي تتيح للسود تبوأ أفضل المراكز في الأماكن المختلفة، وكان من نتيجة هذا أن بارك أوباما الأسود ذو الأصول الإسلامية تمكن من الوصول إلى منصب رئيس البلاد ورأينا كولن باول يصل إلى رئاسة الأركان الأمريكية وإلى وزارة الخارجية ولم يخرج أحدهم مشككًا في ولاء هذا أو ذاك لبلده، ورأينا كذلك كونداليزا رايس تصل إلى رئاسة مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية وغيرهم الكثيرين، فهل يأتي اليوم الذي نرى فيه قبطي يصل إلى منصب رئيس الجمهورية أو منصب وزير الدفاع في بلادنا؟


وهذه الفكرة حتى لا يتهمنا أحد بالطائفية والتطرف "فهذه الفزاعة التي يستخدمها من لا يريدون إعطاء الأقباط حقوقهم نظن أنها أصبحت موضة قديمة أكل عليها الدهر وشرب" بعيدة كل البعد عن الطائفية حيث كما قلنا أنها:

- تعني أن يقوم المسلم بالاختيار بين المرشحين المسيحيين كما يفعل المسيحي في الدوائر الخارجة عن دوائر الكثافة القبطية بالاختيار بين المرشحين المسلمين.

- هي فكرة مؤقتة (تمامًا كما تصدر الأصوات الآن منادية برفع المادة القائلة بضرورة احتواء مجلس الشعب على ما لا يقل عن 50 % عمال وفلاحين بعد خمسين سنة من تطبيقها) فمهما طالت مدة تطبيقها إلا انه سيأتي اليوم الذي سيتعود فيه الناخب المسلم على اختيار المرشح المسيحي دون النظر إلى ديانته ودون الاهتمام بالفكر الطائفي المستشري الآن الذي يقول أنه لا ولاية لغير المسلم على المسلم.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٥ تعليق